كم أنتِ عظيمة يا بلادي؟ وتتجلى عظمتكِ في إنبهار العالم بأحداثكِ، والدليل على عظمة مصر ومكانتها العريقة هو: إهتمام قادة وملوك ورؤساء دول العالم وتسارعهم في الإعلان عن حضور أي حدث على أرض المحروسة، وهذا ما شاهدناه ورأيناه بأم أعيننا في حدثين هامين متتاليين: الأول مؤتمر السلام في شرم الشيخ، والثاني في إفتتاح المتحف المصري الكبير، ومدى الإنبهار به حتى أخرجوا جميعًا هواتفهم المحمولة من شدة الفرح والسعادة لتصوير الحفل وتدوين هذه اللحظة التاريخية.
ولما لا؟ وهنا في مصر العظيمة ينام الزمن على وسادة من غبار، حفظ الأمانة وباح بالقليل القليل، صُدم بصوت مصري فصيح يهز أرواح العابرين: أنا «رمسيس»، ما كنت أبحث عن حرب بل عن مجد يُخلّد الأرض باسمها، وأعلم من بعدي أن القوة لا تُشترى بل تُصاغ بالعزيمة.
وأنا «نفرتيتي»، لم تكن ملامحي زينة بل وعدًا بالجمال الذي لا يزول، وإيمانًا بأن مصر لا تُرى بل تُحَس، هي رائحة النيل في الفجر، وصوت النخيل في الريح، هي المرأة حين تبتسم، والرجل حين ينهض من الرماد.
وأنا «إخناتون»، ذاك الذي حاول أن يُنصت للنور حين عمّ العمى، أن يعيد للإنسان صوته وسط ضجيج الملوك والسيوف، تركت القصور وبنيت مدينة للحلم، ثم مضيت وبقى الحلم شاهدًا أن مصر لا تطفئ فكرًا، بل تحفظه حتى لو دفنته الرمال.
أما أنا «توت عنخ آمون»، رقدت ألف عام في صمت من ذهب لكني أستيقظ اليوم لأرى أبناء النيل وقد سكن المجد في ملامحهم بين تجاعيد وعيون، وشعب له عزيمة تقول: «نحن الأهرامات للحجارة المتسلقة نحو السماء».
وأنا «حتشبسوت»، التي جعلت البحر طريقًا إلى العظمة، لم أكن امرأة في عرش الرجال، كنت مصر في هيئة جسد واحد.. يا أبناء اليوم، لقد ورثتم أكثر من أرض.. ليست مصر مهدَ الحضارة فحسب، بل هي روح التاريخ ذاته، ونبضُ الزمان حين أراد أن يدوّن نفسه بحروفٍ لا تزول.
حين فُتحت أبواب المتحف المصري الكبير، لم تُفتح فقط على قاعات الحجر والذهب والبردي، بل فتحت ذاكرة البشرية على مصراعيها لتتأمّل وجهًا لا يشيخ، وجه «مصر.. أم الدنيا» التي لم تمرّ عليها الحضارة، بل مرّت الحضارة منها وإليها، ففي هذا اليوم المهيب، يطلّ المتحف الكبير كجبلٍ من نورٍ عند سفح الأهرامات، وإتجهت أنظار الأرض إلى القاهرة، لا كمدينةٍ تُقيم حدثًا، بل كعاصمةٍ أبديةٍ للحكمةِ والجمال.
أتى الرؤساء وقادة العالم والملوك من الشرق والغرب، لا لمجرد احتفال، بل ليقفوا أمام أمةٍ تشهد لها الصخور قبل السجلات، وأمام تاريخٍ كتبَ نفسه على جدرانها بدم وعبقرية الإنسان المصري، إنه يومٌ إلتقت فيه الذاكرة الإنسانية كلها في قلبٍ واحد؛ من حضاراتٍ سكنت المتاحف الأخرى، أتت لتُحيّي أصلها الأول، ومن عواصمَ طوتها العصور، تتوافد القلوب لتُسلّم على مصر، التي لم تكن يومًا مشهدًا في كتاب التاريخ، بل كانت المؤلف الأول لتلك الملحمة الكبرى.
