قفزة غامضة في الذهب.. الأسعار تتجاوز التوقعات مع تحركات خفية في السوق

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شهدت أسواق الذهب العالمية تحركات مفاجئة خلال الساعات الأخيرة، بعدما سجلت الأسعار قفزة غير متوقعة تجاوزت تقديرات المحللين، وسط حالة من الغموض تحيط بمسار السوق واتجاهات المستثمرين.

 وتأتي هذه القفزة في وقت تتشابك فيه العوامل الاقتصادية، من تغيرات أسعار الفائدة إلى اضطرابات العملات الأجنبية، ما يثير تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الارتفاع المفاجئ وما إذا كان مقدمة لموجة صعود جديدة أم مجرد تحرك مؤقت في سوق مترقبة لأي إشارة.

وارتفعت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الأربعاء، مع تمسّك الأسواق بنبرة حذر واضحة قبيل صدور قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، يأتي ذلك في وقت يتصاعد فيه التفاؤل بشأن انفراجة في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قبل القمة المرتقبة بين الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينج غدًا الخميس، بحسب تقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.

ارتفاعات محلية وعالمية ملحوظة

وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»: الذهب يرتفع عالميًا ومحليًا قبيل قرار الفيدرالي الأمريكي وسط توقعات بخفض الفائدة ، إن أسعار الذهب في السوق المحلية شهدت زيادة قدرها 75 جنيهًا خلال تعاملات اليوم، ليسجل جرام الذهب عيار 21 نحو 5400 جنيه، بينما ارتفعت الأوقية عالميًا بمقدار 60 دولارًا لتصل إلى 4020 دولارًا.
وسجل عيار 24 نحو 6171 جنيهًا، وعيار 18 نحو 4629 جنيهًا، في حين استقر عيار 14 عند 3600 جنيه، وبلغ سعر الجنيه الذهب 43200 جنيه.
وكانت الأسعار قد تراجعت أمس الثلاثاء بنحو 55 جنيهًا، حيث بدأ جرام الذهب عيار 21 الأسبوع عند 5380 جنيهًا قبل أن يُغلق عند 5325 جنيهًا، بينما انخفضت الأوقية عالميًا بنحو 29 دولارًا لتغلق عند 3960 دولارًا للأوقية.
الذهب يستعيد مستوى 4000 دولار للأوقية
عالميًا، شهد المعدن النفيس انتعاشًا طفيفًا اليوم الأربعاء، بعد ثلاث جلسات من التراجع، مستعيدًا مستوى 4000 دولار للأوقية، عقب هبوطه مؤقتًا إلى أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع قرب 3886 دولارًا. ويُعزى هذا الارتداد إلى عودة المستثمرين للملاذات الآمنة قبل صدور بيان السياسة النقدية من مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
تتوقع الأسواق أن يُخفض الفيدرالي الفائدة إلى نطاق 3.75%-4.00%، فيما يترقب المتعاملون تصريحات رئيس المجلس جيروم باول التي قد تحدد اتجاه السياسة النقدية للفترة المقبلة، وأي إشارة إلى دورة تيسير نقدي ممتدة قد تُحفّز مزيدًا من الطلب على الذهب، بينما قد تُقيّد النبرة الحذرة أي ارتفاعات إضافية.
ضغوط الدولار والعوائد
ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي إلى مستوى 98.88 نقطة منهياً خسائر استمرت يومين، كما صعد عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 1.6 نقطة أساس ليصل إلى 3.993%، وذلك في ظل محدودية البيانات الاقتصادية بسبب الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة.
رغم ذلك، أعلنت شركة ADP عن بدء إصدار تقديرات أسبوعية أولية للتوظيف، حيث أظهرت بياناتها أن القطاع الخاص الأمريكي أضاف نحو 14,250 وظيفة أسبوعيًا خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 11 أكتوبر.
كما أظهر تقرير مؤشر أسعار المستهلك (CPI) ارتفاع التضخم الرئيسي بنسبة 0.3% على أساس شهري في سبتمبر، أقل من التوقعات البالغة 0.4%، مما عزز توقعات مزيد من التيسير النقدي.
