جلست "خديجة.ع"، 30 سنة، ربة منزل، داخل مكتب تسوية المنازعات، تحاول أن تخفي الدموع التي تجمعت في عينيها، لكنها لم تستطع منعها، كان يرتجف صوتها وهي تبدأ حديثها، نظرت إلى القاضي فور بدء جلستها بعيون منهكة وهمست بصوت مخنوق قائلة: "جيت النهاردة أطلب الخلع من زوجي.. شوه وش أمي".
رفع القاضي رأسه، ينظر إلى "خديجة" بنظرة متفحصة، وقال بصوت هادئ: "وما السبب، يا خديجة؟"
أخذت "خديجة" نفسًا عميقًا، تتذكر تلك اللحظة التي جعلتها تتخذ قرارها الصعب ثم أجابت بصوت يشوبه الحزن والغضب: "لقد تعدى على أمي، ضربها بطاسة الزيت المغلي أمامي دون شفقة، لم يكن ذلك أول اعتداء، لكنه كان القشة التي قصمت ظهر البعير".
ذهل القاضي من هول التفاصيل، وسألها ليعرف أكثر: "هل تعرضت للضرب قبل ذلك؟"
هزت "خديجة" برأسها، وبدأت تروي كيف تحملت لسنوات، كيف كانت تعيش في خوف دائم، وكيف تحملت الإهانة من أجل أطفالها ومن أجل الحفاظ على البيت، لكنها لم تستطع تحمل رؤية والدتها تتألم وتتعرض للخطر.
أخذ القاضي لحظة ليفكر، ثم قال بنبرة مشفقة: "يا خديجة، ما فعلتيه شجاعة، هناك بعض الأمور التي لا يجب أن تُغفر، وحماية النفس والأسرة أهم ما يجب الحفاظ عليه".
انتهى اللقاء، وأُقرّ خلع "خديجة" عن زوجها بعد ثلاث شهور من رفع الدعوى التي حملت رقم 1139 لسنة 2023 خرجت من المحكمة وهي تشعر بألم، لكن برفقة راحة طال انتظارها.