◄نطالب بإدارة مستقلة داخل وزارة الصحة لتمثيل العاملين بالقطاع
◄نسعى لهيكلة منظومة الأجور وإنهاء الفجوة بين العاملين في القطاعات الصحية المختلفة
◄نخطط لتوقيع بروتوكول مع وزارات العمل والصحة والتعليم العالي لتحسين بيئة العمل
◄ندعم الخريجين بورش تدريب شهرية وشهادات معتمدة لتأهيلهم لسوق العمل
◄طالبنا بتمثيل النقابة في مجلس الصحة المصري لضمان المشاركة في قرارات مزاولة المهنة
◄القوانين المنظمة للمهنة تحتاج لاستكمال وتشريعات جديدة لحماية العاملين من المخاطر المهنية
◄نستهدف تحويل المعاهد الفنية لمعاهد عليا للعلوم الصحية ومدّ فترة الدراسة لأربع سنوات
في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها القطاع الصحي في مصر، تتزايد أهمية دور العاملين بالعلوم الصحية كأحد الأعمدة الرئيسية في المنظومة الطبية، لما يتحملونه من مسؤوليات مهنية دقيقة تتعلق بصحة المواطن وسلامة الخدمات المقدمة داخل المستشفيات والمعامل ومراكز الأشعة وغيرها من المؤسسات العلاجية.
وأجرت جريدة "الدستور" حوار مع أحمد الدبيكي نقيب العاملين بالعلوم الصحية، تحدثت من خلاله عن التحديات التي تواجه العاملين في هذا القطاع الحيوي، ورؤية النقابة لتطوير المهنة ودعم شبابها، وأبرز مطالبها من الحكومة ووزارة الصحة، وخططها للنهوض ببيئة العمل وتوحيد منظومة الأجور، فضلًا عن رؤيته لمستقبل العلوم الصحية في مصر خلال السنوات المقبلة.
وإلى نص الحوار...
- ما أبرز التحديات التي تواجه العاملين في مجال العلوم الصحية خلال الفترة الحالية؟
التحديات التي تواجه العاملين بالعلوم الصحية كثيرة ومتراكمة عبر عقود طويلة، فنحن نحمل على عاتقنا عبء تطوير المنظومة الصحية منذ أكثر من ستين عامًا، ورغم ما تحقق من مكتسبات في السنوات الأخيرة، إلا أن الواقع لا يزال مليئًا بالصعوبات التي تحتاج إلى قرارات حاسمة وتنفيذ فعّال.
أول هذه التحديات يتمثل في تطبيق القانون رقم 1 لسنة 2017 الخاص بإنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء، وتحديدًا تنفيذ المادة الرابعة منه التي تنص على نقل العاملين في مجال سلامة الغذاء من الجهات المختلفة، وعلى رأسهم خريجو العلوم الصحية العاملون كمراقبين صحيين، إلى الهيئة الجديدة، فاعتبارًا من يناير المقبل، ستتولى الهيئة مسؤولية سلامة الغذاء على مستوى الجمهورية، بما يعني انتقال صلاحيات كاملة من وزارة الصحة إليها، إلا أن خطوات نقل التبعيات لا تزال متعثرة حتى الآن، ولم يُعلن بعد عن تبعية مكاتب الأغذية للهيئة بشكل رسمي، رغم أن المنطق يقتضي نقلها بالكامل لتعمل وفق نظم ولوائح الهيئة القومية لسلامة الغذاء.
أما التحدي الثاني فيتعلق بمصير أكثر من 6 آلاف مفتش أغذية بوزارة الصحة، يمتلكون خبرات تراكمية تمتد لعقود في مجالات التفتيش والمراقبة الصحية، لكنهم مهددون بالتهميش في ظل توجه الهيئة القومية لسلامة الغذاء لتعيين كوادر جديدة بعقود مؤقتة، بعضهم من تخصصات لا علاقة لها بالمجال مثل التجارة أو الحقوق، وهو أمر لا يتفق مع طبيعة العمل الرقابي الدقيق في مجال الأغذية.
ويأتي التحدي الثالث في التنسيق بين وزارة الصحة وهيئة الرعاية الصحية، حيث لا يزال هناك تضارب في تبعية العاملين، فبعضهم يتبع الوزارة وآخرون الهيئة، رغم أدائهم لنفس المهام وفي نفس أماكن العمل، وهذا الوضع يؤدي إلى تفاوت في الأجور والمعاملة الوظيفية، رغم تماثل المؤهلات والاختصاصات، وهو ما يستلزم وضع خطة موحدة تضمن العدالة والمساواة في بيئة العمل.
أما التحدي الأخير فيرتبط بالجانب الأكاديمي، وهو رفع كلمة "تكنولوجيا" من مسمى كليات العلوم الصحية التطبيقية، بعد أن أوصت لجنة قطاع الطب وعلوم الحياة في مايو الماضي بإلغاء هذه الكلمة لتأكيد الطبيعة الطبية البحتة لتلك الكليات، وحتى الآن، لم يصدر قرار من رئيس الوزراء لتفعيل هذه التوصية، ما يعطل توحيد الهوية الأكاديمية والمهنية لخريجي هذا القطاع المهم.
- وماذا عن الرواتب والحد الأدنى للأجور للعاملين في القطاع؟
الحديث عن الأجور في القطاع الصحي يفتح ملفًا شائكًا، فبالرغم من تحديد الحد الأدنى للأجور بـ7 آلاف جنيه، فإن تطبيقه لا يتم بشكل عادل أو موحد بين مختلف القطاعات الصحية، ففي الوقت الذي يلتزم فيه بعض مؤسسات القطاع الطبي الخاص بهذا الحد الأدنى بشكل شبه كامل، نجد أن الوضع في الجهات الحكومية يختلف كثيرًا، حيث يسود قدر من العشوائية وعدم المساواة في صرف الرواتب.
وعلى سبيل المثال، العاملون في وزارة الصحة من المكلفين الجدد، سواء من خريجي الطب أو العلوم الصحية أو التمريض أو الفنيين الصحيين، لا يتقاضون الحد الأدنى المعلن، رغم أنهم يؤدون نفس المهام تقريبًا، بل إن هناك فوضى في هيكل الأجور، فخريج العلوم الصحية الذي يعمل في مستشفى تابعة لوزارة الداخلية يحصل على ضعف راتب زميله الذي يؤدي نفس العمل في مستشفى تتبع وزارة الصحة، دون وجود مبرر واضح لهذا التفاوت.
وإذا اتسعنا في المقارنة أكثر، سنجد أن العامل في مستشفيات البترول يتقاضى أضعاف ما يتقاضاه زميله في الهيئة العامة للتأمين الصحي، رغم أن كليهما يؤدي نفس العمل بنفس الخبرة والمؤهل، فبينما يحصل فني الأشعة في التأمين الصحي على نحو 4500 جنيه، قد يتجاوز راتب نظيره في مستشفى البترول 30 ألف جنيه.
والفارق الكبير في الأجور بين العاملين في نفس التخصصات ونفس الظروف يمثل مشكلة عدالة حقيقية، ولا يتعلق فقط بتطبيق الحد الأدنى، بل بضرورة توحيد هيكل الأجور وإصلاح منظومة المرتبات بما يضمن المساواة بين العاملين في مختلف القطاعات الصحية، فليس من المنطقي أن يُكافأ أحد بخمسة أضعاف زميله لمجرد اختلاف الجهة التابع لها، بينما يؤديان نفس الدور في خدمة المواطن والدولة المصرية.
- هل هناك خطط أو تحركات جادة لتحسين بيئة العمل وتوفير أدوات ومستلزمات السلامة المهنية للعاملين في القطاع؟
نعم، هناك تحركات مستمرة في هذا الملف المهم، لأن تحسين بيئة العمل في القطاع الصحي ليس رفاهية، بل ضرورة لحماية صحة المصريين والعاملين على حد سواء.
وفي الحقيقة، هناك تعاون قائم بين وزارة الصحة وهيئة التأمين الصحي الشامل وهيئة التأمين الصحي لتحسين ظروف العمل داخل المنشآت الصحية، نظرًا لما يواجهه العاملون من مخاطر مهنية متعددة، سواء في أقسام الأشعة أو المعامل أو وحدات مراقبة الأغذية.
وعلى سبيل المثال، العاملون في مجال الأشعة معرضون لمخاطر الإشعاع التي قد تسبب أمراضًا خطيرة مثل السرطان، بينما يواجه العاملون في المعامل والمختبرات احتمالات مرتفعة للإصابة بالعدوى نتيجة التعامل المباشر مع العينات البيولوجية، كما يتعرض المراقبون الصحيون ومفتشو الأغذية لمخاطر الإصابة بالأمراض الوبائية أثناء أداء مهامهم.
ومن هذا المنطلق، نحن على تواصل دائم مع وزارات الصحة والتعليم العالي والعمل لوضع خطة متكاملة لتحسين بيئة العمل وضمان تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية في جميع المؤسسات الصحية.
وندعو في هذا السياق، وزير العمل محمد جبران، ونائب رئيس الوزراء ووزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار، إلى دعم هذا التوجه من خلال توقيع بروتوكول تعاون رباعي يضم وزارات العمل، والصحة، والتعليم العالي، ونقابة العلوم الصحية، بحيث تتكامل الجهود وتتوحد السياسات.
فالمؤسسات الصحية في مصر تتبع جهات متعددة، منها وزارات الصحة، والتعليم العالي، والداخلية، والدفاع، فضلًا عن هيئات أخرى، وهو ما يجعل من الضروري إعداد خطة وطنية شاملة للسلامة المهنية، تضمن توحيد الإجراءات والالتزام بمعايير الأمان في جميع المستشفيات دون استثناء.
- كيف تتعامل النقابة مع الشكاوى التي يتقدم بها العاملون في القطاع؟
التعامل مع شكاوى الأعضاء يمثل أحد أهم أدوار النقابة وأولوياتها اليومية، فبمجرد وصول أي شكوى إلى النقابة العامة، يتم التحقق من مضمونها بدقة قبل اتخاذ أي إجراء.
وفي حال كانت الشكوى تخص محافظة معينة، يتم تحويلها مباشرة إلى النقابة الفرعية أو اللجنة النقابية المختصة بالمحافظة، حيث تمتلك النقابة فروعًا في 25 محافظة على مستوى الجمهورية، أما المحافظات التي لا توجد بها فروع مثل البحر الأحمر والوادي الجديد، فتتولى أقرب نقابة مجاورة التعامل مع الشكاوى الواردة منها.
وبعد ذلك، يتم استدعاء مقدم الشكوى لسماع تفاصيله بشكل مباشر، لأن ما يُكتب قد يختلف عن ما يُقال أو يُقصد.
وعقب التحقق الكامل من ملابسات الشكوى، تتواصل النقابة مع الجهة الإدارية أو الوظيفية المعنية لحل المشكلة في إطار من الحوار والتعاون، بما يضمن تحقيق العدالة وتحسين ظروف العمل دون الإضرار بحقوق أي طرف.
والغاية الأساسية من كل ذلك هي الوصول إلى بيئة عمل آمنة وعادلة تحترم حقوق العاملين وتوفر لهم الدعم النقابي اللازم في مواجهة أي تجاوزات.
- وما هي أبرز المطالب التي رفعتها النقابة مؤخرًا إلى وزارة الصحة أو مجلس الوزراء؟
من أبرز المطالب التي تقدمت بها النقابة مؤخرًا إلى وزارة الصحة ومجلس الوزراء هو تمثيل النقابة داخل مجلس الصحة المصري، خاصة بعد صدور قانون المسئولية الطبية، الذي أعاد تنظيم المهن الصحية، وأكد على أهمية وجود جميع الكوادر ضمن المنظومة الطبية بشكل رسمي.
فخريجو العلوم الصحية أصبحوا بموجب تعديل قانون رقم 14 جزءًا أساسيًا من الكادر الصحي داخل وزارة الصحة، ومن ثم فإن من الطبيعي أن يكون للنقابة مقعد داخل مجلس الصحة المصري، وهو الجهة المنوطة وفقًا للقانون بتنظيم تراخيص مزاولة المهنة، وإقرار الامتحانات الدورية لتجديد تلك التراخيص كل أربع سنوات.
ووجود ممثل عن نقابة العلوم الصحية داخل المجلس يعد أمرًا ضروريًا، لأن هذه النقابة تضم كوادر فنية متخصصة تمتلك الخبرة العملية والعلمية في الجوانب التطبيقية والفنية الدقيقة التي يصعب على غيرهم إدراكها، ومن ثمّ فإن مشاركتهم في صياغة القرارات والضوابط المهنية ستضمن تطبيقها بشكل واقعي ومتوازن.
كما أكدت النقابة في مذكرتها المقدمة إلى رئاسة الوزراء ووزارة الصحة أن أبناء العلوم الصحية يمثلون أكثر من 14 فئة مهنية داخل المنظومة الطبية، تشمل تخصصات الأشعة، المختبرات، الرعاية الصحية، التركيبات السنية، الأجهزة الطبية، والعلاج التنفسي وغيرها، وهو ما يجعل تمثيلهم في مجلس الصحة المصري استحقاقًا منطقيًا يعزز التكامل داخل المنظومة الصحية.
- هل هناك مبادرات أو بروتوكولات تعاون لتطوير مهارات العاملين بالعلوم الصحية بما يتماشى مع التطورات المتسارعة في القطاع الصحي؟
نعم، النقابة تولي ملف تطوير المهارات والتدريب المستمر اهتمامًا كبيرًا، إدراكًا منها لأهمية مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية في المجال الصحي، لذلك أبرمت النقابة عددًا من بروتوكولات التعاون مع مؤسسات تعليمية وطبية كبرى، تشمل المعاهد العليا والجامعات الأهلية والهيئات الطبية الحكومية.
وحاليًا لدينا أربعة بروتوكولات مفعّلة مع كل من معهد الجلالة الأهلية، وجامعة المنصورة الأهلية، والمعهد العالي بشربين، والمعهد العالي للعلوم الصحية بطريق مصر – الإسماعيلية، إلى جانب تعاون قائم مع المؤسسة العلاجية والهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية.
وتهدف هذه البروتوكولات إلى تنمية مهارات الطلاب قبل التخرج، بالإضافة إلى تأهيل الخريجين من أبناء النقابة من خلال برامج تدريب متخصصة وتطبيقية.
كما تحرص النقابة على المشاركة سنويًا في نحو خمسة مؤتمرات علمية كبرى تغطي تخصصات مختلفة في العلوم الصحية.
على سبيل المثال، شاركت مؤخرًا في مؤتمر طب وتركيبات الأسنان بمدينة نصر، وكذلك في معرض إيجي هيلث الذي أُقيم في الفترة من 18 إلى 20 سبتمبر، حيث نظمت النقابة ورش عمل تدريبية داخل المعرض، وقدمت خلالها شهادات معتمدة من النقابة والشركات المشاركة تُحتسب ضمن متطلبات تجديد ترخيص مزاولة المهنة.
وفي إطار خطتها المستقبلية، تعمل النقابة على إنشاء قاعة تدريب مركزية مجهزة بالكامل داخل مقرها الرئيسي، لتكون مركزًا دائمًا لتنفيذ الدورات العملية وورش العمل، بدءًا من تخصصي الأشعة والمختبرات الطبية، بإشراف نخبة من أعضاء النقابة الحاصلين على درجات الماجستير والدكتوراه في تخصصاتهم.
- ما موقف النقابة من القوانين المنظمة لمهنة العلوم الصحية حاليًا؟ وهل ترون أنها تحتاج إلى تعديل أو تطوير؟
في الحقيقة، المرحلة المقبلة ستكون حاسمة على الصعيد التشريعي بالنسبة لمهنة العلوم الصحية، فهناك العديد من القوانين التي تم إنجازها، وأخرى في طور الإعداد وتحتاج إلى دعم ومتابعة داخل البرلمان.
وقد نجحنا خلال الفترة الماضية في صدور قانون رقم 173 لسنة 2025، بالإضافة إلى قانون المسؤولية الطبية، وهما يمثلان إنجازين تشريعيين مهمين، لكن لا تزال هناك حاجة ماسة لإصدار قانون مزاولة مهنة العلوم الصحية التطبيقية، وهذا القانون نعمل عليه حاليًا مع الجهات المعنية، ونهدف من خلاله إلى تنظيم ممارسة المهنة بشكل رسمي وقانوني بحيث يقتصر مزاولة العمل في تخصصات العلوم الصحية على أبنائها المؤهلين فقط، ومنع أي دخلاء أو غير مختصين من العمل في هذا المجال الحيوي.
ونأمل أن يصدر هذا القانون إما بشكل مستقل أو ضمن حزمة القوانين المنظمة لمزاولة المهن الصحية، والتي صدرت منها حتى الآن تشريعات تخص بعض المهن مثل الصيدلة، بينما لا تزال باقي المهن بحاجة إلى تحديث وإعادة تنظيم.
كما تخطط النقابة لتقديم مشروع قانون خاص بالنقابة المهنية للعلوم الصحية ضمن الفصل التشريعي الجديد لمجلس النواب عقب الانتخابات المقبلة، وذلك لتطوير البنية التشريعية التي تنظم شؤون العاملين في هذا القطاع وتعزز حقوقهم المهنية.
إلى جانب ذلك، نعمل على إعداد تشريعات لحماية العاملين في مجالات الأشعة والمختبرات ومراقبة الأغذية أثناء أداء مهامهم، نظرًا لما يتعرضون له من مخاطر مهنية وعدوى وأمراض ناتجة عن طبيعة عملهم، وهو ملف يحتاج إلى نصوص قانونية واضحة تضمن سلامتهم وحقوقهم.
ولا يمكن في هذا السياق، إلا أن نُثمن دور مجلس النواب في دورته السابقة، خاصة دعم عدد من النواب الذين وقفوا بجانب النقابة في معاركها التشريعية، ومنهم الدكتور حامد الجبالي، والدكتور أشرف حاتم، والدكتور محمود مشعل، والدكتور مكرم رضوان، والنائبة نيفين مارسيل سمير، وغيرهم ممن أسهموا في إقرار قوانين طال انتظارها.
ورغم أن إصدار تلك التشريعات استغرق أكثر من ثلاث سنوات من الجهد والتنسيق، فإننا نعتبرها خطوة أولى في مسار طويل نحو استكمال المنظومة التشريعية لمهنة العلوم الصحية، وسنواصل العمل حتى نحقق ما يتطلع إليه العاملون في هذا القطاع الحيوي.
- كيف تصفون طبيعة التعاون بين نقابة العاملين بالعلوم الصحية ووزارة الصحة في معالجة المشكلات التي تواجه العاملين في القطاع؟
يمكن القول، إن التعاون بين النقابة ووزارة الصحة جيد ومثمر في مجمله، لكنه ما زال يحتاج إلى تعزيز أكبر حتى يصل إلى مستوى التعاون المتكامل والمستدام الذي نطمح إليه، فهناك تواصل إيجابي ودعم واضح من الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي باسم الوزارة، الذي لا يتأخر في مساندة النقابة وتيسير الحلول.
ومع ذلك، نرى أن تحقيق تعاون مؤسسي فعال يتطلب إنشاء إدارة خاصة بالعلوم الصحية داخل الهيكل التنظيمي لوزارة الصحة، وهو مطلب نسعى إليه بجدية، وهذه الإدارة ينبغي أن تضم كوادر من أبناء العلوم الصحية أنفسهم، لأنها ستكون الأقدر على فهم مشكلات العاملين في هذا القطاع والتعامل معها بواقعية ومهنية.
ونحن نطمح لأن تكون هذه الإدارة على غرار الإدارات المركزية الأخرى بالوزارة مثل الإدارة العامة للعلاج الطبيعي أو إدارة طب الأسنان أو إدارة الصيدلة، بحيث تصبح إدارة عامة أو مركزية للعلوم الصحية، تعمل بشكل مباشر مع النقابة وتكون همزة وصل حقيقية بين الوزارة والعاملين في هذا المجال، بما يضمن سرعة حل المشكلات وتحسين بيئة العمل.
- ما هي رؤية النقابة العامة للعاملين بالعلوم الصحية للنهوض بهذا القطاع خلال السنوات المقبلة؟
رؤية النقابة ترتكز على تطوير المنظومة التعليمية والمهنية للعاملين بالعلوم الصحية بما يتواكب مع متطلبات العصر والتطور السريع في القطاع الصحي.
وأولى الخطوات في هذا الاتجاه هي تحديث اللوائح الدراسية لكليات ومعاهد العلوم الصحية التطبيقية، بحيث يتم إضافة سنة تدريبية كاملة بدلًا من النظام الحالي الذي يقتصر على ستة أشهر فقط، وذلك لضمان تخريج كوادر مؤهلة علميًا وعمليًا.
كما تسعى النقابة إلى تحويل المعاهد الفنية الصحية إلى معاهد عليا للعلوم الصحية، ومد فترة الدراسة بها إلى أربع سنوات متصلة، حتى لا تظل مؤهلات خريجيها في فئة "فوق المتوسط"، بل تصبح مؤهلات عليا تتيح للخريجين استكمال دراساتهم العليا والمشاركة في الأبحاث والتخصصات الدقيقة داخل المنظومة الصحية.
وتشمل الرؤية أيضًا إعداد كوادر قادرة على العمل في مختلف التخصصات الحيوية مثل مكافحة العدوى، وضبط الجودة، والاعتماد الطبي، والأجهزة الطبية، ومجالات الأيزو، بحيث يصبح خريج العلوم الصحية جزءًا أساسيًا في كل مراحل العملية الصحية، وليس فقط في الجوانب الفنية، بل أيضًا في الإدارة والتحليل والمراقبة والجودة.
وترى النقابة أن إلغاء نظام السنتين الدراسيتين نهائيًا واستبداله ببرامج دراسية أكثر عمقًا هو خطوة ضرورية للنهوض بالمستوى العلمي والمهني للعاملين، إلى جانب توحيد المقررات الدراسية وتطبيق القرار الوزاري رقم 378 الذي ينظم المحتوى العلمي لتلك البرامج، باعتباره المرجعية الأصح والأكثر دقة في تأهيل كوادر العلوم الصحية للمستقبل.
- ما هي خطط النقابة لدعم الشباب من العاملين وحديثي التخرج في مجال العلوم الصحية؟
تركّز النقابة العامة للعاملين بالعلوم الصحية بشكل كبير على تمكين الشباب وتأهيلهم لسوق العمل، حيث تنفذ النقابة على مدار العام برامج تدريبية وورش عمل متخصصة تستهدف الخريجين الجدد والعاملين الشباب في مختلف التخصصات الصحية.
وتنظم النقابة، أكثر من 6 فعاليات سنويًا تشمل ورش عمل ودورات تدريبية وتكريمات للخريجين المتميزين، في إطار خطة مستمرة لتطوير مهاراتهم العملية وربطهم بسوق العمل بشكل مباشر.
وتسعى النقابة خلال المرحلة المقبلة إلى توسيع نطاق هذه الأنشطة لتصبح دورية شهرية، بحيث يحصل كل خريج على فرص تدريب منتظمة ترفع من كفاءته المهنية وتدعمه في بداية مسيرته العملية داخل القطاع الصحي.
- ما الرسالة التي تود توجيهها للعاملين في مجال العلوم الصحية في ظل التحديات الراهنة؟
رسالتي لكل أبناء العلوم الصحية هي الوحدة والاجتهاد، وعلينا أن نلتف حول بعضنا البعض ونتجاوز أي خلافات، لأن قوتنا الحقيقية في تماسكنا وتعاوننا.
وأدعو الجميع إلى الاهتمام بالعلم وتطوير الذات، فالتطور المهني لا يتحقق إلا بالاجتهاد والمثابرة، ونحن في النقابة نعمل باستمرار على تطوير المنظومة ودعم الكوادر، لكن الدور الأكبر يقع على كل فرد في أن يسعى لتأهيل نفسه ومواكبة التغيرات العلمية والتقنية في القطاع الصحي.
فعندما نجد بين العاملين عناصر متميزة ومجتهدة، نشعر بالثقة أن هناك من سيحمل الراية ويكمل مسيرة النهوض بالعلوم الصحية في مصر.
- وما الرسالة التي تود توجيهها للحكومة وأصحاب القرار لدعم قطاع العلوم الصحية؟
رسالتي إلى الحكومة وأصحاب القرار هي الاهتمام الحقيقي بقطاع العلوم الصحية، فهو أحد الأعمدة الأساسية في المنظومة الطبية، وبدونه لا يمكن لأي نظام صحي أن يحقق التميز أو الكفاءة المطلوبة.
ولقد خاض أبناء هذا القطاع رحلة طويلة من التحدي والتطور منذ عام 2011 وحتى اليوم، واستطاعوا أن يثبتوا جدارتهم داخل المنظومة الصحية من خلال أداء مهني وعلمي متميز.
خريجو كليات ومعاهد العلوم الصحية أصبحوا اليوم عنصرًا فاعلًا وشريكًا أساسيًا في رفع كفاءة الخدمات الطبية والهندسة الطبية، وأسهموا في بناء شراكات قوية مع قطاعات الدولة والقطاع الخاص لإدخال فكر جديد ودماء جديدة في المجال الصحي، وهذا القطاع يعني دعم عصب المنظومة الطبية المصرية بكل تخصصاته الحيوية، وهو استثمار مباشر في مستقبل الرعاية الصحية في مصر.












0 تعليق