في تطور لافت يعكس حجم القلق الدولي من أي انتكاسة جديدة في مسار الهدنة، كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن بدء الجيش الأمريكي تشغيل طائرات مسيّرة غير مسلّحة فوق قطاع غزة، في خطوة وُصفت بأنها “مراقبة دقيقة لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار”، الذي جاء بعد عامين من الحرب الدامية التي دمرت معظم البنية التحتية للقطاع وخلّفت وراءها ركامًا سامًا وملايين النازحين.
وتأتي هذه الخطوة في سياق تنسيق عسكري غير مسبوق بين واشنطن وتل أبيب، بهدف تثبيت الاستقرار ومراقبة الالتزام ببنود الاتفاق الأمني والسياسي الذي يشكل العمود الفقري لمرحلة ما بعد الحرب.
مسيّرات بلا أسلحة.. رقابة دقيقة لا قصف
وبحسب التقرير الأمريكي، فإن المسيّرات التي بدأت التحليق في أجواء غزة لا تحمل أي أسلحة، بل تم تجهيزها بأحدث أنظمة المراقبة وجمع المعلومات الاستخباراتية، بما في ذلك أجهزة تصوير حراري وليزري قادرة على تتبع التحركات الميدانية على مدار الساعة. وأوضح المسؤولون الأمريكيون أن هذه العمليات الجوية تتم بالتنسيق مع “مركز التنسيق المدني العسكري” الذي أُنشئ مؤخرًا جنوب تل أبيب، بإشراف مباشر من القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، لتأمين التواصل بين الجانبين وضمان التدفق الآمن للمساعدات الإنسانية عبر المعابر.
هدف واحد: تثبيت الهدنة ومنع الانفجار
يأتي تشغيل المسيّرات في ظل مساعٍ أمريكية مكثفة للحفاظ على الهدوء الهش داخل القطاع، بعد أن شكّل اتفاق شرم الشيخ بارقة أمل لإعادة الإعمار واستئناف الحياة الطبيعية في غزة. وتؤكد واشنطن، بحسب مصادر دبلوماسية، أن المراقبة الجوية ليست عملاً عدائياً بل خطوة “وقائية” تهدف إلى رصد أي خروقات قد تجر المنطقة مجددًا إلى دوامة العنف، خاصة مع وجود جماعات مسلحة لا تزال خارج إطار الاتفاق.
رسائل سياسية بين السطور
من جهة أخرى، يرى مراقبون أن تحليق الطائرات الأمريكية فوق غزة يحمل دلالات سياسية واضحة، إذ يعكس رغبة الإدارة الأمريكية في لعب دور الضامن الفعلي للهدنة، وإثبات حضورها الميداني في ملف الشرق الأوسط بعد سنوات من التراجع النسبي. كما يشير إلى تصاعد مستوى التنسيق العسكري بين واشنطن وتل أبيب في الملفات الأمنية الحساسة، خاصة تلك المتعلقة بإعادة الإعمار وتوزيع المساعدات، بما يضمن تحقيق توازن دقيق بين الاحتياجات الإنسانية ومتطلبات الأمن الإسرائيلي.

















0 تعليق