دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قادة الاتحاد الأوروبي إلى النظر في استخدام أداة مكافحة الإكراه التجاري ضد الصين، في حال فشل المفاوضات بشأن قيود بكين على صادرات المواد الحيوية النادرة.
وقال ماكرون، خلال قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، إن الاتحاد يجب أن يكون مستعدًا لاستخدام جميع أدواته للدفاع عن المصالح الأوروبية والصناعات الحساسة التي تعتمد على تلك المواد.
وتخشى الدول الأوروبية من أن القيود الصينية الجديدة، التي تشمل عناصر نادرة تدخل في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية والمعدات الدفاعية، قد تهدد الأمن الصناعي الأوروبي وتؤثر على سلاسل التوريد الحيوية.
في المقابل، تعمل المفوضية الأوروبية على إعداد خيارات بديلة تشمل تأمين مصادر توريد جديدة ووضع قائمة بإجراءات تجارية مضادة يمكن تفعيلها إذا فشلت المساعي الدبلوماسية.
وتُعدّ "أداة مكافحة الإكراه" أقوى وسيلة يمتلكها الاتحاد الأوروبي للرد على الضغوط التجارية والسياسية من الدول الأجنبية، لكنها لم تُستخدم من قبل خشية تصعيد التوترات مع شركاء رئيسيين مثل الصين.
تفاصيل الأزمة بين الاتحاد الأوروبي والصين: المواد النادرة تشعل التوتر
البداية: قيود صينية تهدد الصناعة الأوروبية
بدأت الأزمة عندما أعلنت الصين عن خطط جديدة لتشديد الرقابة على صادرات المواد الحيوية النادرة — وهي معادن تُستخدم في صناعات حساسة مثل بطاريات السيارات الكهربائية، وأشباه الموصلات، والمعدات الدفاعية.
ووفق القرار الصيني، سيتعين على الشركات الأجنبية التي تستخدم حتى كميات صغيرة من هذه المواد الحصول على تراخيص تصدير خاصة، ما يهدد بإبطاء سلاسل التوريد الصناعية في أوروبا.
رد فعل أوروبا: قلق متصاعد ودعوات للرد
أثارت هذه الخطوة قلقًا واسعًا داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة في فرنسا وألمانيا، اللتين تعتمدان على الصين في استيراد جزء كبير من احتياجات الصناعات الحيوية.
خلال قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قادة التكتل إلى استخدام أداة مكافحة الإكراه التجاري — وهي أقوى وسيلة قانونية يمكن للاتحاد الأوروبي تفعيلها للرد على الضغوط الاقتصادية من الدول الأجنبية.
ما هي أداة مكافحة الإكراه التجاري؟
تُعرف هذه الأداة بأنها آلية دفاع تجارية تم تبنيها عام 2023، وتتيح للاتحاد الأوروبي فرض عقوبات تجارية أو اقتصادية على أي دولة تحاول ابتزاز أو الضغط على سياسات الاتحاد عبر التهديدات التجارية.
ولم تُستخدم هذه الأداة حتى الآن، إذ تُعتبر الخيار الأخير لتجنب التصعيد، لكنها باتت الآن مطروحة بقوة على الطاولة بعد تصعيد بكين.
الصين تبرّر.. وأوروبا تحذر
من جانبها، تقول بكين إن الخطوة تهدف إلى حماية الموارد الوطنية وتنظيم السوق، لكنها ترى أن ردود الفعل الأوروبية “مبالغ فيها”.
أما الاتحاد الأوروبي، فيعتبر أن الإجراءات الصينية محاولة ضغط اقتصادية تهدف إلى تقييد الصناعات الأوروبية المتقدمة وجعلها أكثر اعتمادًا على الصين.
تحركات المفوضية الأوروبية
تعمل المفوضية الأوروبية حاليًا على إعداد خطة بديلة تتضمن:
وضع قائمة بإجراءات تجارية محتملة ضد الصين.
تأمين مصادر بديلة للمواد الحيوية من دول أخرى مثل أستراليا وكندا.
تعزيز الإنتاج المحلي الأوروبي من المعادن الحيوية النادرة.
كما يجري نائب رئيس المفوضية ماروش شيفشوفيتش محادثات مع المسؤولين الصينيين لتفادي مزيد من التصعيد التجاري.
تأثير الأزمة على الاقتصاد الأوروبي
تُشكل هذه القيود خطرًا مباشرًا على الاقتصاد الأوروبي، خاصة قطاعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة، التي تعتمد بشكل كبير على المعادن القادمة من الصين.
ويرى محللون أن الأزمة قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وتباطؤ في التحول الأخضر داخل الاتحاد الأوروبي، في وقت يواجه فيه التكتل تباطؤًا اقتصاديًا وتحديات تضخمية.















0 تعليق