قال تقرير أمريكي، اليوم الأحد، إن هناك حالة من عدم اليقين تضرب قطاع غزة خاصة فيما يتعلق بالأمن في ظل التنافس على السلطة بين ما تبقى من حركة حماس والفصائل المتنافسة بالقطاع.
وفي ظل هذه الحالة توجد عدة أزمات تهدد صمود اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، فضلًا عن إمكانية نجاح إعادة الاستقرار إلى غزة.
التزام حماس وإسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار
وأوضحت شبكة "CNN" الأمريكية أن العديد من الفلسطينيين في غزة، لا تزال احتياجاتهم مثل الغذاء والمأوى والماء الأكثر إلحاحًا بعد التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحماس لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأشارت الشبكة إلى أنه حتى لو صمد وقف إطلاق النار فإن حجم المهمة في غزة صعب للغاية فقد تضررت أو دُمّرت جميع المباني بشكلٍ لا يُمكن إصلاحه وقُتل حوالي 68 ألف شخص في غزة فيما لا يزال الآلاف في عداد المفقودين، ويُفترض أن جثثهم لا تزال تحت الأنقاض.
كذلك حُرم أطفال غزة، الذين يُشكّلون أكثر من نصف عدد سكانها المُقدّر قبل الحرب والبالغ 2.2 مليون نسمة، من التعليم لمدة عامين ولا يزال الطعام شحيحًا، ورغم ازدياد حجم المساعدات منذ توقف إطلاق النار، إلا أنه لا يوجد حتى الآن إطار عمل راسخ لتوزيعها بشكل منظم.
أزمة إعادة الإعمار وإصلاح الدمار
وقالت الشبكة إنه في خضم دمار الحرب وعدم اليقين بشأن وقف إطلاق النار الذي لم يمضِ عليه سوى أسبوع واحد، يواجه الفلسطينيون في غزة الآن واقعًا قاسيًا، فنتيجة لعامين من القصف الإسرائيلي جعلا جزءًا كبيرًا من المنطقة غير قابل للتعرف عليه حيث تبلغ مساحة غزة ضعف مساحة واشنطن العاصمة تقريبًا، وثلاثة أضعاف سكانها والآن، تضرر أو دُمر أكثر من 80% من مبانيها، وهو رقمٌ لا يُقارن بأرقامٍ حديثة.
وكشفت "CNN" أنه في الأشهر الخمسة الأولى من الحرب، ألقت إسرائيل أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات على غزة، وهو ما يُعادل، وفقًا للأمم المتحدة في تقريرٍ صدر عام 2024، قنبلتين نوويتين وفي العام الماضي، صعّدت إسرائيل هجماتها الجوية والبرية على جبهات متعددة.
وقالت إن البنية التحتية في غزة في حالة انهيار، وفقًا لتقييمٍ أجرته الأمم المتحدة فقد توقفت شبكات المياه والصرف الصحي عن العمل، وتراكمت مياه الصرف الصحي في الشوارع كما جُرفت أراضيها الصالحة للزراعة، مما جعل الزراعة مستحيلة وبعض المناطق مُعرّضة لخطر التلوث السام.
وبحسب الشبكة قُتل ما لا يقل عن 67،938 شخصًا في غزة منذ بدء الحرب، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، من بينهم حوالي 20،000 طفل وهؤلاء هم فقط من عُثر عليهم وعُثر على جثثهم فيما دُفن ما لا يقل عن 10،000 شخص تحت الأنقاض، وفقًا للدفاع المدني في غزة، الذي تُنقّب فرقه بين ملايين الأطنان من الأنقاض وآلاف الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة بينها فيما تفتقر غزة إلى الآلات والمعدات اللازمة لمثل هذا الجهد الضخم للإنعاش، مما يزيد من صعوبة المهمة.
كذلك يُقدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) أن 55 مليون طن من بحاجة إلى إزالتها في المرحلة الأولى من إعادة إعمار غزة.
وقال جاكو سيليرز، من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لإذاعة NPR من وسط غزة "إذا بُني جدار بطول 12 مترًا حول سنترال بارك، ثم رُدم، فهذه هي كمية الأنقاض التي يجب إزالتها"، مشيرا إلى أن هناك أيضًا ذخائر غير منفجرة، أو قنابل، مع تلك الأنقاض لذا يجب إزالتها أولًا.
هذا وقدر تقييم مشترك للأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي أن التعافي سيتطلب حوالي 70 مليار دولار، وستكون هناك حاجة إلى حوالي 20 مليار دولار في السنوات الثلاث الأولى لاستعادة الخدمات الأساسية في غزة، حيث تتطلب المدارس والمصانع والمستشفيات أعمالًا كبيرة أو لا يمكن إصلاحها.
