بعد الغزو البري الإسرائيلي للبنان والهجوم الباليستي الإيراني.. هل من نهاية للاضطرابات؟

ذكرت صحيفة "The Guardian"البريطانية أن "الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني على إسرائيل أمس شكل تصعيدًا كبيرًا في الصراع بين الدولتين. ووعدت إسرائيل بالرد، والذي قد يشمل ضربات مباشرة على طهران. ومع ذلك، فإن الجبهة الأكثر نشاطًا في الصراع في المنطقة لا تزال على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حيث تغزو القوات الإسرائيلية جنوب لبنان".

Advertisement

 

وبحسب الصحيفة، "لقد جاء الهجوم الإيراني في أعقاب اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والواقع أن الارتباط الوثيق بين إيران وحزب الله يعني أنها متورطة بشكل عميق في نتائج الصراع في لبنان. وفي الوقت نفسه، وبينما أعلنت إسرائيل أنها ستقوم بعملية برية محدودة وقصيرة الأمد، فإنه يمثل تصعيداً كبيراً لصراعها مع حزب الله، فضلاً عن التزامها الضخم بالموارد العسكرية. وسوف يؤثر التشابك بين الجبهتين اللبنانية والإقليمية على أمن لبنان في الأمد البعيد، ولكن أيضاً على أمن إسرائيل. لم يتعرض حزب الله منذ تأسيسه لهجوم على مستويات متعددة في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن وبمثل هذه الخسائر الفادحة.ففي غضون أسبوعين، أخضعت إسرائيل الحزب لحرب هجينة، ودمرت مواقعها العسكرية الرئيسية واغتالت كبار قادتها ونصر الله".

 

وتابعت الصحيفة، "لقد تعهد حزب الله طوال الوقت بالبقاء صامداً حتى مع تقليص قدراته الأمنية والتواصلية والعسكرية بشكل كبير.وقد أصرت إسرائيل في تصريحاتها العامة على أنها ليست في حالة حرب مع الشعب اللبناني، بل مع حزب الله فقط، إلا أن تصرفات إسرائيل تهدد بجر لبنان نحو عدم الاستقرار. إن لبنان يقف بالفعل على حافة الهاوية بسبب الحساسيات الطائفية. فمنذ إنشائه كدولة حديثة، جعل النظام السياسي في البلاد من الصعب عدم التنبؤ بمثل هذا الصراع. ويستند التمثيل السياسي إلى تقاسم السلطة بين الطوائف، ولكن بدلاً من خلق الاستقرار، لم يفعل النظام سوى تغذية المنافسة على السلطة. وبعد أن مرت النخبة الحاكمة بالعديد من دورات العنف في الماضي، فإنها تشعر بالقلق من أن اغتيال نصر الله قد يكون شرارة جديدة للصراع. وكانت التصريحات المدروسة عن نصر الله من قبل خصومه السياسيين اللبنانيين في أعقاب اغتياله بمثابة محاولة لمنع الصدامات التي قد تتخذ طابعاً طائفياً".

 

وأضافت الصحيفة، "لكن بعد ذلك جاء الغزو البري الإسرائيلي، الذي نجح في الأمد القريب في حشد الشعب اللبناني ضد إسرائيل، وذلك لأن الغزو باستخدام القوات البرية يختلف تمام الاختلاف عن أشد الحملات الجوية كثافة. فهناك شيء غريزي في هذا الغزو. فبالنسبة للشعب اللبناني، إن رؤية إسرائيل تتسلل إلى أرضه مرة أخرى شكل سبباً في جلب الغضب واليأس اللذين كانا يأملان أن يكونا جزءاً من الماضي غير البعيد، عندما خاضت إسرائيل وحزب الله آخر حرب شاملة بينهما في عام 2006. إن إسرائيل ربما تهدف من خلال غزوها البري إلى كسر روح حزب الله، ولكنها في واقع الأمر تكسر الروح اللبنانية. حتى أشد معارضي حزب الله عناداً في لبنان يرفضون فكرة "التحرر" من حزب الله، كما تزعم إسرائيل، على أيدي الغزاة. والواقع أن الإذلال والغضب بين سكان لبنان لا يشكلان طريقاً للسلام مع إسرائيل".

 

وبحسب الصحيفة، "في الأمدين المتوسط والبعيد، هناك خطر أن يلقي التاريخ بظلاله القاتمة. فقد أدت غزوات إسرائيل السابقة، وخاصة في عامي 1982 و2006، إلى إحداث شرخ بين الطوائف اللبنانية، مما أدى إلى تأجيج التوترات الطائفية والسياسية. وقد أضاف غزو عام 1982 إلى ويلات الحرب الأهلية الطائفية في لبنان، في حين استخدم حزب الله نجاحه ضد إسرائيل في عام 2006 ليطالب باليد العليا السياسية في لبنان. وفي عام 2008، نشر الحزب مقاتليه في بيروت لترهيب خصومه، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب أهلية أخرى. ويواجه زعماء لبنان الآن احتمال اندلاع موجة أخرى من الصراع الأهلي مع نزوح مليون شخص، معظمهم من الطائفة الشيعية في الجنوب، إلى مناطق يسكنها مجتمعات أخرى".

 

وتابعت الصحيفة، "رغم أن الناس العاديين والمجتمع المدني يكثفون جهود الإغاثة، فإن حجم الأزمة الإنسانية غير مسبوق. وكلما طال أمد الحملة العسكرية الإسرائيلية، كلما تزايدت احتمالات تفاقم التوتر الطائفي مع اقتراب فصل الشتاء، ونضوب الموارد، وتزايد غضب الناس ويأسهم. كما يجد لبنان نفسه مرة أخرى ساحة لعب للجهات الفاعلة الإقليمية، وهذا يجلب معه سبباً محتملاً آخر لعدم الاستقرار. ومع تصعيد إسرائيل وإيران لمواجهتهما العسكرية المباشرة، يصبح خطر الحرب الإقليمية أعظم من أي وقت مضى.ومع اعتبار إيران لحزب الله خط المواجهة الأول في دفاعها عن نفسها، فقد ينتهي الأمر بلبنان إلى القتال من أجل نفسه ومن أجل إيران".

 

وأضافت الصحيفة، "لقد تأثر لبنان دوماً بالتطورات الإقليمية في الشرق الأوسط، ولكن في ظل هذا المزيج المعقد من التحديات، أصبح استقرار البلاد مهدداً بشدة. فالعقبات الاقتصادية تتداخل مع التوترات الطائفية المحتملة، ويتشابك الأمن الوطني مع الأمن الإقليمي، ومع رفض كل من حزب الله وإسرائيل التراجع، يتم صب المزيد من الزيت على النار كل يوم. قد تتصور إسرائيل أن سحق حزب الله عسكرياً هو السبيل لضمان الأمن في منطقتها الشمالية، ولكن الأزمة في لبنان تثير مخاوف بشأن الاستقرار هناك على المدى الطويل. فالفقر والغضب يشكلان دوماً وصفة للكارثة في أي دولة،ولن يبشر عدم الاستقرار الداخلي في لبنان بالخير بالنسبة للأمن القومي الإسرائيلي، خاصة أن حزب الله لن يختفي حتى لو تغلبت عليه إسرائيل عسكرياً".

 

وختمت الصحيفة، "إذا كان هذا الصراع قد أظهر أي شيء، فهو أن الأمن الداخلي والأمن الإقليمي متشابكان".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الصامد الأكبر في لبنان
التالى بعد الهجوم الإيراني.. التوتر الإقليمي في ذروته والحرب الشاملة واردة!