واشنطن تتحرك لقطع التمويل الإيراني عن حزب الله: «فرصة سانحة» لإجبار الجماعة على إلقاء سلاحها

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في خطوة تكشف عن تحول جديد في الاستراتيجية الأميركية تجاه لبنان، أعلن جون هيرلي، وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، أن بلاده ترى في الوقت الحالي «فرصة سانحة» لإضعاف حزب الله اللبناني وقطع شريان التمويل الإيراني عنه.

وأوضح هيرلي، في مقابلة مع وكالة رويترز، أن إيران تمكنت من تحويل نحو مليار دولار إلى حزب الله خلال عام 2025، رغم العقوبات القاسية المفروضة على طهران منذ سنوات.

وأكد أن واشنطن تسعى عبر حملتها المعروفة باسم «أقصى الضغوط» إلى تحجيم النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن لبنان يمثل اليوم ساحة اختبار حقيقية لهذه الاستراتيجية، بعد تراجع قوة الحزب عقب الحرب التي خاضها مع إسرائيل بين عامي 2023 و2024.


حملة أميركية متصاعدة لعزل إيران مالياً

وفي هذا السياق، شدد هيرلي على أن الولايات المتحدة تعمل على تجفيف منابع التمويل الإيراني التي تغذي جماعات مسلحة في المنطقة، وعلى رأسها حزب الله، موضحاً أن "المفتاح في تقويض نفوذ طهران يبدأ من وقف تدفق الأموال إلى وكلائها في لبنان وسوريا واليمن".
وأضاف أن زيارته الحالية إلى تركيا ولبنان والإمارات وإسرائيل تهدف إلى تعزيز التعاون المالي والاستخباراتي مع حكومات المنطقة لضمان إحكام الرقابة على التحويلات المشبوهة والأنشطة المصرفية التي تخدم الشبكات الإيرانية.

جدير بالذكر أن واشنطن فرضت الأسبوع الماضي عقوبات جديدة على شخصين متهمين بتسهيل تمويل حزب الله عبر شبكات مالية معقدة تمتد بين بيروت وطهران وأنقرة، في إطار جهد أميركي متواصل لتقويض قدرة الحزب على التمويل الذاتي.

هيرلي: اللبنانيون يمكنهم استعادة وطنهم

وخلال المقابلة، قال المسؤول الأميركي:"هناك فرصة سانحة في لبنان الآن، وإذا استطعنا أن نجعل حزب الله يلقي سلاحه، يمكن للشعب اللبناني أن يستعيد بلده".
وأضاف أن النفوذ الإيراني في لبنان لا يمكن فصله عن المال والسلاح، مؤكداً أن كبح التمويل هو الخطوة الأولى نحو تفكيك منظومة النفوذ الإيراني التي “أرهقت الدولة اللبنانية وأعاقت استقرارها لعقود”.

الاقتصاد الإيراني في مأزق رغم الدعم المستمر لوكلائه

تعاني إيران من أزمة اقتصادية خانقة نتيجة العقوبات الغربية المفروضة عليها، خاصة بعد فشل المفاوضات النووية وإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران.
وفي ظل تراجع الريال الإيراني وتزايد معدلات التضخم والركود، لجأت الحكومة الإيرانية إلى تعزيز تحالفاتها مع الصين وروسيا لتخفيف الضغط الغربي، غير أن هذه الخطوات لم تمنعها من مواصلة ضخ الأموال إلى حزب الله للحفاظ على نفوذها الإقليمي.

وفي هذا الإطار، تتهم الدول الغربية إيران بتطوير قدرات نووية سرية تحت غطاء الاستخدامات المدنية للطاقة، فيما تؤكد طهران أن برنامجها النووي "سلمي بالكامل" ويهدف فقط لتوليد الكهرباء.

إسرائيل تضغط عسكرياً.. ولبنان في موقف حرج

ومن جانب آخر، صعّدت إسرائيل خلال الأيام الماضية هجماتها الجوية على جنوب لبنان، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الموقع قبل عام، في محاولة لمنع الحزب من إعادة بناء قدراته العسكرية.
وتشير تقارير إسرائيلية إلى أن «حزب الله» يحاول إعادة تموضع قواته وبناء أنفاق جديدة في الجنوب، بينما تواصل الحكومة اللبنانية التزامها بنزع سلاح جميع الجماعات غير التابعة للدولة، بما فيها حزب الله الذي تأسس عام 1982 على يد الحرس الثوري الإيراني.

وفي ذات السياق، يرى مراقبون أن بيروت تجد نفسها بين مطرقة الضغط الأميركي وسندان النفوذ الإيراني، خصوصاً مع تعقّد التوازن السياسي الداخلي وارتباط الحزب بالمعادلة الحكومية والبرلمانية في لبنان.

تحليل سياسي: واشنطن تحاول استثمار لحظة الضعف الإيرانية

ومن جانبه يرى الخبير في الشؤون الاستراتيجية دكتور فادي عبد الله أن تصريحات هيرلي تعكس مرحلة جديدة من التصعيد الأميركي الاقتصادي ضد إيران، موضحاً أن واشنطن تحاول "استثمار حالة الضعف النسبي التي يعيشها النظام الإيراني نتيجة الحرب في غزة وتراجع صادرات النفط بسبب العقوبات".

وأضاف أن الرهان الأميركي على الداخل اللبناني يهدف إلى تفكيك منظومة حزب الله تدريجياً عبر الضغط المالي والسياسي، وليس المواجهة المباشرة، معتبراً أن واشنطن تدرك أن “إضعاف الحزب يبدأ من تجفيف موارده وليس من الميدان العسكري”.

بين ضغوط واشنطن المالية وحسابات طهران الإقليمية، يقف لبنان اليوم أمام منعطف تاريخي جديد قد يحدد شكل توازنه الداخلي لسنوات مقبلة.
وفي ظل ما وصفه المسؤول الأميركي بـ«الفرصة السانحة»، تتجه الأنظار إلى نتائج جولة هيرلي الإقليمية وما إذا كانت ستؤسس فعلاً لمرحلة تراجع التمويل الإيراني لحزب الله، أم أن المعادلة القديمة بين واشنطن وطهران ستستمر بصيغتها المعقدة المعتادة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق