نجح باحث الدكتوراه المصري شريف بيومي في تطوير اختبارات جديدة تمثل نقلة نوعية في التشخيصالمبكر ورصد الأمراض العصبية مثل مرض "ألزهايمر"، حيث ركز الباحث دراساته على تطوير واعتماد اختبارات فائقة الحساسية تقيس البروتينات المرتبطة بالأمراض في الدم والسائل الشوكي بدقة استثنائية.
وشمل ذلك تقنيات قياس متطورة، إضافة إلى تطوير اختبار بسيط للكشف عن كميات ضئيلة من البروتينات المرتبطة بالدماغ، بهدف جعل التشخيصات العصبية المتقدمة فعالة من حيث التكلفة، وأقل تدخلًا، وموثوقة، ومتاحة على نطاق أوسع عالميًا، لا سيما في العيادات والمستشفيات التي تفتقر إلى البنية التحتية المختبرية المكلفة.
أبحاث متقدمة ضمن برنامج أوروبي متخصص
وقام بيومي بإجراء أبحاث رسالة الدكتوراه في مختبر الكيمياء العصبية بالمركز الطبي الجامعي التابع لـجامعة امستردام الحرة بالعاصمة الهولندية أمستردام، وأشرفت على رسالته البروفيسورة الشهيرة د.شارلوت ، الاستاذة بمختبر الكيمياء العصبية، ومسؤولة مركز ألزهايمر بامستردام، وتشرف على العديد من الشبكات الدولية المتخصصة في هذا المجال.
وناقش الباحث أطروحته "سد الثغرات في استخدام المؤشرات الحيوية للأمراض العصبية: من تطوير الاختبارات إلى التطبيق السريري"، في جامعة أمستردام الحرة في 17 نوفمبر 2025.
كانت رسالة الدكتوراه التي حصل عليها الباحث المصري ضمن برنامج MIRIADE (تكامل البحوث متعددة التخصصات لمعالجة تشخيص الخرف)، وهو برنامج ممول من الاتحاد الأوروبي، ويستهدف تأهيل 15 باحثًا شابًا بالتعاون مع شركات أدوية عالمية رائدة، وشركات تشخيص، ومؤسسات بحثية مرموقة حول العالم، ولا يقتصر بحث د.شريف بيومي على تطوير العلوم فحسب، بل يعكس أيضًا مهمة برنامج "ميرياد" في إعداد جيل جديد من قادة البحث القادرين على تحويل الاكتشافات المعقدة إلى فوائد صحية حقيقية.
اختبارات دم مبتكرة لرصد المرض مبكرًا
و"ألزهايمر" هو السبب الأكثر شيوعًا للخرف، عبارة عن اضطراب دماغي تدريجي يصيب ملايين الأشخاص في أنحاء العالم. ويزداد سوءًا بمرور الوقت ويمكن أن يؤدي إلى تدهور إدراكي كبير، وأبرز ما توصل إليه الباحث المصري في أبحاثه المتخصصة للاكتشاف المبكر للمرض هو تطوير اختبار دم سريع يقيس مستوى بروتين معين يرتبط ارتفاعه بالعديد من الأمراض العصبية، حيث أظهر هذا الاختبار حساسية واعدة ونتائج موثوقة تتوافق إلى حد كبير مع نتائج منصات المختبرات الرائدة، ويمكن استخدام هذا الاختبار في العيادات والمستشفيات، ما يجعل مراقبة صحة الدماغ بطرق علمية متقدمة أقرب إلى الشرائح العمرية المستهدفة.
وطوّر الباحث المصري أيضًا اختبارات جديدة لبروتين مرتبط بالتلف المبكر لاتصالات الدماغ لدى مرضى ألزهايمر، كما قاد الباحث دراسات مقارنة مباشرة لبروتينات تُعدّ الآن من أقوى مؤشرات مرض ألزهايمر، حيث ساهمت أبحاثه في تأكيد دقتها، وتحديد مستويات بحثية مرجعية للتشخيص، وكشف العوامل التي قد تؤثر على نتائجها، مثل وظائف الكلى أو التغيرات في الحاجز الدموي الدماغي.
كما قدم للوكالة الأوروبية للأدوية اسهامات في الكشف عن العلامات الحيوية للأمراص العصبية عند الأطفال، ما شجع على جمع المزيد من البيانات السريرية، مما يُساعد في تسريع تطوير علاجات جديدة للمرضى الصغار الذين يعانون من حالات عصبية.
