في مشهد تاريخي استثنائي، احتضنت مصر اليوم قمة السلام الدولية في شرم الشيخ، واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي زعماء ورؤساء دول من مختلف القارات، في أجواء تمزج بين الرمزية والدبلوماسية. هذه القمة ليست مجرد لقاء دولي، بل رسالة بأن مصر عادت لتستعيد موقعها القيادي في الشرق الأوسط، وأنها منصة تجمع الأطراف المتنازعة على أرضها لتحقيق تفاهمات تتجاوز اللحظة الراهنة.
زخم الحدث – من حضارات مصر إلى منصة السلام
إليكم الآن تقرير لتحيا مصر عن هذا الحدث الاستثنائي الفريد يلخص المشهد القادم ليكون إرث للتاريخ وللاجيال الجديدة
في صباح يوم الاثنين 13 أكتوبر 2025، بدأ مشهد الوصول إلى شرم الشيخ كأنه مشهد من تاريخ تُكتب بداخله فصول جديدة. طائرات رؤساء وقادة وصلت إلى مطار شرم الشيخ، والساحات المحيطة بالقمة انتشرت بها أعلام الدول المشاركة، ولافتات ترحب بـ «قمة السلام».


مصر، التي لطالما كانت مسرحًا للقمم والمبادرات الدبلوماسية، ها هي اليوم تُعد استضافة تضعها في قلب عملية السلام، وتُرسي رمزية تقول إن شرم الشيخ عادت إلى واجهة الأحداث الكبرى.
دعوة مصرية رفيعة وأجندة القمة
تصميم هذه القمة جاء برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي اختار أن تكون مصر المضيفة والمحاور، ليس فقط من موقع البلد المضطلع بدور الوسيط، بل باعتبارها الضامن والمحرّك لهذا المسعى.
وفقًا للإعلانات الرسمية، يشارك أكثر من عشرين قائدًا وزعيمًا عالميًا، من رؤساء وحكومات، بينهم فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، ألمانيا، تركيا، إسبانيا، إلى جانب قادة من دول عربية وإقليمية.
الهدف مركّز على نقاط محورية: تثبيت الهدنة المتحققة مؤخرًا بين إسرائيل وحماس، إطلاق خطة سلام شاملة، وإقرار آليات إعادة إعمار غزة، مع التركيز على ضمانات الاستقرار المستدام في المنطقة.
غياب إسرائيل وحماس – دلالات وتفسير
وعلى الرغم من الدعوات الموجهة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه لن يحضر القمة، مبررًا ذلك بتزامنها مع مناسبة دينية يهودية (عيد سيمحات توراة).


كما أن حركة حماس لم تُشارك بشكل مباشر في الجلسات، مما يُعطي القمة طابعًا دوليًا بحتًا، أكثر من أن تكون اتفاقًا ثنائيًا بين أطراف النزاع الفعليين.
هذا الغياب يحمل دلالات مزدوجة: من جهة، يُظهر أن بعض الأطراف ما تزال تراوح موقف الحذر؛ ومن جهة أخرى، يمنح القمة حرية أكبر للمجتمع الدولي لوضع معالم الأطر المؤسسية للسلام دون شروط أولية مطلقة.
مصر تكتسب الرئاسة الرمزية – محفّز النفوذ الإقليمي
العودة إلى المشهد الدبلوماسي بهذه الصورة جعلت مصر تُستعاد مكانتها كقوة توازن إقليمية. فقد انعكس هذا بوضوح في تغطيات الصحف العالمية التي أشادت بأن مصر "تعود عاصمة السلام"، أو أنها تستعيد دورها المحوري في جمع الفرقاء.
كما يرى مراقبون أن استضافة هذه القمة تُعد إنجازًا دبلوماسيًا كبيرًا للرئيس السيسي، يُمكّنه من أن يُعزّز نفوذ القاهرة في القضايا العربية والإقليمية، لا سيما القضية الفلسطينية.
وفي ذات السياق، أشارت صحيفة “الجورنال” الإيطالية إلى أن مشاركة رئيسة وزراء إيطاليا تعكس الدور المتنامي لروما في الجهود الإنسانية والتنموية ضمن الخطة الكبرى للسلام.
مؤشرات القوة المصرية – التنظيم والالتزام والتوازن
من دلائل عظمة هذا الحدث:
القدرة اللوجستية: تأمين وصول القادة، التجهيزات الأمنية، البنى التحتية الخاصة بالقمة، استقبال وسائل الإعلام الدولية.
