تزخر شبه جزيرة سيناء، التي كانت قاحلة في السابق، وخاصةً مناطق مثل مدينة "سلام" شرق بورسعيد بشمال سيناء، بأصوات البناء والتفاؤل المتجدد.. مشاريع التنمية الضخمة، التي تنفذها الحكومة، لا تُعيد تشكيل التضاريس فحسب، بل تُحدث تحولًا إيجابيًا في حياة سكانها، مُوفرةً فرص عمل غير مسبوقة وإحساسًا ملموسًا بالتقدم بعد سنوات من المعاناة.
وصف أحد المقاولين المحليين الشباب، بحماس واضح، الجهود الحالية بأنها فترة "تكثيف وجهود كبيرة من الرئاسة ورئاسة الوزراء وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لتنمية شبه جزيرة سيناء"، وقال: "بصراحة، هذا جهد لم يكن موجودًا من قبل".
وقد ترجمت هذه المساعي التنموية بشكل مباشر إلى توفير فرص عمل هامة لشباب شمال سيناء، وأوضح قائلًا: "لقد أُتيحت فرص عمل لأهالي شمال سيناء، لا سيما مع إنشاء الجامعة التكنولوجية والجامعة الأهلية، وقد وفرت هذه المشاريع العديد من فرص العمل، بالإضافة إلى المشاريع الجارية التي وفرت فرص عمل واسعة للشباب"، وهو يتطلع شخصيًا إلى الاستقرار في المجمعات السكنية الجديدة قيد الإنشاء، قائلًا: "أنا شخصيًا أخطط لشراء وحدة سكنية هنا، فالتطوير حقيقي، نظريًا وميدانيًا - إنه جهد جبار".
يتردد صدى هذا الشعور لدى العاملين في الصفوف الأمامية من مشروعات االبنية التحتية، وأكد أسامة أحمد سليمان، سائق معدات ثقيلة من المجتمع البدوي المحلي، والذي يعمل وسط أكوام رملية تُجهّز للبناء، على التغييرات الإيجابية. وقال: "التنمية مستمرة - سكك حديدية، طرق، ومشاريع إنشاءات جديدة. نأمل في توفير المزيد من فرص العمل للشباب".
وعندما سُئل عن التشكيك في نوايا الدولة، كان أسامة واضحًا: "لا يوجد طمع في الأرض.. هذه تنمية.. الناس يريدون العيش والتنمية، الشباب يريدون فرص عمل"، وأشار إلى زيادة ملحوظة في التوظيف، مُقدّرًا نسبة توافر الوظائف الحالية بحوالي 80%، وهي زيادة كبيرة عن الأرقام السابقة.
كما سلّط أسامة، الحاصل على شهادة من معهد المساحة، الضوء على التقدم التعليمي قائلًا: "90% من الشباب هنا متعلمون ويُقدّرون التعليم، لم تكن الجامعات والمرافق المماثلة متاحة بهذا الشكل قبل عام 2020".
وشرح المهندس شادي رشدي، استشاري الطرق في مشروعات مدينة شرق بورسعيد، التحديات الأولية والنهج الاستراتيجي للمشروع، وقال: "واجهنا عقبات كبيرة، بدءًا من شق الطرق عبر الجبال والكثبان الرملية وصولًا إلى طبيعة الموقع النائية، وبفضل جهود الدولة وقيادة رئيس جهاز المدينة، تمكنا من استقطاب المقاولين والعمالة، وإقناعهم برؤية مدينة سلام لتصبح أكبر مدينة في شرق بورسعيد، على شاطئ البحر مباشرةً".
وأكد أهمية العمل التأسيسي، قائلًا: "نُنشئ البنية التحتية والطرق لتمهيد الطريق لمشاريع أكبر كالفنادق والمصانع"، وكان من العوامل الحاسمة في هذا التقدم تحسن الوضع الأمني، وأضاف: "في السابق، كان الوضع صعبًا بسبب الإرهاب، أما الآن، ولله الحمد، فقد انتهت هذه المشاكل، ويمكن للعمالة والمعدات الدخول والعمل بحرية وأمان"، وأشار إلى طريق مُعبّد حديثًا، وقال: "يربط هذا الطريق من طريق العريش إلى البحر، على مسافة تزيد عن 7 كيلومترات، مما يُسهّل الوصول".
ويسود شعورٌ بالارتياح والتفاؤل حتى بين من عانوا من أصعب الأوقات.. صمت سائق شاحنة من الرمانة لحظةً قصيرة، ثم شاركنا وجهة نظره من سيارته النقل: "العمل جيد، كل شيء على ما يرام. أنا سعيدٌ برؤية هذا". وقارن ذلك بالماضي تناقضًا صارخًا: "لم يكن هذا النوع من العمل متاحًا من قبل في عهد التكفيريين، كان مجرد موت، أما الآن، ومنذ ستة أو سبعة أشهر، أصبح العمل ثابتًا، عندما يسود الأمن، يصبح كل شيء متاحًا".
إن الصوت الجماعي من سيناء هو صوت تأييد للتغييرات الجذرية، فما كانت عليه المنطقة من ندوب عدم الاستقرار، تتحول بسرعة إلى مركز للتنمية، واعدةً بمستقبل أكثر إشراقًا قائم على البنية التحتية والتعليم، والأهم من ذلك، توفير فرص العمل والاستثمار لشعبها.