Advertisement
لا يمرّ يوم إلا ويسقط عشرات الشهداء في لبنان جرّاء الغارات الإسرائيلية، التي تستهدف الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. وهذا العدد التراكمي في ما يخّلفه العدوان الإسرائيلي آيل إلى الارتفاع في الأيام المقبلة. فنتنياهو مصرّ على استغلال الوقت الضائع أميركيًا وصولًا إلى تحقيق أهدافه الحربية، التي يبدو أنها تتخطّى بأبعادها الاستراتيجية جغرافية غزة ولبنان. ويقابل هذا الإصرار التلمودي تصميم من قِبل "حزب الله" على مواصلة الجهاد حتى النفس الأخير. وهذا ما كان واضحًا في كلام أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في ذكرى أربعين السيد حسن نصرالله، والذي تحدّث بثقة الواثق عن أن النصر سيكون إلى جانب "المقاومة الإسلامية"، التي "لن تستجدي وقف النار، بل ستفرض على العدو استجداءه". وهذا يعني أن الإصرار الإسرائيلي على مواصلة دكّ لبنان بالحديد والنار مقابل تصميم "حزب الله" على الانتصار في حرب تبدو حتى الآن غير متكافئة، أقّله من حيث النتائج، سيجعلان الأيام الـ 75 الآتية من أصعب الأيام التي يمكن أن يعيشها اللبنانيون. والدليل على هذا الإصرار الإسرائيلي التدميري والتشريدي ما أقدم عليه نتنياهو عندما أقال وزير حربه يواف غالانت لأسباب لم تعد خافية على أحد، مع ما يترتب على هذا التبديل من نتائج متوقعة. أمّا لجهة تصميم "حزب الله" على مواصلة الجهاد فإن ما قاله المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد على خامنئي من أن "حزب الله" قوي ولا يمكن لإسرائيل أن تهزمه يؤكد ما قاله قاسم عن "جماجم المجاهدين الذين باعوها لله، وهم صابرون وصامدون في مواقعهم المتقدمة ولا يخشون الموت".
ما يمكن استخلاصه من كل ما تقدّم هو أن الألة الإسرائيلية مستمرّة في حصد المزيد من الشهداء والمزيد من الدمار. فأعداد الشهداء إلى تزايد يومًا بعد يوم، وقد تخطّى العدد التراكمي الثلاثة آلاف، مع ما يعانيه عشرات آلاف الجرحى، فضلًا عن تزايد عدد المنازل التي تُدّك على رؤوس أصحابها في أكثر من منطقة لبنانية، وقد تخطّى المئة وعشرين ألف وحدة سكنية بين تدمير كامل وتدمير جزئي.
وعليه، فإن اللبنانيين بكل فئاتهم الشعبية يترقّبون بحذر انعكاسات انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، والسياسة التي يعتمدها لحلّ أزمات المنطقة، وكيف سيترجم تعهداته بوقف الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط على أرض الواقع، مع اعتقادهم، وهم الخبراء في تعاطي الخارج مع أزماته، بأن أي حلّ لن يكون بـ "كبسة زرّ"، وهم الذين يعرفون أيضًا نوايا إسرائيل التاريخية تجاه لبنان.
وكما اعتاد اللبنانيون على الانتظار منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر لحّل مستدام يبدأ بـ "حل الدولتين" في فلسطين المحتلة، وقد لا ينتهي بانتهاء الاعتداءات الإسرائيلية الآخذة في الاسراف باستهدافها البشر والحجر في لبنان، الذي تُستباح سيادته وينزف اقتصاده وتفتر مقومات عيش أبنائه.