على رُخام المتحف المصري الكبير، تتناثر قصص الملوك، والعمال والبنّائين، والأمهات اللواتي قدّمن أبناءهن لبناء الأبدية في كل قطعةٍ من حجرٍ أو ذهبٍ أو برديٍّ مكتوبٍ بالحكمة، يهمس صوتٌ يقول: «هنا بدأت الحضارة.. وهنا تستمر»، لحظة مصرية خالدة، تُعيد إلى الأذهان مجد الأجداد، وتمنح الأجيال القادمة فرصة أن تشهد وتفخر وتقول: «تحيا مصر أم الدنيا».
ليست صدفة أن يُقام هذا الصرح عند سفح الأهرامات؛ فالمكان يختزل رسالة مصر الأزلية: «
أن العظمة لا تُشيَّد لتُرى، بل لتُورَث، وأنّ ما بنته الأيدي على ضفاف النيل ما زال يبني الوجدان في ضفاف الأرض كلها»، فبينما يلتقط العالم صور الإفتتاح، يلتقط المصريون لحظةُ فخرٍ لا تُقدّر بثمن، لأنهم يدركون أن ما يُعرض في المتحف ليس الماضي، بل هوية الأمة التي لم تنكسر رغم تغيّر الزمان.
في هذا اليوم العظيم، حين صافحت الحضارةُ الحديثةُ جذورَها الأولى، تشهد الأرض أن مصر لم تروِ التاريخ.. بل ربّته صغيراً، وعلّمته النطق والفنّ والفكر، ومن حول المتحف، تصدح الأصوات بلغاتٍ مختلفة، لكنّها تتفق في معنى واحد: «أن العالم مدينٌ لمصر، وأنه مهما تقدّم، سيظلّ يعود إليها ليجد ذاته الأولى».
سيبقى المتحف المصري الكبير شاهدًا جديدًا على أن روح مصر العظيمة أكبر من الزمن؛ فهي لا تُقاس بالعصور، بل بالعطاء، وحين تنطفئ أنوار المدن يومًا، سيبقى ضوء مصر مضيئًا مشعلًا لا يخبو، لأن في تاريخها من حِكمة الخلود ما يجعلها تبتسم في وجه الدهر كمن يعرف أن المجد وُلد باسمها.
مصر، أيقونةَ التاريخ، فحين فتح المتحف أبوابه للعالم، أُغلقت كلّ أبواب النسيان، وعلم الجميع أن الحضارة ليست ما نحتفظ به في القاعات، بل ما نحمله في القلب حين ننتمي إلى أرضٍ تُعيد تعريف الإنسانية كلّ يوم، وبهذا كتبت مصر من جديد فصلها «الأجمل»، لا في كتب التاريخ، بل في ذاكرة العالم أجمع.
مصر، أفتتحت واحدة من أعظم الصروح الثقافية في تاريخها الحديث، المتحف الكبير، ليكون بمثابة نافذة حضارية جديدة تُطل منها القاهرة على العالم، وتجسيدًا حيًّا لعبقرية الإنسان المصري الذي صنع التاريخ ويحافظ عليه، فمنذ آلاف السنين، كانت المحروسة مهد الحضارة ومصدر الإلهام للإنسانية، واليوم تعيد الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إحياء هذا الدور عبر مشروع وطني ضخم يُعد فخرًا لكل مصري ومصرية.
في نهاية الأمر، إننا أمام تجربة حقيقية واعية لتحقيق السلام ونشر الثقافة للشعوب يخوضها الرئيس عبدالفتاح السيسي بحكمة في ظل ظروف دولية صعبة.. ولذلك ومن أجل مصر والمصريين، أكرر وخصوصًا بعد الحدثين الجليلين الذي إستطاع الرئيس من خلالهما أن يضع مصر العظيمة في مكانتها العريقة بين دول العالم، وإنبهر بهما ملوك ورؤساء وقادة العالم وأشادوا بسببهما بقوة مصر وعظمتها، سأتقدم بطلب لمجلس النواب القادم في أول دور انعقاد له، وأطالبه بصفتي مواطن مصري وهم ممثلي الشعب، أن يتقدموا بطلب إحاطة (لتعديل «الدستور» لمنح الرئيس السيسي فترة رئاسية جديدة في ظل الظروف الراهنة)، وسوف أتابع هذا الطلب من الناحية القانونية والدستورية، وإن لزم الأمر سأقوم
ياسر حمدي يكتب: مصر حقًا أم الدنيا
ياسر حمدي يكتب: مصر حقًا أم الدنيا











0 تعليق