صوّت مجلس النواب الفرنسي، مساء الخميس، على مشروع قانون يدين اتفاقية 1968 الموقعة بين فرنسا والجزائر، والتي تنظم شروط إقامة وتنقل الجزائريين في الأراضي الفرنسية.
وجاء تصويت مجلس النواب الفرنسي بفارق صوت واحد فقط، ما يعكس الانقسام الحاد داخل البرلمان الفرنسي حول ملف الهجرة.
وقد تم تمرير المشروع الذي تقدّم به حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بدعم من نواب حزبي الجمهوريون وأوريزون، رغم أنه غير ملزم تشريعياً ولا يغيّر الوضع القانوني للاتفاقية فعلياً.
خلفيات سياسية وتاريخية
اتفاقية 1968 بين البلدين وُقعت بعد ست سنوات فقط من انتهاء حرب الجزائر، في وقت كانت فرنسا تسعى فيه لتعويض النقص في اليد العاملة، ما سمح بفتح أبواب الهجرة أمام آلاف الجزائريين.
وتنص الاتفاقية على تسهيلات خاصة للمواطنين الجزائريين، منها منح تصاريح إقامة طويلة الأمد تصل إلى عشر سنوات عبر إجراءات مبسطة مقارنة بجنسيات أخرى، الأمر الذي تعتبره بعض التيارات اليمينية “تمييزاً غير عادل” ضد الفرنسيين وضد المهاجرين من دول أخرى.
موقف اليمين المتطرف
زعيمة حزب التجمع الوطني، مارين لوبان، رحّبت بنتيجة تصويت مجلس النواب الفرنسي، معتبرة أنها "رسالة سياسية واضحة إلى الحكومة الفرنسية بضرورة مراجعة الاتفاقية القديمة التي لم تعد تتماشى مع واقع اليوم"، حسب تعبيرها.
وأضافت لوبان أن استمرار هذه الاتفاقية “يمنح امتيازات استثنائية لمواطني بلد لا يلتزم دائماً بالتعاون في ملفات الترحيل والهجرة غير الشرعية”، داعية الحكومة إلى “أخذ التصويت بعين الاعتبار” والعمل على إعادة التفاوض مع الجزائر.
ردود أفعال وتحليلات
من جهتهم، انتقد نواب اليسار الفرنسي القرار ووصفوه بأنه خطوة رمزية تهدف إلى كسب نقاط سياسية على حساب العلاقات الدبلوماسية.
وقال النائب الاشتراكي بوريس فاليه إن "الاقتراح لا يقدم حلولاً عملية لأزمة الهجرة، بل يهدف إلى تأجيج الخطاب المعادي للأجانب".
في المقابل، رأى محللون أن التصويت يمثل مؤشراً على تصاعد النزعة القومية داخل البرلمان الفرنسي، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات المقبلة، ما يجعل ملف الهجرة أحد أبرز أدوات الدعاية السياسية.
انعكاسات محتملة على العلاقات الثنائية
تأتي هذه الخطوة وسط توتر متصاعد بين باريس والجزائر بسبب ملفات الهجرة والذاكرة الاستعمارية.
ويرى مراقبون أن التصويت، رغم رمزيته، قد ينعكس سلباً على التعاون الأمني والهجرة الشرعية بين البلدين، خاصة أن الجزائر تُعد شريكاً أساسياً في مكافحة شبكات الهجرة غير النظامية.
ومع أن القرار لا يحمل قوة قانونية، إلا أنه يشكل ضغطاً سياسياً متزايداً على الحكومة الفرنسية لإعادة النظر في واحدة من أقدم الاتفاقيات الثنائية وأكثرها حساسية، في وقت تتزايد فيه الأصوات المطالبة بـ"سياسة هجرة أكثر تشدداً".











0 تعليق