الحياد والدور الوسيط: تتمتع مصر بعلاقات مع الفصائل الفلسطينية، إسرائيل، والدول العربية، مما يمنحها مصداقية في إدارة الحوار.
رؤية إستراتيجية: اختيار توقيت الذروة بعد إطلاق سراح الرهائن وإعلان هدنة أولية، ليُعزَّز الأمل في تحول من الصراع إلى التفاوض.
ضغوط دولية وإشراك المنظمات العالمية: مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، وممثلي الاتحاد الأوروبي، ودول غربية تؤمن بأن الدمار في غزة وتحولها إلى أزمة إنسانية تضر الاستقرار الإقليمي.
صيغ التوقعات والتحديات – ما بعد القمة
التوقعات الإيجابية:
إذا نجحت القمة في تثبيت وقف إطلاق النار وإطلاق خطة تعافي وإعمار، فقد تبدأ مرحلة سياسية جديدة في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
إمكانية إشراك دول مانحة لإنشاء صندوق دولي لإعادة إعمار غزة، بمساهمة عربية وأوروبية، تحت مراقبة الأمم المتحدة.
فتح طريق دبلوماسي جديد لكسر انعزال قطاع غزة، وإعادة إدماج المؤسسات المدنية، وتحقيق شراكات اقتصادية تنموية في الضفة وسيناء.
تعزيز دور مصر كوسيط ضروري في أي اتفاق مستقبلي، مما سيُسهم في رفع مكانتها الدولية والعربية.
التحديات المحتملة:
الفجوة بين التوافقات النظرية والحقيقة الميدانية: هل ستُترجَم التفاهمات إلى خطوات على الأرض؟
الوضع الأمني في غزة والمناطق المحرّرة، والقدرة على اتخاذ قرارات بشأن الإدارة المحلية والأمن.
إمكانية عودة التصعيد إذا فشل أحد الأطراف في الالتزام بالاتفاق، أو إذا تراجع الدعم الدولي أو تغيرت موازين القوى.
الانتقادات والرفض من بعض التيارات التي ترى أن الحل لا يمكن أن يفرض على الأرض دون إشراك كامل للفصائل الفلسطينية.
آراء الخبراء وقراءات الصحف الدولية
رأى محللون في الصحف الغربية أن هذه القمة تمثل “منصة تجديد دبلوماسي” بعد سنوات من الجمود في الملف الفلسطيني.
ومن جانبها أشادت بعض وسائل الإعلام بأن استضافة مصر تؤكد أن القاهرة لا تزال اللاعب المحوري في الشرق الأوسط، حتى في ظروف عالمية معقدة.
وصرح خبير سياسي مصري قال في حوار مع صحفية إيطالية إن الرئيس عبد الفتاح السيسي بَنى جسم المبادرة على ثلاث دعائم: الشرعية الدولية، التوازن الإقليمي، وضغط المجتمع المدني والدولي.
في مقابل ذلك، بعض الكتاب انتقدوا أن القمة قد تظل خطة على الورق إذا لم تُصاحَب بضغوط دولية وفعل على الأرض، وأن غياب أطراف أساسية مثل إسرائيل قد يُقلل من جدّية النتائج.
هل سيكتب التاريخ باسم مصر؟
اليوم تُسجَّل صفحات تاريخية جديدة على أرض مصر؛ فشرم الشيخ، تلك المدينة التي ارتبطت بالقِمم والمشاطرة الدولية منذ عقود، قد تكون قدّمت نفسها كعاصمة سلام مؤقتة في لحظة تحوّل إقليمي.
الرئيس عبد الفتاح السيسي اختار أن يُجعل من مصر حيثًا يُحتضن فيه التباين، ويُعطى فيه صوت لكل من يريد السلام. ليس كمن يفرض، بل كمن يدعو ويُعقّب ويُترجِم.
إذا نجحت هذه القمة في أن تخرج بقرارات ملموسة، وفي أن تبدأ مرحلة تنفيذ، فقد يُقال في المستقبل إن هذا اليوم – 13 أكتوبر 2025 – هو اليوم الذي استعاد فيه العالم مصر كمركز القرار، وأن السلام الجديد في الشرق الأوسط بدأ من أرض العروبة، من قلبها: من مصر. وفيما يُكتب الغد، تظل الآمال معلقة بأن تكون هذه القمة حجر الأساس في بناء مستقبل أفضل، لا يُنسى فيه دور مصر وقائدها الذي راهن على السلام أكثر من الخوف من الحرب.
0 تعليق