وتعمل هذه التطورات مجتمعة على دفع اختبارات الدم الخاصة بمرض ألزهايمر إلى الاقتراب من الاستخدام السريري الروتيني.
انعكاسات عالمية وتأثير متوقع على الدول النامية
وأكدت نتائج رسالة الدكتوراه ضرورة ضبط هذه الاختبارات ومعاييرها بدقة لضمان موثوقيتها في مختلف المختبرات وفئات المرضى، وهي خطوة حاسمة قبل اعتمادها على نطاق واسع في مجال الرعاية الصحية.
وأوضح الباحث أن "هذه النتائج مثيرة للاهتمام لأنها توفر أدوات عملية لدعم التشخيص المبكر والأكثر دقة"، حيث "يمكن للاكتشاف المبكر من خلال اختبارات الدم البسيطة أن يفتح الباب أمام التدخلات الطبية في الوقت المناسب بما قد يسهم ابطاء تطور المرض وتحسين نوعية حياة المرضى".
ويتوقع لهذه النتائج أن تؤثر ايجابًا بشكل خاص في الدول النامية، حيث يمكن لاختبارات الدم المحمولة التي تتم بأسعار معقولة أن تساعد الأطباء على اكتشاف مرض ألزهايمر وغيره من الحالات العصبية في وقت مبكر، وتقليل الضغط على أنظمة الرعاية الصحية، وتوفير التشخيصات المتقدمة للمجتمعات التي هي في أمس الحاجة إليها.
ويعد مركز ألزهايمر بأمستردام أحد أهم المراكز عالميًا في هذا المجال، ويركز بشكل خاص على اكتشاف علامات الخرف في سن مبكرة، باعتبار أن فهم آليات المنشأ أمرًا أساسيًا للوصول إلى تشخيص وعلاج جيدين لمرض ألزهايمر وأمراض الدماغ الأخرى.
إحصاءات عالمية ومصرية حول المرض
وبحسب متخصصون مصريون فإن "ألزهايمر" هو أحد أنواع الخرف و60% من الخرف سببه الإصابة بـ "ألزهايمر" و40% أسباب أخرى، وتقدر وزارة الصحة المصرية عدد مرضى "ألزهايمر" في مصر بنحو 400 ألفًا، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم ما بين 800 ألف ـ مليون حالة بحلول 2030، وعالميًا هناك نحو 55 مليون مصاب بالخرف، مابين 60 ـــ 70% منهم بسبب "ألزهايمر"، وتشير الاحصاءات إلى أن 71% من مرضى الخرف من سكان الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، وتؤكد الجمعيات الطبية بمصر أن نسب الإصابة بـ"ألزهايمر" تزداد مع ارتفاع متوسط الأعمار، مما يتطلب تكثيف حملات الكشف المبكر، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمصابين وأسرهم.
وينصح خبراء التغذية، وفق موقع "تايمز أوف إنديا"، بتناول مجموعة من الأطعمة التي تدعم صحة الدماغ وتقلل من خطر الإصابة بـ"ألزهايمر"، منها التوت الأزرق والأسماك الدهنية مثل السلمون، الماكريل، والسردين، والتي تحتوي على كميات كبيرة من أحماض أوميجا 3 الدهنية، التي تلعب دورًا أساسيًا في بناء أغشية خلايا الدماغ وتقلل من تدهور الوظائف الإدراكية، وكذلك الخضروات الورقية الداكنة: كالسبانخ، والكرنب، والجرجير، الغنية بفيتامين K وحمض الفوليك ومضادات الأكسدة، التي تدعم وظائف الدماغ وتُبطئ من تدهور الذاكرة، وكذلك المكسرات والكركم والطماطم والشاي الأخضر والبيض.
ود.شريف بيومي خريج كلية الصيدلة جامعة القاهرة، وحصل على الماجستير من جامعة "توركو" بفنلندا، وركزت رسالته أيضًا على تطوير اختبار سريع وبسيط للكشف عن الأجسام المضادة لالتهاب الكبد الوبائي (سي) في الدم باستخدام جسيمات نانوية متقدمة، وأظهر هذا الاختبار دقة عالية ويتوقع أن يسهم في جعل التشخيص المبكر أكثر سهولة وأقل تكلفة لاسيما في الدول النامية.













0 تعليق