أقرت الكنيسة الأرثوذكسية آلية جديدة لتنظيم العلاقة بين القضاء والكنيسة في قضايا الأحوال الشخصية، خاصة المتعلقة بالطلاق والزواج الثاني، بهدف ضبط الإجراءات ومنع أي تداخل بين أحكام القضاء والرؤية الكنسية التي تستند إلى التعاليم الدينية والشرائع الكنسية.
آلية جديدة بين القضاء والكنيسة
وفقًا للنظام الجديد، أصبحت إجراءات الطلاق تتم فقط من خلال المحاكم المدنية، بينما يظل دور الكنيسة رعويًا واستشاريًا، يهدف إلى الإصلاح بين الزوجين أو إبداء الرأي الديني عند الطلب. ويلزم القاضي بطلب رأي الكنيسة في الحالات التي يصعب فيها التحقق من الوقائع أو إثبات أسباب الطلاق، على أن ترد الكنيسة خلال 40 يومًا. ويُعتبر هذا الرأي استشاريًا غير ملزم، لكن القاضي مُلزم بتوضيح أسباب تجاهله له في حيثيات الحكم إذا قرر عدم الأخذ به.
صلاحية الكنيسة في الزواج الثاني
تؤكد الكنيسة الأرثوذكسية أنها تحتفظ بحقها الكامل في منح تصريح الزواج الثاني أو رفضه، حتى بعد صدور الحكم القضائي بالطلاق، التزامًا بتعاليمها التي ترى الزواج سرًا مقدسًا غير قابل للنقض إلا في حالات محددة.
الحالات المسموح فيها بالزواج الثاني
حددت الكنيسة مجموعة من الحالات التي يمكن فيها منح تصريح الزواج الثاني، أبرزها:
بطلان الزواج الأول بسبب الغش أو الإكراه أو وجود مانع شرعي سابق للعقد.
ثبوت واقعة الزنا بأدلة قاطعة.
تغيير أحد الزوجين لدينه أو طائفته.
انقطاع الحياة الزوجية فعليًا لمدة ثلاث سنوات متصلة في حال عدم وجود أطفال، أو خمس سنوات إذا كان هناك أطفال.
وجود أسباب قهرية مثل الإدمان أو العنف المفرط أو ما يسمى بـ"الزنا الحكمي"، أي وجود قرائن قوية على الخيانة الزوجية.
دراسة كل حالة على حدة
بعد صدور حكم الطلاق المدني، تدرس الكنيسة الملف كاملًا بشكل فردي ودقيق، لتقرير ما إذا كان يحق لأحد الطرفين أو كليهما الحصول على تصريح بالزواج الثاني، بما يضمن الحفاظ على قدسية سر الزواج وتماسك الأسرة المسيحية وفق التعاليم الكنسية.
موقف الكنيسة من ارتفاع حالات الطلاق
تعرب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عن قلقها المتزايد من ارتفاع معدلات الطلاق بين المسيحيين خلال السنوات الأخيرة، معتبرة أن هذه الظاهرة تهدد استقرار الأسر والمجتمع ككل. وتشدد الكنيسة على أن الزواج سر مقدس لا يُفك إلا في أضيق الحدود، داعية الأزواج إلى اللجوء إلى المشورة الروحية والإرشاد الأسري قبل اتخاذ أي قرار بالانفصال. كما تؤكد استمرارها في تقديم برامج للتأهيل قبل الزواج، تهدف إلى توعية المقبلين على الحياة الزوجية بأسس التفاهم والمسؤولية المشتركة، في محاولة للحد من النزاعات الأسرية والحفاظ على وحدة الأسرة المسيحية.
0 تعليق