قال قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أود أن ألفت الانتباه إلى أن اسم "وادي النطرون" هو الاسم الجغرافي للمكان، أما اسمه الرهباني القديم فهو برية شيهيت، ومعناها "ميزان القلوب"، في هذه البرية عاش الرهبان منذ القرن الرابع الميلادي، وقد امتلأت بالقديسين والنساك الذين مارسوا حياة الزهد والتقشف بعمق وانضباط شديدين.
وأضاف البابا تواضروس الثاني، خلال تصريحات إعلامية لقداسته وقامت بنشرها الصفحة الرسمية لمجلس الكنائس العالمي منذ قليل، بان هذه المنطقة في الكتب القديمة سميت باسم “الإسقيط”، وهي كلمة يونانية-لاتينية تعني جامعة النسك، فمن أراد أن يتعلّم الرهبنة المسيحية وأصول الحياة النسكية، يجدها هنا في وادي النطرون، الذي يُعتبر بحق مدرسة الرهبنة الأولى في العالم المسيحي.
القديس يوحنا ذهبي الفم
كانت البرية مليئة بالأديرة، حتى قبل أن تُبنى لها أسوار، إذ كان الآباء يعيشون في قلالٍ متفرقة في صمت وخلوة.
ويُروى البابا تواضروس الثاني ، أن القديس يوحنا ذهبي الفم عندما زار مصر وسُئل بعد عودته: "ماذا رأيت هناك؟"، أجاب قائلاً : “إن السماء المرصّعة بالنجوم لا تُضاهي في جمالها صحراء مصر المضيئة بصلوات رهبانها”، في تلك الأزمنة لم تكن هناك كهرباء، وكان الرهبان يعتمدون على ضوء الشموع، وفي سكون الليل، كانت أضواء القلالي تبدو من الأعلى كنجوم تلمع في الظلام، فشبّهها القديس يوحنا بذات التعبير الرائع: السماء المرصّعة بالنجوم لا تضاهي برية مصر المتلألئة برهبانها، لأن صلواتهم كانت تصعد من هذا المكان إلى السماء.
واشار بطريرك الكرازة المرقسية ، إلي ان اليوم وادي النطرون يضم أربعة أديرة رئيسية يعيش فيها نحو ثمانمئة راهب، ينهضون يوميًا للصلاة في الرابعة صباحًا، ولكل منهم عمل وإنتاج يساهم في دعم ديره واقتصاد المجتمع المحيط، وفي الرابعة عصرًا يجتمعون مجددًا للصلاة، لتبقى الصلوات مرفوعة على مدار اليوم، في مشهد يعبّر عن بركة وقوة واستمرارية النعمة الإلهية في هذا المكان المقدّس.
17 قرنًا على مجمع نيقية.. احتفال بالوحدة والإيمان
وكشف قداسة البابا تواضروس الثاني، ان هذا المؤتمر العالمي السادس للجنة الإيمان والنظام التابعة لمجلس الكنائس العالمي، والذي يعقد بمناسبة مرور سبعة عشر قرنًا على مجمع نيقية المسكوني الأول، الذي انعقد في مدينة نيقية بتركيا، وقد ناقش ذلك المجمع قضية هرطقة أريوس التي ظهرت في مصر، لذلك تُقام هذه الاحتفالية في أرض مصر تقديرًا وامتنانًا لدور الكنيسة القبطية ولآبائها الذين دافعوا عن الإيمان القويم.
ومن أبرز هؤلاء الآباء البابا ألكسندروس، بابا الإسكندرية في ذلك الوقت، والشمّاس أثناسيوس الذي صار لاحقًا البابا العشرون للكنيسة القبطية.
واشار الى إن حضور هذا الجمع الكبير من ممثلي الكنائس في العالم هو في ذاته تكريم وتذكار لتاريخ الإيمان والدفاع عنه عبر القرون.
وقال البابا : لا ننسى أنه في زمن مجمع نيقية كانت الكنيسة كلها واحدة، قبل أن يحدث الانقسام في مجمع خلقيدونية عام 451م، ولذلك يحمل المؤتمر اليوم عنوانًا رمزيًا عميقًا:"إلى أين من أجل الوحدة المنظورة؟ وكيف يمكن أن نُحيي روح نيقية في عصرنا؟"










0 تعليق