نظمت الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية برئاسة الدكتور أسامة طلعت، ندوة بعنوان «مانشيتات النصر: الصحافة القومية في قلب معركة أكتوبر»، وذلك في إطار احتفالات وزارة الثقافة بذكرى نصر أكتوبر المجيد.
شارك فيها رموز الصحافة القومية: الدكتور أسامة السعيد رئيس تحرير الأخبار، الأستاذ أحمد أيوب رئيس تحرير الجمهورية، والأستاذ جميل عفيفي مدير تحرير الأهرام ومدير مركز الأهرام للترجمة والنشر.
أسامة السعيد: الصحافة القومية درع الوطن في معركة الوعي
استهل الدكتور أسامة السعيد كلمته بالتأكيد أن الصحافة القومية كانت في قلب معركة أكتوبر، وأنها لم تكن مجرد ناقل للأخبار، بل كانت شريكًا أصيلًا في صناعة النصر ورفع الروح المعنوية للشعب المصري.
وقال السعيد: «من جيل أكتوبر تعلمنا أن الجريدة وثيقة للتاريخ لا تُمحى، وأن الكلمة الصادقة يمكن أن تكون أقوى من المدفع في ساحة القتال». وأوضح أن الصحافة في حرب أكتوبر واجهت تحديين كبيرين: تحدي المهنية والدقة في ظل السرية العسكرية، وتحدي الحفاظ على الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة بعد نكسة 1967.
وأشار إلى أن عنوان الأخبار التاريخي في 7 أكتوبر 1973: «عبرنا القناة ورفعنا علم مصر»، كان تجسيدًا للعبور الحقيقي من الهزيمة إلى النصر، مؤكدًا أن الصحافة القومية أدت دورها بحرفية ومسؤولية وطنية عالية، حافظت بها على توازن نادر بين المصداقية والروح الوطنية.
وأضاف أن الصحافة المصرية في تلك الفترة سبقت زمنها، فكانت تنشر ما يشبه «الإنفوجراف» اليوم، عبر العناوين البصرية والبيانات المختصرة، وتصدت بالحقيقة لماكينيات الدعاية الإسرائيلية. كما لعبت الصورة الصحفية دورًا حاسمًا، وعلى رأسها صورة الجندي المصري على خط بارليف التي التقطها مكرم جاد الكريم وأصبحت رمزًا للعزة الوطنية.
وختم السعيد كلمته قائلاً: «الصحافة القومية لم تكن يومًا صحافة حكومة، بل صحافة دولة ووطن، واليوم كما أمس، نخوض معركة لا تقل شراسة — معركة الوعي ضد التزييف والشائعات، وسننتصر فيها كما انتصرنا في أكتوبر».
أحمد أيوب: الصحافة الوطنية لا تموت.. لأنها تُكتب بضمير الوطن
من جانبه، أكد أحمد أيوب رئيس تحرير الجمهورية أن الصحافة القومية كانت وما زالت صوت الوطن وذاكرته الحية، وهي جزء من القوة الناعمة التي تصوغ وعي الأجيال وتحمي ذاكرة الأمة.
وقال أيوب: «في معركة أكتوبر، كانت الصحف القومية شريكًا في القتال، ترفع المعنويات وتنقل الحقيقة بروح المقاتل لا ببرود المراسل، وتكتب بالكلمة ما يعادل رصاصة على الجبهة». وأضاف أن صحف تلك المرحلة – الأهرام، الأخبار، الجمهورية، المصور، روزاليوسف، آخر ساعة – كانت تُدار بروح وطنية خالصة، وجعلت من الصحفيين جنودًا في معركة الوعي والكرامة.
وشدد على أن «معركة الصحافة لم تنته بانتهاء الحرب»، بل ما زالت مستمرة في مواجهة محاولات طمس التاريخ وتشويه الوعي. وقال: «الخصم الآن لا يحتل الأرض، بل يحاول احتلال العقول عبر الشائعات والمعلومات المضللة، وهنا يأتي دور الإعلام الوطني كدرع يحمي الحقيقة ويعيد بناء الثقة».
وختم برسالة مؤثرة: «الصحافة الوطنية لا تموت لأنها تُكتب بضمير الوطن، والكلمة الصادقة كانت وما تزال أقوى من أي سلاح، والوعي هو النصر الحقيقي الذي يجب أن نحافظ عليه».
جميل عفيفي: الصحافة القومية وثيقة لا تزيفها الشائعات
أكد جميل عفيفي مدير تحرير الأهرام ومدير مركز الأهرام للترجمة والنشر، أن الصحافة المصرية أدت خلال حرب أكتوبر دورًا بطوليًا موازياً لدور المقاتلين، موضحًا أن غرف التحرير تحولت إلى «خنادق عمل» فور صدور البيانات الأولى للقوات المسلحة.
وقال: «الصحافة القومية لم تكتفِ بنشر البيانات الرسمية، بل رصدت بطولات الجنود والمشاهد الإنسانية من قلب المعركة، وأسهمت في رفع الروح المعنوية للشعب والجيش».
وأشار إلى أن الصحافة كانت السلاح المعنوي الذي واجه الدعاية المعادية، وأضاف: «منذ عام 2011، حاولت قوى خارجية تشويه المؤسسات القومية لأنها تعرف أن الإعلام الوطني هو الحصن الأخير للدولة، ومن يريد هدم دولة يبدأ بضرب إعلامها».
وتحدث عن معركة الوعي الحديثة قائلاً: «كلما ابتعدنا زمنيًا عن حرب أكتوبر، حاول البعض تشويهها في عقول الشباب. هناك من يزعم أن إسرائيل انتصرت، وهناك مدارس تدرس هذا الزيف. هذه جريمة وعي لا تقل خطرًا عن العدوان المسلح».
وختم كلمته مؤكداً: «الصحافة القومية كانت وستبقى درع الوعي الوطني وسلاح الحقيقة، تحفظ الذاكرة وتواجه التزييف، تمامًا كما واجه الجندي المصري العدو على الجبهة».
أسامة طلعت: نصر أكتوبر جسر بين الماضي والمستقبل
اختتم الدكتور أسامة طلعت – رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية – الندوة بمداخلة علمية استعرض فيها المسيرة التاريخية للجيش المصري منذ فجر الحضارة، مؤكدًا أن مصر لم تخض حربًا يومًا إلا دفاعًا عن أرضها وهويتها.
وقال: «منذ الملك نعرمر حتى حرب أكتوبر، كانت مصر دائمًا في موقع الدفاع عن الوطن، وما جمع كل هذه المعارك هو وحدة الإرادة بين الجيش والشعب».
وأضاف أن دار الكتب والوثائق القومية تحتفظ بكنوز من الدوريات التاريخية التي توثق لحظة النصر بالكلمة والصورة، مشددًا على أن الحفاظ على الذاكرة الوطنية مسؤولية مستمرة، لأن «نصر أكتوبر ليس ذكرى عابرة، بل شاهد على إرادة المصريين التي لا تُكسر».
وختم بقوله: «مصر التي انتصرت في أكتوبر، تنتصر اليوم في معركة الوعي. الجبهة لم تتغير، لكنها انتقلت من الميدان إلى العقول، وسننتصر كما انتصرنا — بسلاح الوعي والإيمان والانتماء».
0 تعليق