أعربت هيئة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن أسفها العميق إزاء الحكم الصادر مؤخرًا بإعدام رئيسة وزراء بنجلاديش السابقة شيخة حسينة، مؤكدة موقف المنظمة الثابت ضد تطبيق عقوبة الإعدام في جميع الظروف، مهما كانت طبيعة الاتهامات أو خلفيات القضايا محل النظر. وأوضحت الهيئة، في بيان رسمي اليوم الاثنين، أن رفضها المبدئي لعقوبة الإعدام ينبع من اعتبارها انتهاكًا لحق الإنسان في الحياة، مشددة على أن الأمم المتحدة تدعو جميع الدول الأعضاء إلى إلغاء هذه العقوبة أو وقف تنفيذها بشكل نهائي.
ورغم موقفها المعارض للعقوبة، وصفت الهيئة الحكم بأنه "لحظة مهمة" لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت خلال السنوات الماضية في بنجلاديش، مؤكدة أنها تتابع عن كثب سير الإجراءات القضائية التي تجري في البلاد، معربة في الوقت نفسه عن قلقها بشأن مدى التزام المحاكمة بالمعايير الدولية للعدالة والنزاهة. وشددت على ضرورة ضمان أن تتم جميع الإجراءات القضائية في إطار الشفافية والالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك حق الدفاع وحق المحاكمة العادلة.
وأشار المتحدث باسم الهيئة إلى أن الأمم المتحدة تتفهم حساسية القضية وتعقيداتها السياسية والاجتماعية داخل بنجلاديش، إلا أنها ترى أن "تحقيق العدالة لا يجب أن يكون مرتبطًا بأحكام قصوى لا رجعة فيها، وخاصة تلك التي تتعارض مع القيم الدولية المتعلقة بصون الحياة البشرية". ولفت إلى أن المنظمة الدولية دعت حكومة دكا إلى إعادة النظر في الحكم، وإتاحة فرصة للاستئناف في ظل مناخ قضائي يضمن كافة الحقوق المكفولة للمتهمين.
كما شددت الهيئة على أهمية معالجة الملفات المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان بصورة شاملة، من خلال آليات قضائية مستقلة وشفافة تسعى إلى كشف الحقيقة وإنصاف الضحايا، دون أن تؤدي إلى زيادة الانقسامات السياسية أو إشعال التوترات الداخلية. وأوضحت أن التجارب الدولية أثبتت أن العدالة الانتقالية، بما تتضمنه من لجان حقيقة ومساءلة وتعويضات، قد توفر حلولًا أكثر استدامة وأقل إضرارًا بالسلم المجتمعي من الإجراءات العقابية القصوى مثل الإعدام.
وأكدت الأمم المتحدة أن حماية حقوق الإنسان يجب أن تبقى في صدارة العمل الحكومي، مهما كانت الظروف، مشيرة إلى أن التحديات التي تواجهها بنجلاديش تتطلب جهودًا متوازنة تجمع بين تحقيق العدالة ومراعاة الاعتبارات الإنسانية. ودعت السلطات البنجلاديشية إلى تعزيز الحوار مع المنظمات الحقوقية الدولية، والعمل بشكل مشترك على تطوير النظام القضائي بما يضمن احترام المعايير العالمية.
وتأتي تصريحات الأمم المتحدة في وقت تشهد فيه بنجلاديش حالة من الجدل السياسي والحقوقي، عقب صدور الحكم الذي أثار موجة واسعة من ردود الفعل داخليًا وخارجيًا، بين مؤيدين يرون فيه انتصارًا للضحايا، ومعارضين يعتبرونه قرارًا ذا طابع سياسي قد يزيد من حدة الانقسام الداخلي.
واختتمت الهيئة بيانها بالتأكيد على أن الأمم المتحدة ستواصل متابعة المستجدات المتعلقة بالقضية، وستستمر في تقديم التوصيات اللازمة للحكومة البنجلاديشية بشأن تحسين البيئة القانونية والقضائية، بما يضمن حماية حقوق جميع المواطنين دون تمييز.









0 تعليق