تتحضّر البلاد لواحدة من أهم القفزات التقنية في مجال الاتصالات.. دخول الجيل الخامس كمسارٍ واقعي لا شعارًا. تقول أوساط وزارة الاتصالات لـ"لبنان24" إن الخطة التي أُطلقت "مهمة" لأنها تنقل القطاع من إدارة الأعطال إلى صناعة القيمة، وتضع جدولًا زمنيًا واضحًا يمتد من الآن حتى ثلاث سنوات لتحديث البنية التحتية على كل المستويات، على أن تبدأ محطات 5G بالظهور في النصف الأول من عام 2026. وتكشف المصادر نفسها أن المواقع لم تُحسم بعد، لكن المؤكد أن الانطلاقة ستكون في العاصمة ومناطق أخرى، ضمن نهجٍ تدريجي يوازن بين الجودة والاستدامة، ويربط أي تشغيل تجاري بمؤشرات أداء فعلية لا بوعود إعلامية.
ترتكز الخطة، بحسب ما تشير أوساط الوزارة لـ"لبنان24"، إلى رؤية تحويل لبنان إلى مركز رقمي إقليمي رائد، عبر تسريع التوسع في خدمة النطاق العريض Broadband والاستعداد المنهجي لتقنية الجيل الخامس، وابتكار مصادر جديدة للواردات تعتمد بمعظمها على التكنولوجيا والخدمات الرقمية، وزيادة الأرباح عبر نماذج أعمال مستدامة تخفّف الهدر وتعيد توجيه الاستثمارات إلى الشبكات، فضلًا عن رفع جودة الاتصالات والبيانات لتلبية توقّعات المشتركين. هذه ليست عناوين عامة بقدر ما هي تغيير في عقلية الإدارة: من تسعيرٍ قصير النفس إلى اقتصاد خدمات رقمية يولّد عائدًا متكررًا، ومن شبكةٍ "تصمد" بالكاد إلى منصة إنتاج تدعم قطاعات الصناعة والتعليم والصحة والمدن الذكية.
وفي الإطار التنظيمي، أعلن وزير الاتصالات شارل الحاج انطلاق العمل بالخطة "خصوصًا بعد انطلاق عمل الهيئة الناظمة، مؤكدًا، وفق ما كشفت مصادر الوزارة لـ"لبنان24"، أن التنسيق مع الهيئة سيكون ملازمًا لكل مراحل التنفيذ لضمان الشفافية وحماية المنافسة وتحسين الجودة. واقع الحال أن تفعيل المرجعية التنظيمية يوازي في أهميته أي استثمار تقني، لأن 5Gليست فقط سرعة أعلى، بل عقود مشاركة طيف، وسعات نقل، واتفاقات ربط محتوى، وأمن سيبراني، ونماذج تسعير جديدة، وكل ذلك يحتاج حكمًا تنظيميًا مستقلًا ورشيقًا.
على مستوى الجدولة التنفيذية، توضح الأوساط نفسها لـ"لبنان24" أن السنة الأولى، وقد بدأ العمل بها، تركّز على تحسينٍ فوري وملموس لجودة الخدمة في البيانات والمكالمات، بالتوازي مع إطلاق "ورشة الجيل الخامس" وتجهيز الأرضية التقنية والتجارية اللازمة لتوفيره بشكل تجاري للمستخدمين في الفترة المقبلة. أما السنتان الثانية والثالثة، فهما مرحلة ترسيخ وتوسيع، سيتم خلالهما تعزيز تجربة العميل الرقمية من الاشتراك إلى الدعم، ضمان أمن الشبكات وفق أفضل المعايير العالمية، وإجراء تحديثات أعمق في النواة والنقل والنفاذ بما يدعم نموًا اقتصاديًا وطنيًا لا يقتصر على قطاع الاتصالات وحده. بهذا المعنى، يصبح الجيل الخامس مظلة لاقتصاد خدمات جديدة أكثر مما هو ميزة سرعات على الهاتف.
في السياق، يرى رواد الأعمال، والمتابعون أنّ التوقيت مصيب. فلبنان، الذي اعتاد منذ سنوات إدارة الأزمات لا اقتناص الفرص، يدخل اليوم سباق 5G متأخرًا عن دول في الجوار، لكنّ التأخر يمكن أن يتحوّل إلى رافعة إذا استُثمر في “قفز الضفدع"، ما يعني اعتماد بنى تحتية أحدث وتعاقدات أكثر ذكاءً وشراكات محتوى وحوسبة طرفية (Edge) ومراكز بيانات تتكامل مع الشبكة بدل أن تكون عبئًا عليها. في هذا السياق، تشير أوساط الوزارة لـ"لبنان24" إلى أن الإيمان بتحويل لبنان إلى HUB رقمي إقليمي ليس شعارًا بل برنامج عمل يجري تفكيكه إلى مشاريع مترابطة، تجمع بين توسيع السعات الداخلية وتحديث الربط الدولي واستقطاب مزوّدي المحتوى والخدمات السحابية، بحيث يصبح البلد ممرًا للبيانات ومركزًا لتوزيعها، لا مجرد مستهلك لها.