أزمة رفات المحتجزين الإسرائيليين
ومع اقتراب المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار من نهايتها أعادت حماس المحتجزين العشرين المتبقين الأحياء، مع استمرار الجهود لإعادة جثث جميع المحتجزين الثمانية والعشرين المتوفين ورغم اتهام إسرائيل لحماس بالتباطؤ في إعادة الجثث، صرّح مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية بأن الحركة لم تنتهك شروط وقف إطلاق النار في غضون ذلك، أفرجت إسرائيل عن 250 أسيرا فلسطينيًا مُدانين بجرائم خطيرة، و1700 معتقل محتجزين دون تهم منذ بدء الحرب، وأعادت حتى الآن رفات أكثر من 100 فلسطيني.
أزمة تشكيل قوة دولية لإدارة قطاع غزة
وأوضحت أن المرحلة الثانية أقل وضوحًا بكثير حيث يدعو الاقتراح المكون من 20 نقطة، والذي قدمه الرئيس دونالد ترامب ويحظى بدعم دولي، حماس إلى نزع سلاحها وتسليم إدارة غزة للجنة فلسطينية تشرف عليها هيئة دولية ومن المفترض أن تنسحب إسرائيل من معظم القطاع، ولكن فقط بعد تولي قوة أمنية دولية زمام الأمور.
وحتى الآن، لم تتشكل هذه القوة بعد فيما صرح مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية هذا الأسبوع بأن القوة "بدأت في التشكل" وأضاف المسؤول أن مصر وقطر والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا وأذربيجان من بين الدول المستعدة للمشاركة.
فيما يعمل الوسطاء على تنفيذ الخطوات التالية من الاتفاق، لكن المسؤول قال إن ذلك سيتطلب أسابيع من "الصبر" وعلى الرغم من انعدام الثقة العميق بين إسرائيل وحماس، أشار المسؤول إلى أنه "لا يبدو أن هناك أي محاولة لعدم الالتزام بالاتفاق".
ووفقًا لخطة ترامب لوقف إطلاق النار، ستدير القطاع هيئة إدارية فلسطينية تكنوقراطية، بإشراف هيئة دولية تُسمى "مجلس السلام". سيقود ترامب المجلس، إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير.
كما ستنتشر قوة قوامها 200 جندي أمريكي لدعم قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار الأمني. لكن ليس من الواضح ما هي الدول التي ستساهم في القوة أو مدة انتشارها. ولا يزال هيكلها وتفاصيلها الدقيقة غير واضحة وقد صرحت الولايات المتحدة بأن قواتها لن تدخل غزة.
أزمة الانفلات الأمني ورغبة حماس في فرض سيطرتها
وقال محمد شحادة، وهو زميل زائر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إنه بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ستخرج حماس من سباتها العميق وستحاول التحرك بأسرع ما يمكن من خلال هذه الجولة السريعة من الاشتباكات مع من يعتبرونهم خارجين عن القانون، مع المتعاونين، مع اللصوص، مع القتلة، مشيرا إلى أن حماس أرادت إعلان تنفيذ عمليات إعدام من أجل "اختلاق قصص تحذيرية بأبشع طريقة ممكنة لإخافة الآخرين" وبدا أن ترامب يدعمها إلى حد ما.
وقالت الشبكة إنه بدون إطار عمل ملموس لدفع النقاط الست عشرة التالية من خطة ترامب المكونة من عشرين نقطة، والتي تُنفّذ بالتزامن، يسيطر الاحتلال الإسرائيلي على ما يزيد قليلًا عن نصف غزة، وتعزز حماس سيطرتها بسرعة على مساحات من باقي القطاع.
وقال شحادة: "الآن وبعد وقف إطلاق النار، تشعر حماس بضرورة ملحة للقيام بذلك بأسرع وقت ممكن لتسهيل مهمتين: الأولى هى نزع سلاح العائلات الكبيرة ومحاولة إعادة بناء الدولة. والثانية هي ملاحقة المطلوبين الخارجين عن القانون، والمتعاونين، والهاربين، والمسؤولين عن نهب المساعدات".
وقال شحادة إن حماس لا تزال مستعدة للتنازل عن حكم غزة لأن الدول العربية أوضحت أنه إذا بقيت حماس في الحكم ولو ليوم واحد، فلن يكون هناك أي إعادة إعمار أو نهاية للحرب فيما يُعد نفوذ الدول العربية عنصرًا حاسمًا في منع انهيار الاتفاق.
وخلال الحرب، واجهت حماس عدة احتجاجات غير مسبوقة ضد حكمها، والتي تطورت إلى مقاومة مسلحة في أجزاء من القطاع. ولكن مع سريان وقف إطلاق النار، سارعت حماس إلى قمع هذا التحدي، بهدف ترسيخ السلطة التي حُرمت منها في الاتفاق الناشئ.
أزمة الغذاء واستمرار دخول المساعدات
وفي أغسطس، أعلنت مبادرة مدعومة من الأمم المتحدة، وهي التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، عن المجاعة في أجزاء من مدينة غزة، وهي كارثة إنسانية لا يمكن علاجها في وقت محدود.
وصرح منسق الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة، توم فليتشر، هذا الأسبوع، بأن القيود المفروضة على المساعدات لا ينبغي أن تكون ورقة مساومة، مضيفًا: "نحن بحاجة إلى كميات هائلة من المساعدات الإنسانية التي تتدفق إلى غزة".
0 تعليق