مع بدء العد التنازلي لافتتاح المتحف المصري الكبير المنتظر في الأول من نوفمبر المقبل، تنتظر الزوار من كافة الفئات خاصة ذوي الهمم تجربة جديدة واستثنائية في عالم المتاحف، فلن يكون المتحف المصري الكبير مجرد صرح أثري، بل جسرًا بين الماضي والمستقبل، ودرسًا عالميًا في كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحرس التاريخ، ويعيد للحضارة المصرية مجدها في زمن التكنولوجيا، مثبتا ان المستقبل يمكن أن يولد من قلب التاريخ نفسه.
فالمتحف الذي يقف شامخًا على هضبة الأهرامات لا يكتفي بعرض آلاف القطع الأثرية، بل يقدّم تجربة حضارية ذكية تمزج بين عبقرية الفراعنة وابتكارات القرن الحادي والعشرين، ليصبح نموذجًا عالميًا في توظيف الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا لخدمة التراث الإنساني.
الذكاء الاصطناعي وتجربة الزائر
منذ لحظة دخول الزائر للمتحف، تبدأ “الرحلة التفاعلية”، حيث يستقبل المتحف زواره بتجربة رقمية متكاملة تبدأ قبل الدخول عبر التطبيقات الذكية لحجز التذاكر وتنظيم الجولات، وتمتد داخل القاعات حيث تتحول المعروضات إلى قصص نابضة بالحياة بفضل تقنيات الواقع المعزز والافتراضي، وفي الوقت نفسه، تعمل أنظمة الاستشعار والذكاء الاصطناعي على حماية الآثار ومراقبة المناخ الداخلي بدقة متناهية، لتبقى كنوز الحضارة المصرية في أمان للأجيال القادمة.
الخدمات الرقمية والتذاكر الإلكترونية
أتاح المتحف نظامًا متكاملًا لحجز التذاكر عبر موقعه الرسمي، حيث يمكن للزائر اختيار جولته المفضلة، وتحديد التاريخ واللغة وعدد التذاكر، ثم الدفع إلكترونيًا واستلام التذكرة عبر البريد.
هذا النظام لا يوفّر الوقت والجهد فحسب، بل يربط تجربة الحجز المسبق بتطبيقات المتحف التي تتابع مسار الزيارة لحظة بلحظة، ما يجعل التجربة رقمية من البداية إلى النهاية.
يمكنك حجز التذاكر عبر الموقع الرسمي للمتحف الكبير باتباع الخطوات التالية:
1/قم بزيارة الموقع الرسمي للمتحف المصري الكبير.
2/اختر الجولة التي ترغب بها.
3/حدد تاريخ الزيارة.
4/اختر اللغة.
5/حدد توقيت الزيارة.
6/اختر التذكرة المناسبة لك وعدد التذاكر.
7/اقرأ التعليمات بدقة.
8/قم بإدخال بياناتك الشخصية المطلوبة.
ثم سيتم تحويلك إلى صفحة الدفع الإلكتروني، ستتلقى تأكيد الحجز وإرسال التذاكر عبر بريدك الإلكتروني.
التقنيات التفاعلية داخل المتحف
في قاعات العرض، يتحول التاريخ إلى مشهد حي، فبتقنيات الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR)، ونظلم العرض الثلاثي الابعاد (3d)، يستطيع الزائر مشاهدة العرش الذهبي لتوت عنخ آمون كما كان في قصره، أو متابعة عملية بناء الأهرامات أمام عينيه بخطواتها الأولى.
كما تتيح النظارات التفاعلية الدخول إلى مقابر رقمية تحاكي التجربة الحقيقية، مع شروحات صوتية بجميع اللغات لتكون تجربة كاملة.
أما الأطفال، فلهم مساحة تعليمية مبتكرة تجمع بين اللعب والمعرفة، حيث يمكنهم تصميم نقوش فرعونية رقمية أو بناء نماذج مصغرة للأهرامات بلمسة إصبع.