مع ذلك، تبقى ملاحظتان حاسمتان. الأولى، أن نجاح 5Gلن يُقاس بعدد الأبراج التي تُركَّب في 2026 بقدر ما يُقاس بقدرة الشبكة على تقديم زمن استجابة منخفض ونِسب إتاحة عالية وخطط أسعار عادلة تسمح بالانتشار الواسع، وإلّا انحصر الجيل الخامس في جيوب جغرافية وشرائح محدودة. والثانية، أن نموذج الدخل الجديد يجب أن يبتعد عن "الجباية التقليدية" ويتجه إلى اقتصاد المنصّات، أي إنترنت أشياء صناعي، حلول مدن ذكية، شبكات خاصة للمؤسسات، وخدمات محتوى تعليمية وصحية مدفوعة، بما يوفر قيمة مشتركة للمشغّلين والمستخدمين والاقتصاد. هنا تحديدًا تقول مصادر الوزارة لـ"لبنان24" إن "الخطة مهمة" لأنها تربط الإيراد بالابتكار لا برفع التعرفة، وتراهن على الشراكات بدل الانغلاق، وعلى المعايير بدل الارتجال.
الخلاصة أن لبنان يدخل عصر 5G على قاعدة واقعية: ثلاث سنوات من إعادة بناء الشبكة، وانطلاقة محطات أولى في النصف الأول من 2026 في العاصمة ومناطق أخرى، وتعاون تنظيمي - تنفيذي لصيق بين الوزارة والهيئة الناظمة. وعليه، سيكون الامتحان الحقيقي في الانتقال من خطاب "التجهيز" إلى نتائج يلمسها الناس في السرعة والاستقرار، وتلمسها الشركات في الإنتاجية، ويترجمها الاقتصاد بنموٍّ وخدمات وفرص عمل. الجيل الخامس ليس رفاهية تقنية؛ إنّه بنية تحتية للنمو. وإذا التزمت الجهات المعنية بالانضباط والتنفيذ، يمكن للبنان أن يستعيد مكانته كـHUB رقمي في شرق المتوسط، وأن يحوّل التأخر إلى ميزة من خلال قفزةٍ نوعية تبدأ من الشبكة… ولا تنتهي عندها.
Advertisement
ترتكز الخطة، بحسب ما تشير أوساط الوزارة لـ"لبنان24"، إلى رؤية تحويل لبنان إلى مركز رقمي إقليمي رائد، عبر تسريع التوسع في خدمة النطاق العريض Broadband والاستعداد المنهجي لتقنية الجيل الخامس، وابتكار مصادر جديدة للواردات تعتمد بمعظمها على التكنولوجيا والخدمات الرقمية، وزيادة الأرباح عبر نماذج أعمال مستدامة تخفّف الهدر وتعيد توجيه الاستثمارات إلى الشبكات، فضلًا عن رفع جودة الاتصالات والبيانات لتلبية توقّعات المشتركين. هذه ليست عناوين عامة بقدر ما هي تغيير في عقلية الإدارة: من تسعيرٍ قصير النفس إلى اقتصاد خدمات رقمية يولّد عائدًا متكررًا، ومن شبكةٍ "تصمد" بالكاد إلى منصة إنتاج تدعم قطاعات الصناعة والتعليم والصحة والمدن الذكية.
وفي الإطار التنظيمي، أعلن وزير الاتصالات شارل الحاج انطلاق العمل بالخطة "خصوصًا بعد انطلاق عمل الهيئة الناظمة، مؤكدًا، وفق ما كشفت مصادر الوزارة لـ"لبنان24"، أن التنسيق مع الهيئة سيكون ملازمًا لكل مراحل التنفيذ لضمان الشفافية وحماية المنافسة وتحسين الجودة. واقع الحال أن تفعيل المرجعية التنظيمية يوازي في أهميته أي استثمار تقني، لأن 5Gليست فقط سرعة أعلى، بل عقود مشاركة طيف، وسعات نقل، واتفاقات ربط محتوى، وأمن سيبراني، ونماذج تسعير جديدة، وكل ذلك يحتاج حكمًا تنظيميًا مستقلًا ورشيقًا.
