أكد د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الحديث عن الشائعات أصبح ضرورة قد تصل إلى حد الفريضة الدينية، مشيرًا إلى أن العالم بات سريع الأحداث ومتغير الظروف والأحكام، وأن الواقع اليوم يزخر بالمشكلات الحديثة والأفكار الغريبة التي تقف وراءها مؤسسات ودول وجماعات لإنشاء محتوى يتضمن مادة تعمل على تزوير الواقع، وتدليس التاريخ، وتزييف الحقائق معتمدة على أدوات العصر الرقمي، في إطار ما سماه حرب الكلمة التي تُعد واحدة من الحروب المعاصرة ذات الآثار المدمرة على الفرد والمجتمع والدولة.
وأكد أن حرب الكلمة الخاطئة والفكرة الجائرة قاتلة، إذ ترتد على الشخص والدولة ماديًأ ومعنويًا، وقد تدفع البعض إلى الانتحار أو الشعور بالهزيمة النفسية، ما يؤدي إلى هدم العمران والمجتمع وترك آثار مدمرة على المدى الطويل.
وأضاف أن الشائعات تعمل على بذر المفاهيم الخاطئة، وترويج المعلومات المغلوطة، ونشر السلوكيات الشاذة، ويُسهل انتشارها العصر الرقمي والتكنولوجيا الاتصالية التي تتميز بسرعة الانتشار وقوة التأثير بين الناس.
وبين أن الشائعات تعمل، أيضًا، على التقليل من قيمة الدين والوطن، وتسفيه التاريخ، والنيل من الأعراض، وأنها منتشرة عبر العديد من المنصات والوسائل الرقمية، ما يجعل من الضروري التثبت من المعلومات قبل نشرها أو تداولها، مستشهدًا بقول الله تعالى «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، مشيرًا إلى أن نقل المعلومة من مصدرها أمانة، ونقلها دون مصدرها يؤدي إلى الخروج عن الحق والإفساد في الأرض مستشهدا بقوله تعالى (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).
وأشار إلى حادثة الإفك التي أشيعت حول أسرة النبي صلى الله عليه وسلم، قائلًا إن الشائعة يمكن أن تؤدي إلى وقوع فتنة كبيرة، وتؤدي إلى تهيئة الظروف لحدوث خسائر في الأرواح والأموال، مؤكدًا أن الشائعات قد تمتد آثارها لعقود طويلة كما حدث في العراق، ما أدى إلى القضاء على حضارة علمية عظيمة كانت رائدة في علوم الفلك والرياضيات والعلوم الإنسانية.
وتطرق إلى بُعد الشائعات الاجتماعي والديني، مؤكدًا أن الدين يقدس الأسرة والعلاقة الزوجية ويضع ضوابط واضحة لحماية الحقوق، وأن بعض الشائعات تهدف إلى النيل من تماسك الأسرة وقوتها عبر نشر مفاهيم خاطئة تحت زعم الحرية، موضحا أن الدين يحترم الخصوصيات، كما لا توجد صداقة بين الشاب والفتاة تدفع إلى المحرمات، ولكن زمالة قائمة على احترام الضوابط والخصوصيات حيث يقول الله تعالى: (ولا تقف مال ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك عنه مسئولا).
وأشار إلى الهجمة الشرسة على اللغة والتي تؤدي إلى النيل من الدين والثقافة، مؤكدًا أن اللغة ليست وسيلة اتصال فحسب، بل تعرف الإنسان بعلاقته بربه وأخيه الإنسان وعلاقته بجميع مفردات الكون، وأن استخدام أساليب التلميح بدلًا عن التصريح في مواجهة المنكر وسيلة لتجنب التجريح كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، مستشهدًا بحديثه الشريف (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله فيرفع بها الدرجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله عليه فيهوي بها الدركات)، مضيفًا أن الشائعات تدفع الإنسان للقيام بالسلوكيات الشاذة والتعدي على حرمة الفرد والدولة والحضارة، وأن أخطر أنواع الشائعات تلك التي تتعلق بالدين وتؤدي إلى نشوء ظواهر مثل الإسلاموفوبيا، مشددًا على أن مواجهتها تتطلب وعيًا اجتماعيًا وإعلاميًا وعلميًا، وتعليم الشباب التحقق من المعلومات قبل نشرها، لضمان عدم الانخداع وراء الأخبار المغلوطة.










0 تعليق