أنظمة الذكاء الاصطناعي لحماية الآثار
لا تقتصر مهمة الذكاء الاصطناعي على الإبهار البصري فقط، بل تمتد إلى صون التراث ذاته، فالمتحف ليس مجرد مكان لحفظ الآثار، بل يمثل أيضا نموذجا للتكيف مع التغير المناخي، حيث يوفر بيئة مثالية لحماية المقتنيات من التلف بفعل الحرارة والرطوبة، وهو ما يضعه في مصاف المؤسسات العالمية التي تستجيب لتهديد المناخ، فالمتحف يمتلك قاعدة بيانات رقمية توثق كل قطعة أثرية بتفاصيلها الكاملة، ويقوم النظام بتحليل الصور بدقة لرصد أي تغيّر في حالتها مع مرور الزمن، لتنبيه المرممين مبكرًا قبل حدوث التلف.
كما تتحكم الحساسات الذكية في درجة الحرارة والرطوبة والإضاءة داخل القاعات، بينما تعمل كاميرات المراقبة بتقنية التعرف على الوجه لضمان أقصى درجات الأمان والحماية للمقتنيات والزوار.
تم تزويد المخازن والمعامل بأنظمة عزل دقيقة وأجهزة تحكم في الحرارة والرطوبة، مما يضمن استقرار البيئة الداخلية حتى في ذروة موجات الحر أو العواصف، هذه الأنظمة، تمثل خط الدفاع الأول ضد تلف المواد العضوية والأحجار والمعادن، ما يجعل المتحف المصري الكبير واحدا من أكثر المتاحف أمانا لحماية مقتنياته من آثار المناخ المتغير.
التكامل بين التكنولوجيا والاستدامة البيئية
يمثل المتحف المصري الكبير أيضًا أول متحف صديق للبيئة في مصر، فقد اعتمد تصميمه على واجهات زجاجية ضخمة لتقليل الإضاءة الصناعية، وسقف عاكس للحرارة لتوفير الطاقة.
كما جرى دمج أنظمة للطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية والإضاءة الذكية بتقنية LED، إضافة إلى نظام تحكم رقمي يضبط التشغيل وفق أعداد الزوار، وقد حصل المتحف على شهادات دولية لخفض انبعاثاته الكربونية، ليصبح نموذجًا للحياد البيئي في المؤسسات الثقافية.
كيف تمزج مصر بين الماضي والمستقبل داخل المتحف؟
يقدّم المتحف المصري الكبير نموذجًا فريدًا للعبقرية المصرية التي لا تكتفي بحفظ الماضي، بل تعيد صياغته بروح الحاضر وتطلعات المستقبل، فبين جدرانه يلتقي الحجر بالتكنولوجيا، ويصافح الذكاء الاصطناعي عبقرية الفراعنة في مشهد يختصر رحلة حضارة تمتد لآلاف السنين.
ووراء هذه التكنولوجيا، تبقى الروح الإنسانية هي جوهر التجربة، فالمتحف لا يقدّم الماضي كذكرى جامدة، بل كحوار حي بين الإنسان في المستقبل وأجداده.
كل قطعة تروي قصة، وكل تجربة رقمية تفتح نافذة على التاريخ من منظور جديد، وبهذا المزج بين الفكر الإنساني القديم والعقل الانساني الحديث، يثبت المتحف المصري الكبير أن الحضارة المصرية لا تزال قادرة على الإبداع، وأن المستقبل يمكن أن يولد من قلب التاريخ نفسه.
وان بهذا المزج بين الأصالة والابتكار، لا يصبح المتحف مجرد حارس للتراث، بل بوابة تعبر منها مصر إلى المستقبل بثقة، مؤكدة أن التاريخ حين يلتقي بالتكنولوجيا يولد الإبداع الإنساني في أبهى صوره.













0 تعليق