مع تصاعد العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي عزمه على تدمير "كل أنفاق حماس حتى آخر نفق"، في واحدة من أكثر المهام تعقيداً في التاريخ العسكري الحديث.
غير أن هذه "المعركة تحت الأرض" تثير أسئلة كبرى حول كيفية التنفيذ، وحجم المخاطر التي قد تطال المدنيين والبنية التحتية والبيئة على حد سواء.
شبكة أنفاق عمرها عقود
تعود بدايات حفر الأنفاق في غزة إلى أكثر من ثلاثين عاماً، حيث بدأت كممرات تجارية وتهريبية على الحدود، قبل أن تتحول إلى شبكة عسكرية معقدة.
تمتد الأنفاق على مئات الكيلومترات، بعضها ضيق لا يتجاوز عرضه متراً واحداً، وأخرى واسعة تكفي لمرور مركبات وتضم غرف قيادة وتخزين.
ويقدر خبراء أن عمق بعض هذه الأنفاق يتراوح بين 30 و80 متراً، ما يجعل رصدها وتدميرها عملاً بالغ الصعوبة، خاصة في المناطق السكنية المكتظة.
خيارات إسرائيل محدودة ومكلفة
تدرس إسرائيل عدة طرق لتدمير الأنفاق، منها التفجير المباشر، أو الغمر بمياه البحر، أو حقنها بمواد إسمنتية أو غازية.
لكن كل خيار يحمل تبعات خطيرة:
فالغمر قد يؤدي إلى تلوث الخزان الجوفي المشترك مع سيناء، والتفجير قد يسبب اهتزازات أرضية تؤثر على المباني والمنشآت القريبة، أما الحقن فيترك آثاراً طويلة المدى على البنية التحتية والزراعة.
ووفقاً لتقارير سكاي نيوز عربية، يحذر الخبراء من أن أي حل سريع قد يؤدي إلى كوارث بيئية وصحية يصعب السيطرة عليها.
التكلفة الإنسانية والإعمار المستحيل دون حل
يرى مهندسون أن إزالة أو ردم هذه الشبكة الكثيفة سيجعل إعادة إعمار غزة أكثر تعقيداً، إذ إن التربة الرملية للقطاع لا تتحمل تفجيرات متكررة دون أن تفقد تماسكها.
كما أن أي مشروع إعمار مستقبلي سيحتاج إلى دراسات هندسية متقدمة لضمان استقرار الأساسات وحماية شبكات المياه والكهرباء.
لا حل عسكرياً كاملاً دون أفق سياسي
يؤكد محللون أن القضاء الكامل على الأنفاق لن يتحقق بالوسائل العسكرية وحدها، بل يحتاج إلى حل سياسي وأمني شامل.
فالتنسيق مع السلطة الفلسطينية ومصر، وتوفير خرائط دقيقة للأنفاق، قد يقللان من الخسائر، لكن استمرار المواجهة يجعل ذلك غير مرجح حالياً.
ويُرجح خبراء أن ملف الأنفاق سيبقى أحد أسباب استمرار التوتر وربما ذريعة لبقاء وجود عسكري إسرائيلي طويل الأمد في القطاع.

















0 تعليق