في تصريحات مثيرة أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مقابلة مع مجلة «تايم» الأمريكية، كشف عن تفاصيل جديدة تتعلق باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدًا أن ما جرى «ليس مجرد تهدئة في القطاع، بل خطوة نحو سلام شامل في الشرق الأوسط».
وقال ترامب إن اتفاق غزة جاء بعد «تحركات معقدة خلف الكواليس» شاركت فيها أطراف عربية وإقليمية، مشيرًا إلى أن التوصل إلى الهدنة تطلب تنسيقًا دقيقًا بين الولايات المتحدة وعدد من الدول العربية.
وأوضح أن «السلام في غزة لم يكن ليحدث لولا أن دول المنطقة اقتنعت بأن زمن الصراعات الطويلة انتهى».
وأضاف الرئيس الأمريكي: «في الشرق الأوسط، هناك تاريخ يمتد لثلاثة آلاف عام من الكراهية وعدم الثقة بين الجميع، ولا توجد تحالفات حقيقية، حتى من يبدون أصدقاء لا يحبون بعضهم البعض، ومع ذلك استطعنا جمعهم على كلمة واحدة من أجل السلام».
وأشار ترامب إلى أنه لعب دورًا مباشرًا في إيقاف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، قائلًا: «قلت لنتنياهو إن إسرائيل لا تستطيع محاربة العالم كله. يمكنها خوض معارك محدودة، لكن العالم كان سينقلب ضدها لو استمر القتال».
وأكد الرئيس الأمريكي أنه مارس ضغوطًا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف الحرب، مضيفًا: «رأيت ما كان يحدث، وكان واضحًا أن إسرائيل بدأت تفقد التعاطف الدولي، فقلت له: كفى، يجب أن تتوقف، والعالم كله سيقف معك إذا التزمت بالاتفاق».
وأوضح ترامب أن التفاهمات الأخيرة التي رعتها بلاده شملت إعادة جميع الرهائن الإسرائيليين دفعة واحدة، مضيفًا: «لم أقبل بفكرة الإفراج المتقطع. قلت لهم: نريد كل الرهائن الآن. وفعلًا تم تسليم العشرين رهينة دفعة واحدة، وكانت تلك لحظة فارقة في طريق السلام».
وكشف الرئيس الأمريكي عن اتصالاته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال قمة شرم الشيخ الأخيرة، قائلًا: «عباس قال لي إنه عاش مع سبعة رؤساء أمريكيين، لكنه لم يرَ أحدًا يفعل ما فعلناه. قال بالحرف: ما قمت به لم يكن ممكنًا لأي رئيس آخر».
وأضاف ترامب أن عباس بدا «متحمسًا ومتفائلًا»، مؤكدًا أنه رغم تحفظه على عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، فإنه وجد في عباس شخصية «عقلانية ومحترمة». وقال: «لقد هنأني بحرارة، وقال إن الفلسطينيين لم يتوقعوا أن يحدث ما حدث بهذه السرعة».
مستقبل غزة
وفي ما يتعلق بمستقبل غزة بعد الحرب، شدد ترامب على أن «اتفاق الهدنة يتضمن التزامًا من حماس بنزع سلاحها»، مضيفًا أن «أي إخلال بهذا البند سيواجه برد حاسم». وقال بلهجة حازمة: «إذا نقضت حماس الاتفاق، فستكون في مشكلة كبيرة جدًا. قلتها بوضوح، وسألتزم بها».
وتابع: «العالم تعب من رؤية الحروب في غزة. الناس في المنطقة يريدون السلام. حتى الإسرائيليون أنفسهم أرادوا عودة الرهائن أكثر من استمرار القتال، وكان ذلك واضحًا في الشوارع والساحات».
وأشار ترامب إلى أنه ينوي زيارة غزة قريبًا بعد أن تم تشكيل ما سماه «مجلس السلام»، قائلًا: «طلبوا مني أن أرأس المجلس، ووافقت رغم أنني لم أكن أريد في البداية. لكن هذا المجلس سيكون قويًا، وسيعمل على ترسيخ السلام الدائم في الشرق الأوسط».
وفي ما يتعلق بمستقبل الضفة الغربية، أعلن ترامب أنه لن يسمح لإسرائيل بضم أي أراضٍ هناك، موضحًا أن «هذا كان جزءًا من التعهدات التي قدمها للدول العربية». وقال: «أعطيت كلمتي لقادة العرب، ولن أسمح بأي خطوة لضم الضفة. إذا حدث ذلك، فإن إسرائيل ستفقد دعم الولايات المتحدة».
عقاب إيران
وانتقل الرئيس الأمريكي للحديث عن إيران، معتبرًا أن ما وصفه بـ«ضرب قدراتها النووية» كان «الخطوة المفصلية التي فتحت الطريق أمام السلام». وقال ترامب: «حين ضربنا منشآتهم النووية، تغيّر كل شيء. لم يعد هناك ذلك التهديد الذي كان يخيف الجميع. لقد أخرجنا القوة المتغطرسة من المعادلة».
وأضاف: «إيران كانت لسنوات تمثل البلطجي الأكبر في المنطقة، لكنها الآن تقاتل من أجل البقاء. لم تعد تخيف أحدًا، ولا أحد يحسب لها حسابًا كما كان في الماضي».
وأشار ترامب إلى أن «العقوبات الاقتصادية الصارمة» التي أعادت واشنطن فرضها على طهران جعلتها «أضعف من أي وقت مضى»، مؤكدًا أن هذا الضعف سمح للدول العربية وإسرائيل بالانفتاح على اتفاقات جديدة.
واعتبر الرئيس الأمريكي أن الوضع الحالي في الشرق الأوسط «أفضل مما كان عليه منذ قرون»، مضيفًا: «نعيش اليوم بداية لمرحلة سلام حقيقي. لم يعد هناك تهديد نووي، ولم يعد هناك من يمنع العرب والإسرائيليين من التفاهم».
واختتم ترامب حديثه بالتأكيد على أن «الولايات المتحدة استعادت احترامها في المنطقة»، محذرًا من أن «أي رئيس ضعيف في المستقبل يمكن أن يبدد ما تحقق». وقال: «طالما أنا في الحكم، سيستمر السلام ويتعزز. لكن إذا جاء رئيس لا يُحترم، يمكن أن ينهار كل شيء».
0 تعليق