في اكتشاف علمي مدهش، توصل باحثون من جامعة نورث وسترن الأمريكية إلى تفسير علمي يوضح كيف يحتفظ بعض المسنين بذاكرة حادة وذهن متقد رغم تجاوزهم الثمانين من العمر.
هذه الفئة الفريدة، التي أطلق عليها العلماء اسم "المسنين الخارقين" (SuperAgers)، تتمتع بقدرات ذهنية تضاهي من هم أصغر بثلاثة عقود، إذ يحققون درجات مرتفعة في اختبارات الذاكرة طويلة الأمد، ويُظهرون مقاومة مدهشة للتدهور المعرفي الذي يصاحب الشيخوخة عادة.
المرونة العصبية والمقاومة.. مفتاح سر العقول الشابة
أشارت الدراسة، التي امتدت على مدى 25 عامًا وشملت نحو 300 شخص، إلى أن أدمغة هؤلاء الأفراد تتميز بقدرتها على مقاومة تراكم البروتينات السامة (الأميلويد والتاو) المرتبطة بمرض الزهايمر.
والأكثر إثارة أن بعض الأدمغة التي احتوت على هذه البروتينات لم تتأثر وظيفيًا، بفضل ما يسميه العلماء بـ"المرونة العصبية"، وهي قدرة الدماغ على التكيف مع التغيرات دون فقدان أدائه الإدراكي.
كما أظهرت الفحوص أن القشرة الحزامية الأمامية لدى هؤلاء المسنين أكثر سمكًا من المعتاد، وهي المنطقة المسؤولة عن اتخاذ القرار والتحفيز والمشاعر، إضافةً إلى احتوائها على عدد أكبر من عصبونات فون إيكونومو المرتبطة بالسلوك الاجتماعي، مما يعزز الأداء الذهني والاجتماعي لديهم.
العلاقات الاجتماعية والذكاء العاطفي.. وقود الذاكرة النشطة
خلص الباحثون إلى أن العامل الاجتماعي يلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على حدة الذاكرة، إذ تبيّن أن "المسنين الخارقين" أكثر انفتاحًا وتفاعلاً اجتماعيًا من أقرانهم، ويتمتعون بعلاقات إنسانية قوية تدعمهم نفسيًا وذهنيًا.
وأكد الخبراء أن الحفاظ على الذاكرة يعتمد على مزيج من العوامل الوراثية ونمط الحياة، مشيرًا إلى أن العقل يشبه العضلة: كلما تم تحفيزه فكريًا واجتماعيًا، ظل أكثر قوة ونشاطًا على المدى الطويل.
نصائح الخبراء للحفاظ على الذاكرة مع التقدم في العمر
يوصي الأطباء بمجموعة من العادات اليومية التي تعزز المرونة المعرفية وتحافظ على صحة الدماغ:
ابق اجتماعيًا وشارك في الأنشطة العائلية والمجتمعية لتحفيز مراكز التواصل في الدماغ.
مارس التحديات الذهنية كالقراءة والألعاب الفكرية لتقوية الذاكرة.
حافظ على النشاط البدني لأن الحركة المنتظمة تزيد تدفق الدم للدماغ.
نم جيدًا فالنوم العميق يعزز تخزين الذكريات ويطهر الدماغ من السموم.
اتبع نظامًا غذائيًا صحيًا غنيًا بالأوميجا 3 والخضروات الطازجة.
تؤكد هذه النتائج أن الشيخوخة ليست نهاية القدرات العقلية، بل يمكن، عبر العادات الصحيحة والتحفيز المستمر، الحفاظ على ذهن متقد وذاكرة شابة حتى في العقد الثامن من العمر، لتبقى العقول الخالدة شاهدًا على قوة الإنسان وقدرته على التحدي.
0 تعليق