الخميس 18/ديسمبر/2025 - 06:07 م 12/18/2025 6:07:18 PM
لا يزال خطاب التحريض والكراهية، الذى تتبناه حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، يتدفق بلا توقف، كأنه سياسة رسمية لا تعرف التراجع. ففى جلسة مجلس الأمن الأخيرة المخصصة لمناقشة تطورات الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، كشفت تقارير الأمم المتحدة عن مشاهد قاتمة لواقع يزداد سوءًا، حيث تواصل إسرائيل ممارساتها العدوانية سعيًا لإفشال أى محاولة للتهدئة فى قطاع غزة، مستغلة الأحوال الجوية القاسية لتحويل حياة السكان إلى معاناة يومية لا تطاق.
غير أن المشهد الأكثر خطورة، كما عكسته التقارير الدولية، يتمثل فى التصعيد المتواصل بالضفة الغربية، حيث تتكامل جرائم المستوطنين مع اعتداءات جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين. فقد بلغ التوسع الاستيطانى ذروته مع المصادقة على إنشاء 19 مستوطنة جديدة فى الضفة والقدس، بالتوازى مع تنفيذ مخططات هدم المنازل، وحرق الممتلكات، وتهجير السكان قسرًا من أراضيهم، فى محاولة لفرض واقع جديد بالقوة
وخلال الجلسة، بدت الإدانة الدولية لانتهاكات إسرائيل القانون الدولى وقرارات مجلس الأمن، وكذلك لأحكام محكمة العدل الدولية، واضحة فى مداخلات معظم الدول الأعضاء. وحتى المندوبة الأمريكية أكدت رفض واشنطن ضم الضفة الغربية، مشيرة إلى أن الرئيس ترامب يتوقع وقف أعمال العنف هناك. لكنها عادت فى الوقت نفسه لتعتبر أن التمسك بقرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر عام 2016، الذى يؤكد عدم شرعية الاستيطان وضرورة وقفه، قد يشتت الانتباه عما وصفته بـ«التهديدات الحقيقية» للسلام فى الشرق الأوسط، فى تناقض يعكس ازدواجية المواقف
ويبدو أن اطمئنان نتنياهو لغياب أى إجراءات رادعة حقيقية هو ما يدفعه إلى المضى قدمًا فى انتهاكاته، إذ لم يتردد فى اليوم ذاته فى اقتحام ساحة البراق، بينما واصل المستوطنون اقتحاماتهم المسجد الأقصى وتصعيد اعتداءاتهم فى الضفة الغربية. فى المقابل، بات واضحًا لكثيرين حول العالم أن السياسات الإسرائيلية الحالية تحولت إلى عبء ثقيل، لا على المنطقة فقط، وإنما على إسرائيل نفسها.
ورغم التحذيرات الدولية المتزايدة، لا يرى نتنياهو سوى طريق واحد: المزيد من الخراب، وتوسيع دوائر العداء والكراهية. حتى نصائح الحليف الأكبر لم تعد تجد صدى، حين يُقال له صراحة إنه يخوض مواجهة مع العالم بأسره ولن يخرج منها منتصرًا. ففى الوقت الذى تغرق فيه غزة، أو ما تبقى منها بعد حرب الإبادة، تحت السيول، وتشتعل الضفة الغربية على صفيح ساخن، وتتصاعد التحذيرات من انفجار شامل، يواصل مجرمو الحرب فى إسرائيل السير فى طريق يتوهمون أنه سبيل النجاة، بينما هو فى الحقيقة طريق إلى عزلة أعمق وانفجار أقرب.















0 تعليق