قال الكاتب الصحفي والإعلامي عادل حمودة، إن هناك اعترافًا مهمًا يستحق التسجيل، نشره ضابط المخابرات البريطاني المتقاعد ريتشارد ديكور، يؤكد أن مصر نجحت في تصوير مفاعل ديمونا الإسرائيلي في صحراء النقب خلال فترة حرجة من الصراع العربي الإسرائيلي.
وأوضح حمودة أن هذه المعلومة وردت ضمن كتاب جديد أصدره الصحفي محمود مراد بعنوان «جاسوس في القاهرة»، الذي يوثق بالوثائق والمصادر أن القاهرة كانت تتابع عن قرب البرنامج النووي الإسرائيلي وتضع «عينيها وأذنيها» على تل أبيب لمعرفة ما يجري داخل مفاعل ديمونا.
وخلال تقديمه برنامج "واجه الحقيقة" على شاشة القاهرة الإخبارية، أوضح حمودة أن الكتاب يكشف عن عملية استخباراتية بالغة الدقة نفذتها المخابرات المصرية، تمكّنت من خلالها من تجنيد عالم إسرائيلي بارز يدعى جان بيير، كان يعمل أستاذًا في معهد التكنولوجيا في جريفا.
وبيّن أن جان بيير نشأ وتعلم في فرنسا، ثم هاجر إلى إسرائيل مدفوعًا بحلم «الأرض المقدسة»، وهناك أصبح من النخبة العلمية في المجتمع الإسرائيلي، لكنه لم يتقبل الانحلال الأخلاقي السائد، ولم تكن له نقاط ضعف تُستغل ضده، بل كان مثقفًا ناضجًا ووطنيًا في قناعاته.
وأضاف حمودة أن رجل مخابرات مصري التقى جان بيير في إحدى الدول الأوروبية، وأجرى معه حوارًا طويلًا حول فكرة التوازن النووي بين مصر وإسرائيل، مؤكدًا له أن تحقيق هذا التوازن كفيل بمنع اندلاع الحروب، تمامًا كما حدث بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي إبان الحرب الباردة.
وقد اقتنع العالم الإسرائيلي بتلك الرؤية، وبدأ بالفعل في مدّ القاهرة بمعلومات سرية عن المفاعل النووي الإسرائيلي الذي كان يشارك في بعض مشروعاته البحثية.
وأشار الكاتب الصحفي إلى أن العالم الإسرائيلي استغل علاقاته الوثيقة بزملائه داخل مفاعل ديمونا للحصول على مزيد من التفاصيل والمخططات الحساسة التي تمكّنت المخابرات المصرية من تحليلها والاستفادة منها استراتيجيًا.
لكن في عام 1970 اكتُشف أمره، وأُلقي القبض عليه داخل إسرائيل وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات، إلا أن المخابرات المصرية واصلت محاولاتها لإنقاذه، إذ تمكّن عميلان مصريان من التواصل معه داخل سجن الرملة عام 1973، وعرضا عليه خطة هروب دقيقة، غير أنه تردد ورفض تنفيذها.
واختتم حمودة تصريحاته بالإشارة إلى أن العالم الإسرائيلي جان بيير ظل في السجن حتى الإفراج عنه لاحقًا، حيث عاش في عزلة تامة حتى وفاته.
وأكد أن ما كشفه كتاب «جاسوس في القاهرة» يبرهن على عبقرية جهاز المخابرات المصرية في توظيف الذكاء والعلم لخدمة الأمن القومي، كما أن الاعتراف البريطاني الأخير يعيد تسليط الضوء على كفاءة الدولة المصرية في جمع المعلومات وحماية توازن القوى في المنطقة، مشددًا على أن مصر لم تكن يومًا غائبة عن مراقبة أي تهديد يمس أمنها القومي، بل كانت دائمًا في موقع المبادرة والفعل.

















0 تعليق