الـ "The Guardian".. ما هي السبل التي يمكن أن تستخدمها إسرائيل للدفاع عن نفسها؟

ذكرت صحيفة "The Guardian" البريطانية أن "الدفاع الشائع عن عدوانية إسرائيل، سواء داخل الأراضي الفلسطينية أو في المنطقة الأوسع نطاقاً، يتلخص في الادعاء بأن إسرائيل لابد وأن تتصرف على هذا النحو لأنها محاطة بدول تحاول إبادتها. ومثلها كمثل العديد من الحجج التي تحاول تبرير رد فعل إسرائيل غير المتناسب على أحداث السابع من تشرين الأول، فإن هذا الادعاء ليس خاطئاً فحسب، بل إنه يشكل أيضاً انقلاباً للواقع، ذلك أن الأحداث التي شهدتها الأشهر القليلة الماضية والهجوم على لبنان على مدى الأيام القليلة الماضية تؤكد أن إسرائيل هي التي تشكل تهديداً لجيرانها".

Advertisement

وبحسب الصحيفة، "لقد أدت الغارة التي اغتالت الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يوم الجمعة إلى تدمير ستة مجمعات سكنية في بيروت. بدأت صورة مصغرة عن غزة تتكشف تباعاً: آلاف يفرون بحثًا عن الأمان، وأطفال مصابون بصدمات نفسية، وخسائر بشرية كبيرة، وتصعيد لا حدود له لأرواح المدنيين التي يمكن التضحية بها لتحقيق أهداف إسرائيل. منذ بداية الصراع في غزة، انخرط حزب الله وإسرائيل في حرب لإظهار القدرات العسكرية والعزيمة، وتبادلا الصواريخ والخطابات القوية، لكنهما لم يبادرا قط إلى حرب مفتوحة وغير مقيدة. وقد تغير هذا مع الهجمات التي شنتها إسرائيل باستخدام أجهزة النداء واللاسلكي، والتي أعقبتها غارات جوية تصاعدت الأسبوع الماضي".
ورأت الصحيفة أن "إسرائيل لا تبحث عن استعراض القوة العسكرية الحاسمة وإخضاع حزب الله فحسب، بل إنها تبحث أيضاً عن النصر العسكري الذي لا يزال بعيد المنال في مستنقع غزة. ولكن هناك خطر يتمثل في أن حزب الله وإيران، اللذان امتنعا حتى الآن عن إعلان الحرب بشكل واضح، سوف يندفعان إلى صراع يحفظ ماء وجههما، وهو الصراع الذي لن تتمكن أي منهما أو إسرائيل من الفوز به بشكل مباشر. وهنا نجد أنفسنا مرة أخرى في موقف حيث يجد المدنيون أنفسهم محاصرين بين نارين، وتبرر إسرائيل مقتلهم بدفاع يستند إلى مخاوف من "تهديد وجودي".ولكن في ما يتعلق بالتهديدات الحقيقية والخطيرة للاستقرار الإقليمي، فإن إسرائيل هي القوة المحاربة الخارجة عن السيطرة، والتي شرعت في حملتها الأخيرة في لبنان واغتيال نصر الله ضد رغبات الولايات المتحدة الصريحة".
وتابعت الصحيفة، "إن جيران إسرائيل والمنطقة الأوسع نطاقاً مترددون في الانجرار إلى أي نوع من الحرب مع إسرائيل، ناهيك عن حرب تدمرها بالكامل. ولقد قلب رد إسرائيل على أحداث السابع من تشرين الأول الوضع الراهن، وإذا ما أتيحت لها الفرصة، فإن جيرانها سوف يعيدون عقارب الساعة إلى الوراء بكل تأكيد. لقد استمرت حرب غزة لفترة طويلة واتسع نطاقها إلى الحد الذي لم نعد معه نرى الصور الأصغر حجماً، بل أصبحنا نرى فقط الكليشيهات حول "التوترات المتصاعدة" في الشرق الأوسط. ولم نعد نرى الآخرين الذين يُقتَلون على أطرافها، في الضفة الغربية ولبنان وسوريا. ولم نعد قادرين على رؤية ملامح الدول الفردية. فلبنان، البلد الذي لا يزال يعاني من ندوب الحرب الأهلية، يتعرض الآن لصدمة جديدة".
