قال الدكتور مهند الأنصاري، أستاذ الجراحة الروبوتية ومؤسس مستشفى الميتافيرس في دبي، إن مفهوم "التوأم الرقمي" يمثل نقلة نوعية في تاريخ الطب الحديث، موضحًا أنه عبارة عن نسخة افتراضية مطابقة للأصل في العالم الرقمي، تُستخدم لربط العالم المادي بالعالم الافتراضي بهدف مراقبة وتحليل الحالة الصحية بشكل فوري ودقيق.
وأوضح الأنصاري خلال مداخلة ببرنامج "صباح جديد"، المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن التوأم الرقمي يمكن أن يكون آلة أو جزءًا من آلة أو إنسانًا، وينقل البيانات الحيوية لحظة بلحظة عبر أجهزة استشعار مثل أجهزة الضغط والسكر والسونار وأجهزة مراقبة القلب، لتُدمج هذه المعلومات في نظام رقمي ذكي يقدم دراسة شاملة وتحليلًا دقيقًا يساعد في تحسين الأداء الطبي وتقليل المضاعفات.
وأشار إلى أن الطب التقليدي اعتمد لعقود على الفحص اليدوي والمشاهدة المباشرة، بينما اليوم بفضل الذكاء الاصطناعي أصبح الطبيب مزودًا بأدوات رقمية قادرة على تشخيص أدق والتنبؤ بالمخاطر قبل وقوعها، مثل اكتشاف انسدادات الشرايين التاجية أو التحولات النسيجية المسبقة للأورام السرطانية.
وأوضح أن التوأم الرقمي قادر، عبر فحص بسيط كالمفراس الملون، على تحديد احتمالية حدوث أزمة قلبية قبلها بعدة أشهر، ما يسمح بتدخل مبكر ينقذ حياة المريض، وكذلك يمكن للنظام رصد التغيرات الخلوية في القولون أو المعدة أو الكبد، وإرسال تنبيه فوري للطبيب المختص لإجراء تدخل محدود قبل تحول الحالة إلى ورم سرطاني.
وعن كيفية إنشاء التوأم الرقمي للفرد، أوضح الأنصاري أن المستشفيات التي تمتلك التقنية تجمع البيانات الطبية الإلكترونية للمريض وتخزنها في نظام ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي والتحليل المتواصل، لتكوين نسخة رقمية تعمل على مدار الساعة تراقب الحالة الحيوية وتصدر إنذارات عند رصد أي خلل أو مؤشرات خطر.
وأكد أن هذه الأنظمة تتيح ما يُعرف بـ"الطب الوقائي أو الاستباقي"، الذي يهدف إلى التدخل المبكر وتفادي تطور المرض قبل حدوثه، وهو ما يُعد تحولًا جذريًا في فلسفة الطب نحو الوقاية بدلًا من رد الفعل.
وشددعلى أن التوأم الرقمي لم يعد خيالًا علميًا، بل أصبح واقعًا يفتح الباب أمام عصر جديد من الرعاية الذكية المتصلة بالإنسان 24 ساعة يوميًا، مؤكدًا أن هذه التقنية ستجعل الطب أكثر دقة وإنسانية في الوقت نفسه.
0 تعليق