محاولة سطو على الضفة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

محاولة سطو، هو الوصف الأنسب لمصادقة الكنيست الإسرائيلى على مشروعَى قانونين يهدفان إلى فرض ما يُسمى بـ«السيادة الإسرائيلية» على الضفة الغربية المحتلة، وعلى المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية غير القانونية. وعليه، لم يفاجئنا الموقف الأمريكى الصارم، شكلًا، ضد مشروعَى القانونَين، الذى قيل إنه فاجأ الدوائر السياسية والإعلامية فى تل أبيب. ما فاجأنا، فعلًا، هو وجود مَن فوجئوا، الآن فقط، بالتفكيك الإسرائيلى الممنهج للبنية الفلسطينية الهشة، التى نشأت عن اتفاقات أوسلو.

بأشدّ العبارات، أدانت مصر و١٥ دولة عربية وإسلامية، مع جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى، فى بيان مشترك، ذلك الانتهاك الصارخ للقانون الدولى وقرارات مجلس الأمن، خاصة القرار رقم ٢٣٣٤ الذى يُدين جميع الإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير التركيبة الديموغرافية والطابع والوضع القانونى للأرض الفلسطينية المحتلة منذ سنة ١٩٦٧، بما فى ذلك القدس الشرقية، إضافة إلى الرأى الاستشارى الصادر عن محكمة العدل الدولية، الذى أكّد عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية، وبطلان إجراءات بناء المستوطنات وضم الأراضى فى الضفة الغربية المحتلة. 

بالتزامن، وفى تصريحات أو إفادات منفصلة، أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ونائبه جيه دى فانس، ومايك روبيو، وزير الخارجية، مستشار الأمن القومى، عن موقف الولايات المتحدة الرافض للانتهاك الإسرائيلى. وفى المقابل حاول جدعون ساعر، وزير الخارجية الإسرائيلى غسل يد حكومة نتنياهو بزعمه أنها «لن تسعى إلى التقدم فى سن قانون الضم، الذى ما زال فى طور التمهيد». مع أن رد الحكومة على القانون، الذى قدمه يوآف كيش، وزير التعليم، للكنيست، قال إن «موقف الحكومة المبدئى مع الضم»، وأنها تعترض فقط على أن يتم ذلك بـ«بمشاريع قوانين تطرحها المعارضة أو قوى سياسية متذمرة»، موضحًا أو فاضحًا أنهم يمارسون الضم «فى كل يوم، ليس بالكلام بل بالعمل على الأرض». 

لعلك تعرف أن أعضاء الائتلاف الحاكم، الذى يقوده نتنياهو، كان قد طالب مرارًا بضم الضفة الغربية رسميًا، أو أجزاء منها. ولعلك تعرف كذلك أن الكنيست كان قد أقرّ إعلانًا أو نصًا، فى يوليو الماضـى، يدعو حكومة دولة الاحتلال إلى فرض «السيادة الإسرائيلية» على الضفة، بزعم أن ذلك «سيعزز دولة إسرائيل وأمنها، وسيمنع أى تشكيك فى حق الشعب اليهودى فى العيش بسلام وأمان فى وطنه»!

المهم، هو أن البيان المشترك، الصادر أمس الأول، الخميس، رحّب بالرأى الاستشارى لـ«محكمة العدل الدولية» بشأن التزامات إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، الذى أعاد التأكيد على التزام دولة الاحتلال، بموجب القانون الدولى الإنسانى، بضمان حصول سكان هذه الأراضى، بما فى ذلك قطاع غزة، على الاحتياجات الأساسية للحياة اليومية، والموافقة على، وتيسير، جميع خطط الإغاثة الممكنة، بما فى ذلك عبر الأمم المتحدة وهيئاتها، خاصة وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أونروا.

فى رأيها الاستشارى، أكّدت المحكمة، أيضًا، التزام إسرائيل باحترام حظر استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، مشيرةً إلى قيام إسرائيل بمنع دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وأعادت التأكيد على حظر النقل القسرى الجماعى والتهجير، مذكّرةً بأن ذلك يشمل أيضًا فرض ظروف معيشية لا يمكن تحمّلها على السكان. كما أكّدت المحكمة من جديد حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، مذكّرةً بأن الادّعاء الإسرائيلى بالسيادة على القدس الشرقية قد اعتبره مجلس الأمن «باطلًا ولاغيًا»، ويشمل ذلك ما يسمى بـ«قانون وقف عمليات أونروا فى أراضى دولة إسرائيل».

.. وتبقى الإشارة إلى أن البيان المشترك حذَّر من استمرار السياسات والممارسات الإسرائيلية الأحادية وغير القانونية، ودعا المجتمع الدولى إلى تحمّل مسئولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام إسرائيل بوقف تصعيدها الخطير وإجراءاتها اللا شرعية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وإلى تلبية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة وذات السيادة على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية سبيلًا وحيدًا لتحقيق السلام العادل والشامل الذى يضمن الأمن والاستقرار فى المنطقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق