مزاعم السيطرة الجوية على طهران: تفكيك السردية الإسرائيلية

في أعقاب الضربات الإسرائيلية الأخيرة على الداخل الإيراني، تصدّرت رواية "السيطرة الجوية" على طهران الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، وسط حديث عن تحليق مقاتلات في عمق المجال الجوي الإيراني. غير أن هذه المزاعم، رغم انتشارها إعلامياً، تصطدم بجملة من الحقائق العسكرية والعملياتية التي تنفي حدوث اختراق جوي دائم أو مستقر.

Advertisement


بحسب تحليل نشره موقع Breaking Defense، فإن المسافات الجغرافية الشاسعة بين القواعد الجوية الإسرائيلية والأهداف داخل إيران، إلى جانب محدودية قدرات التزود بالوقود جوّاً، تجعل من سيناريو السيطرة الجوية الكاملة غير واقعي. فبقاء المقاتلات الإسرائيلية في الأجواء الإيرانية لفترات طويلة، من دون دعم أميركي مباشر، يظل خارج إطار الممكن في الوقت الحالي.

لكن العمليات التي نفذتها إسرائيل لم تعتمد فقط على التفوق الجوي، بل قامت على بنية أعمق وأشد تعقيداً، تمثلت في الاعتماد على شبكات ميدانية واستخباراتية داخل إيران. فقبل تنفيذ أي غارة، عمل عملاء من جهاز "الموساد" على استهداف منظومات رادار ومحطات إطلاق صواريخ دفاعية، باستخدام طائرات مسيّرة وأسلحة خفيفة تم تهريبها إلى الداخل الإيراني. هذا الشق الداخلي أضعف منظومة الرصد والإنذار المبكر، ومهّد الطريق أمام الضربات الجوية من خارج الحدود.

ورغم تركيز الرواية الإسرائيلية على ضرب مواقع ومنشآت عسكرية، إلا أن العملية شملت أيضاً استهدافاً مباشراً لقيادات وخبراء مرتبطين ببرامج الطائرات المسيّرة والصواريخ، إلى جانب شخصيات علمية أساسية في البنية التقنية الإيرانية، بعضها كان على ارتباط بملفات نووية حساسة. هذا النمط من الاغتيالات، وفق مصادر عسكرية مطلعة، لا يهدف فقط إلى إرباك القيادة العسكرية، بل يُقصد به تفريغ البنية التقنية التخصصية التي تقف خلف تطوير الأسلحة المتقدمة، بما في ذلك المسيّرات والصواريخ البالستية. ووفق محللين، فإن الأثر التراكمي لمثل هذه الضربات يمتد إلى سنوات لاحقة، وقد يعيد جدولة مسار البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين.

وبينما تحاول إسرائيل تثبيت صورة تفوّق جوي دائم أمام جمهورها وداعميها الغربيين، فإن طبيعة العمليات على الأرض تكشف عن حرب مركّبة، قوامها الاختراق الاستخباراتي العميق أكثر من الهيمنة العسكرية المباشرة.

الحديث عن "السيطرة الجوية" الإسرائيلية على إيران لا يستند إلى واقع عسكري ثابت، بقدر ما يستند إلى سردية سياسية وإعلامية. لكن في المقابل، ما جرى على الأرض يُشكّل تطوراً نوعياً في شكل المواجهة: هجوم متكامل استخدم الأرض والجو والمعلومة الأمنية، ونفّذ اغتيالات دقيقة لعلماء ومسؤولين عسكريين بارزين.

 المعركة القائمة اليوم لم تعد تندرج ضمن إطار التصعيد بين إيران واسرائيل، بل باتت دخولاً فعلياً في مواجهة مباشرة يستخدم فيه الطرفان أدوات ميدانية وتقنية لتوجيه ضربات فعلية داخل العمق، مع ما يحمله ذلك من مخاطر توسّع وغياب للضوابط.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الحرب الايرانية- الاسرائيلية وخارطة النفط والغاز الجديدة في المنطقة
التالى عون الى العراق اليوم وعراقجي في بيروت الاثنين ولبنان ينتظر ما في جعبة أورتاغوس