وأضافت الصحيفة، "لكن بدلاً من التمني بتدمير إسرائيل، اعتبرت العديد من الدول في المنطقة مؤخراً أن قضية إسرائيل وفلسطين قد تمت تسويتها أو على الأقل تم تهميشها، إلى حد كبير وفقاً لشروط إسرائيل. فقد وقعت مصر معاهدة سلام مع إسرائيل قبل أكثر من أربعين عاماً، وانسحبت من صراع كانت تعلم أنها لا تستطيع الفوز فيه. أما الأردن فقد عقدت السلام في عام 1994. ومن خلال اتفاقيات إبراهيم، وافقت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان على تطبيع العلاقات مع إسرائيل والاعتراف بوضعها كدولة ذات سيادة أو البدء في هذه العملية. وكان تطبيع العلاقات والاعتراف من جانب المملكة العربية السعودية، وهو انتصار كبير لإسرائيل، في طريقه قبل السابع من تشرين الأول".
وبحسب الصحيفة، "إن حرب غزة، والقضية الإسرائيلية الفلسطينية الأوسع نطاقاً، تشكل أيضاً اختباراً للدول العربية التي تتفاوض على تحدياتها الخاصة وتدير الخلافات الداخلية، وهي تشكل مصدر إلهاء وتعطيل لعلاقاتها مع حلفائها الغربيين. وتعاني مصر الآن من أزمة اقتصادية وتتعرض لضغوط شديدة لاتخاذ قرار بشأن السماح للاجئين الفلسطينيين بالدخول، الأمر الذي قد يؤدي إلى تطهير غزة عرقياً في هذه العملية. إن الإمارات العربية المتحدة متورطة بالفعل في حرب في السودان، والتي تثير بسببها موجة غضب شديدة. أما المملكة العربية السعودية فترغب بشدة في ترك كل السياسة الخارجية وراءها والبدء في بناء مدن ضخمة لامعة وشراء الامتيازات الرياضية. أما قطر فهي حليف قوي للولايات المتحدة وتستضيف أكبر منشأة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط. من جانبها، استقبلت الأردن أكثر من مليون لاجئ من سوريا في السنوات الأخيرة، وهي تعتمد بشكل شبه كامل على كميات هائلة من المساعدات الأميركية لكي تظل قادرة على البقاء. أما سوريا فقد ظلت هادئة على الرغم من الضربات التي شنتها إسرائيل على أراضيها".
وتابعت الصحيفة، "أما لبنان فهو موطن لما يشبه في الواقع دولة حزب الله داخل الدولة، وهي بلا رئيس وتعاني من أزمة اقتصادية وسياسية دائمة. ولكن لماذا تستمر إسرائيل في تصوير نفسها وكأنها محاصرة في منطقة أصبحت منذ أمد بعيد تعاني من مشاكل كثيرة لا تبالي بها؟ وإذا كان من الممكن تبرير عدوانية إسرائيل وتصويرها على أنها استجابة ضرورية من جانب دولة محاطة بالتهديدات بسبب حقيقة وجودها البسيطة، فإن هذا يعني أن دور إسرائيل ذاته يمكن إخفاؤه وتبرئته. إن مصدر التحديات الأمنية التي تواجه إسرائيل، وقلب "التوترات المتصاعدة" في المنطقة، هو حصار إسرائيل لقطاع غزة، وما يُدان على نطاق واسع باعتباره نظام فصل عنصري في الضفة الغربية، واحتلالها المستمر للأراضي التي أمرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإخلائها، وتوسعها غير القانوني في المستوطنات. وما دامت هذه الظروف مستمرة، فإن الانتفاضات التي اندلعت من خلال وسائل مبررة وغير مشروعة، منذ الانتفاضة وحتى السابع من تشرين الأول، سوف تستمر".
وختمت الصحيفة، "إن التهديد العميق موجود بالفعل، ولكن إسرائيل تدفعه بشكل متزايد إلى حافة الهاوية وهو التهديد الذي يهدد استقرار الشرق الأوسط والعالم العربي على نطاق أوسع".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق العملية البرية…"دعسة ناقصة" لصالح "حزب الله"
التالى رسائل "حزب الله" بعد اغتيال نصر الله.. "لن نتزحزح قيد أنملة"!