على مستوى الجدولة التنفيذية، توضح الأوساط نفسها لـ"لبنان24" أن السنة الأولى، وقد بدأ العمل بها، تركّز على تحسينٍ فوري وملموس لجودة الخدمة في البيانات والمكالمات، بالتوازي مع إطلاق "ورشة الجيل الخامس" وتجهيز الأرضية التقنية والتجارية اللازمة لتوفيره بشكل تجاري للمستخدمين في الفترة المقبلة. أما السنتان الثانية والثالثة، فهما مرحلة ترسيخ وتوسيع، سيتم خلالهما تعزيز تجربة العميل الرقمية من الاشتراك إلى الدعم، ضمان أمن الشبكات وفق أفضل المعايير العالمية، وإجراء تحديثات أعمق في النواة والنقل والنفاذ بما يدعم نموًا اقتصاديًا وطنيًا لا يقتصر على قطاع الاتصالات وحده. بهذا المعنى، يصبح الجيل الخامس مظلة لاقتصاد خدمات جديدة أكثر مما هو ميزة سرعات على الهاتف.
في السياق، يرى رواد الأعمال، والمتابعون أنّ التوقيت مصيب. فلبنان، الذي اعتاد منذ سنوات إدارة الأزمات لا اقتناص الفرص، يدخل اليوم سباق 5G متأخرًا عن دول في الجوار، لكنّ التأخر يمكن أن يتحوّل إلى رافعة إذا استُثمر في “قفز الضفدع"، ما يعني اعتماد بنى تحتية أحدث وتعاقدات أكثر ذكاءً وشراكات محتوى وحوسبة طرفية (Edge) ومراكز بيانات تتكامل مع الشبكة بدل أن تكون عبئًا عليها. في هذا السياق، تشير أوساط الوزارة لـ"لبنان24" إلى أن الإيمان بتحويل لبنان إلى HUB رقمي إقليمي ليس شعارًا بل برنامج عمل يجري تفكيكه إلى مشاريع مترابطة، تجمع بين توسيع السعات الداخلية وتحديث الربط الدولي واستقطاب مزوّدي المحتوى والخدمات السحابية، بحيث يصبح البلد ممرًا للبيانات ومركزًا لتوزيعها، لا مجرد مستهلك لها.
مع ذلك، تبقى ملاحظتان حاسمتان. الأولى، أن نجاح 5Gلن يُقاس بعدد الأبراج التي تُركَّب في 2026 بقدر ما يُقاس بقدرة الشبكة على تقديم زمن استجابة منخفض ونِسب إتاحة عالية وخطط أسعار عادلة تسمح بالانتشار الواسع، وإلّا انحصر الجيل الخامس في جيوب جغرافية وشرائح محدودة. والثانية، أن نموذج الدخل الجديد يجب أن يبتعد عن "الجباية التقليدية" ويتجه إلى اقتصاد المنصّات، أي إنترنت أشياء صناعي، حلول مدن ذكية، شبكات خاصة للمؤسسات، وخدمات محتوى تعليمية وصحية مدفوعة، بما يوفر قيمة مشتركة للمشغّلين والمستخدمين والاقتصاد. هنا تحديدًا تقول مصادر الوزارة لـ"لبنان24" إن "الخطة مهمة" لأنها تربط الإيراد بالابتكار لا برفع التعرفة، وتراهن على الشراكات بدل الانغلاق، وعلى المعايير بدل الارتجال.
الخلاصة أن لبنان يدخل عصر 5G على قاعدة واقعية: ثلاث سنوات من إعادة بناء الشبكة، وانطلاقة محطات أولى في النصف الأول من 2026 في العاصمة ومناطق أخرى، وتعاون تنظيمي - تنفيذي لصيق بين الوزارة والهيئة الناظمة. وعليه، سيكون الامتحان الحقيقي في الانتقال من خطاب "التجهيز" إلى نتائج يلمسها الناس في السرعة والاستقرار، وتلمسها الشركات في الإنتاجية، ويترجمها الاقتصاد بنموٍّ وخدمات وفرص عمل. الجيل الخامس ليس رفاهية تقنية؛ إنّه بنية تحتية للنمو. وإذا التزمت الجهات المعنية بالانضباط والتنفيذ، يمكن للبنان أن يستعيد مكانته كـHUB رقمي في شرق المتوسط، وأن يحوّل التأخر إلى ميزة من خلال قفزةٍ نوعية تبدأ من الشبكة… ولا تنتهي عندها.
0 تعليق