قال الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار، إن تمثال رمسيس الثاني الذي يستقبل زوار المتحف المصري الكبير، كان مهددًا بالتلف في موقعه القديم بسبب الانبعاثات والضوضاء، موضحًا أنه عندما تولى منصبه كأمين عام للمجلس الأعلى للآثار، اقترح على وزير الثقافة حينها فاروق حسني أن يكون التمثال هو أول قطعة أثرية تُنقل إلى المتحف الكبير، ليصبح رمزًا لاستقباله.
وأشار حواس، خلال مداخلة عبر "إكسترا نيوز"، إلى أن وزن التمثال يبلغ 83 طنًا، وقد استغرقت عملية نقله أربع سنوات من الدراسات الدقيقة والنماذج التجريبية، بالتعاون مع المهندس إبراهيم محلب، ومهندسين من جامعة عين شمس، حتى تمت عملية النقل بنجاح من باب الحديد إلى موقعه الحالي أمام المتحف، وسط مشاهد مبهجة شارك فيها المواطنون بالهتاف والتصفيق.
وأوضح عالم الآثار أن عملية النقل كانت موثقة بالكامل، مؤكدًا أنه شعر بفخر بالغ لحظة تحرك التمثال، ووصل بسلامة فجر اليوم التالي إلى موقعه الجديد، في حدث وصفه بأنه “لحظة لن تُنسى في تاريخ الآثار المصرية”.
وأضاف حواس أن المتحف المصري الكبير يضم 12 قاعة عرض رئيسية تحتوي على نحو 40 ألف قطعة أثرية، معظمها كانت موجودة في متحف التحرير، لكن الجديد هو أسلوب العرض الحديث الذي يُبرز الجمال الحقيقي لكل قطعة، مشيرًا إلى أن مجموعة توت عنخ آمون وحدها تضم نحو 5000 قطعة من أصل 5398 اكتشفها هوارد كارتر، وتُعرض مجتمعة لأول مرة في مكان واحد.
الافتتاح العالمي سببه وجود كنوز أشهر ملوك التاريخ
وأكد أن القناع الذهبي لتوت عنخ آمون هو الأجمل والأشهر عالميًا، وأن المتحف الكبير يحظى بهذا القدر من الدعاية الدولية لأنه يضم كنوز أشهر ملوك التاريخ، بينما لم تحظَ متاحف كبرى في أوروبا مثل المتحف الإيطالي الأخير بنفس الزخم الإعلامي، نظرًا للتفرد المصري.
ولفت حواس إلى أن المتحف يقدم تجربة تفاعلية مبهرة باستخدام أحدث تقنيات العرض المتحفي، مثل الواقع الافتراضي (VR) والعرض الثلاثي الأبعاد (3D)، إضافة إلى مكتبة ضخمة تُعد من أعظم المكتبات في تاريخ علم الآثار، كما يضم المتحف مركبي الشمس للملك خوفو، أحدهما نُقل بمعاونة خبراء يابانيين، ما يجعل التجربة فريدة ومتكاملة.
وأشار إلى أن زيارة المتحف تحتاج إلى أربعة أيام على الأقل للاستمتاع بكل تفاصيله، نظرًا لحجمه الهائل وتنوع محتوياته، مؤكدًا أن العرض المتحفي في هذا الصرح يفوق ما هو موجود في أي متحف بالعالم.
وفيما يتعلق بالشق العلمي، أوضح حواس أن المتحف يضم تحت سطحه مركز ترميم متكاملًا على عمق عشرة أمتار، يضم 19 معملًا متخصصًا على أعلى مستوى، تم إنشاؤها بتمويل من جولات كنوز توت عنخ آمون حول العالم، وبمساعدة فنية من اليابان لتدريب المرممين المصريين، مؤكدا أن معامل الترميم تشهد عملًا دقيقًا على عجلات توت عنخ آمون والعقود والمقتنيات الدقيقة، واصفًا ما يجري هناك بأنه “سيمفونية علمية وجمالية رائعة”.
وكشف حواس أن هناك أجنة محنطة لتوأمتي توت عنخ آمون، تُعرض حاليًا في المخازن الخاصة بالمتحف، مشيرًا إلى أنه فكر سابقًا في نقل مومياء الملك إلى المتحف الكبير، لكنه بعد المشاهدة الميدانية للموقع رأى أن المومياء تفقد قيمتها الرمزية إن نُقلت من مقبرتها بوادي الملوك، وهو ما أقرّه وزير السياحة والآثار الحالي شريف فتحي بتشكيل لجنة علمية أوصت ببقاء المومياء في مكانها الأصلي.
وأعرب الدكتور زاهي حواس عن فخره الكبير بما وصلت إليه الدولة المصرية في حفظ وعرض تراثها العالمي، مؤكدًا أن المتحف المصري الكبير سيكون “أيقونة الحضارة الإنسانية في القرن الحادي والعشرين”.













0 تعليق