خلفية قرارات الفيدرالي وتحديات السياسة النقدية
في اجتماع سبتمبر الماضي، أشار الفيدرالي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي في النصف الأول من العام، مع تراجع نمو الوظائف وارتفاع طفيف في البطالة، بينما ظل التضخم فوق المستهدف.
وكان المحافظ ستيفن ميران المعارض الوحيد، مطالبًا بخفض أعمق بمقدار 50 نقطة أساس، ومن المتوقع أن يُعيد طرح هذا الموقف في اجتماع اليوم.
الذهب في قلب التوازنات الجيوسياسية
على الصعيد الجيوسياسي، تتجه الأنظار إلى لقاء ترامب وشي جين بينغ المقرر غدًا في قمة APEC، وسط آمال بعقد اتفاق تجاري متوازن بين واشنطن وبكين.
وقال ترامب في تصريحات الأربعاء: «الرئيس الصيني سيأتي غدًا، وآمل أن نتوصل إلى اتفاق جيّد للطرفين»، ما عزز موجة التفاؤل في الأسواق.
توقعات مؤتمر لندن: الذهب قد يختبر 5000 دولار للأوقية
على المدى المتوسط، أظهرت مؤشرات مؤتمر رابطة سوق لندن للسبائك (LBMA) لعام 2025 أن المتعاملين أصبحوا أكثر تفاؤلاً، متوقعين أن يختبر الذهب مستوى دعم قريب من 5000 دولار للأوقية بحلول العام المقبل.
ووفقًا لاستطلاع أُجري خلال المؤتمر، توقع المشاركون ارتفاع الأسعار إلى 4980.30 دولارًا للأوقية، أي بزيادة 25% عن المستويات الحالية، رغم التراجع الأخير دون 4000 دولار بعد موجة بيع أعقبت تسجيل أعلى مستوى تاريخي عند 4360 دولارًا.
أداء لافت للمعادن الثمينة
يُسجّل الذهب أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979، بارتفاع يتجاوز 50% منذ بداية العام، إلا أن البلاتين والفضة يتفوقان نسبيًا؛ حيث تُتداول الفضة عند 48 دولارًا للأوقية بزيادة 61%، بينما صعد البلاتين إلى 1591 دولارًا للأوقية بزيادة 93%.
وتُظهر بيانات المؤتمر أن 40% من المشاركين يتوقعون استمرار تفوق الذهب حتى عام 2026، بينما يُراهن 30% على البلاتين و21% على الفضة لتكون الأصول الأفضل أداءً العام المقبل.
البنوك المركزية تواصل شراء الذهب رغم تباطؤ الوتيرة
رغم تباطؤ الطلب الرسمي على الذهب في الأشهر الأخيرة بعد الارتفاع الحاد للأسعار، إلا أن البنوك المركزية ما تزال لاعبًا رئيسيًا في السوق.
فقد أبدى البنك المركزي الكوري الجنوبي اهتمامًا بزيادة احتياطياته من الذهب بعد توقف دام منذ عام 2013، بحسب ما أكده هيونج سون جونج، مدير إدارة الاحتياطيات في بنك كوريا.
وقال جونج: «نُراقب الأسواق العالمية لتحديد التوقيت المناسب للعودة إلى شراء الذهب باعتباره أداة تحوط طويلة الأجل».
كما كشف محافظ البنك المركزي في مدغشقر، أيفو أندرياناريفيلو، في مقابلة مع بلومبرج، عن نية بلاده رفع احتياطياتها من الذهب إلى أربعة أطنان بدلًا من طن واحد حاليًا.
وبحسب مجلس الذهب العالمي، اشترت البنوك المركزية 415 طنًا من الذهب في النصف الأول من 2025، بانخفاض عن 525 طنًا في الفترة نفسها من 2024، لكنها لا تزال فوق المتوسط التاريخي، ويتوقع المحللون أن تصل الزيادة السنوية إلى نحو 900 طن.
اتجاهات العام المقبل
أظهر المسح السنوي لمجلس الذهب العالمي أن 43% من البنوك المركزية تخطط لزيادة احتياطياتها من الذهب خلال العام الجاري، مقابل 29% العام الماضي، في حين يتوقع 95% من مديري الاحتياطيات استمرار النمو العالمي في حيازات الذهب خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة.
ورغم تراجع الأسعار مؤقتًا إلى ما دون 4000 دولار للأوقية، يتفق الخبراء على أن الذهب سيظل مدعومًا على المدى الطويل بفضل استمرار الطلب من البنوك المركزية والمستثمرين الأفراد، مما يُعزز موقع المعدن الأصفر كأصلٍ آمنٍ في مواجهة الاضطرابات الاقتصادية والسياسية العالمية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق