أطلقت الأمم المتحدة، عبر المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، تحذيرًا بالغ الخطورة من استعدادات واضحة لجولات قتال جديدة في السودان، لا سيما في إقليم كردفان، المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية التي تربط بين العاصمة الخرطوم الخاضعة لسيطرة الجيش، ودارفور التي تهيمن عليها قوات الدعم السريع.
وقال تورك في بيان رسمي إن “المشهد السوداني ينذر بكارثة جديدة، إذ لا توجد أي مؤشرات على احتواء التصعيد، بل هناك تحركات ميدانية واضحة لتكثيف العمليات العسكرية، ما سيضاعف معاناة المدنيين المنهكين من دوامة الحرب الطويلة”.
هدنة متعثّرة بين الدعم السريع والجيش
تأتي التحذيرات الأممية في وقت تتزايد فيه الجهود الدولية لدفع الطرفين نحو الالتزام بمقترح الهدنة الذي قدمته الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، بريطانيا)، ويقضي بوقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر لتأمين ممرات إنسانية وإتاحة الفرصة للسكان لالتقاط الأنفاس.
وقد وافقت قوات الدعم السريع على المقترح، في حين رفض الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان الالتزام بالهدنة، معتبرًا أن “المعركة لم تنته بعد”، وأن “الحسم العسكري هو الطريق الوحيد لاستعادة الدولة”.
هذا التباين في المواقف، بحسب المراقبين، يُنذر بانفجار جديد قد يمتد من كردفان إلى ولايات مجاورة، ما يهدد بتوسيع رقعة الصراع وتعقيد أي مساعٍ للسلام.
كارثة إنسانية تتفاقم يوماً بعد يوم
على الصعيد الإنساني، يعيش السودان إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 21 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينما يحتاج أكثر من 20 مليون سوداني إلى مساعدات صحية عاجلة مع تفشي الكوليرا وحمى الضنك في مناطق عدة.
كما ارتفع عدد النازحين داخليًا إلى نحو 11.5 مليون شخص، وفرّ أكثر من 4 ملايين سوداني إلى دول الجوار، في واحدة من أكبر موجات النزوح في التاريخ الحديث للمنطقة.
وحذرت منظمات الإغاثة من أن استمرار العمليات العسكرية في كردفان وغيرها قد يؤدي إلى “انهيار تام للمنظومة الإنسانية”، خاصة مع تراجع التمويل الدولي وصعوبة إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة.
دعوات عاجلة لوقف التصعيد
في ختام بيانه، شدد فولكر تورك على ضرورة أن “يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية تجاه السودان”، داعيًا الأطراف المتحاربة إلى الجلوس فورًا إلى طاولة الحوار، وإيقاف نزيف الدم الذي طال الأبرياء.
في المقابل، طالبت واشنطن طرفي النزاع بـ“تنفيذ الهدنة الإنسانية فورًا”، مؤكدة أن الشعب السوداني لا يحتمل جولة جديدة من الحرب والجوع والمرض.











0 تعليق