قال الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إن المؤشرات المالية الأخيرة ومشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2025-2026 تعكس التحسن الملحوظ في الوضع المالي لمصر، وهو ما يمثل ثمرة لسنوات من الإصلاح الاقتصادي والمالي المدروس الذي نفذته الحكومة ضمن استراتيجية شاملة لضبط المالية العامة وتحسين بيئة الاستثمار.
ارتفاع النمو الاقتصادي بنهاية 2025 لـ4%
وأضاف عبد المنعم فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه وفقًا للأرقام المعلنة، ارتفع الفائض الأولي إلى 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي، بما يعادل 856 مليار جنيه، كما تجاوز معدل النمو الاقتصادي 3.8%، ومن المتوقع أن يصل إلى 4% بنهاية عام 2025، في حين شهدت التصنيفات الائتمانية لمصر تحسنًا بعد رفع تصنيفها إلى مستوى «B» من «B-»، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهو ما يعكس ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري.
وتابع: “شهدت المؤشرات انخفاض ملموس في حجم الدين العام ونسبة العجز إذ بلغت خدمة الدين نحو 1.834 تريليون جنيه تمثل 47% من إجمالي المصروفات، مقارنة بأعلى مستوياتها في عام 2017 حين بلغت 90.5% من الناتج المحلي. كما انخفض الدين الخارجي إلى حدود 155 مليار دولار في منتصف 2025، منها 124 مليار دولار دين طويل الأجل، و30.9 مليار دولار دين قصير الأجل، ما يعكس انفراجة في ضغوط المديونية الخارجية”.
ديسمبر المقبل: الدولة تستهدف تنفيذ خطة استراتيجية متوسط الاجل
وأعلن عبد المنعم السيد، أن الدولة تستهدف خفض الدين العام لأجهزة الموازنة إلى 75% من الناتج المحلي، وأقل من 92% للحكومة العامة خلال السنوات المقبلة، وهو هدف واقعي وقابل للتحقيق، في ظل تراجع النسبة من 102.8% عام 2016/2017 إلى نحو 85% حاليًا، لافتا أن الحكومة أعلنت عن إعداد استراتيجية متوسطة الأجل لإدارة الدين الحكومي تُطلق في ديسمبر المقبل، تستهدف خفضه إلى أقل من 75% خلال 3 سنوات، مع إطالة آجال السداد إلى متوسط 5 سنوات، وزيادة الاعتماد على التمويلات الميسرة بدلًا من التجارية.
من جانب آخر، صرح الخبير الاقتصادي، أن العجز الكلي في مشروع الموازنة الجديدة يبلغ 1.49 تريليون جنيه مقابل 1.317 تريليون جنيه في العام المالي الجاري، إلا أن نسبته إلى الناتج المحلي ستنخفض من 7.8% إلى 7.2%. ومن المستهدف أن تصل إلى 75% فقط من الناتج المحلي خلال 3 سنوات
وكشف أن تحقيق فائض أولي بنسبة 3.6% يعد إنجازًا لافتًا يعكس تحسن كفاءة إدارة الموارد العامة، إذ إن الإيرادات قبل احتساب الفوائد تتجاوز المصروفات، وهو مستوى يفوق المتوسط في الدول النامية، موضحا أن ذلك يرجع إلى نجاح الحكومة في ضبط الإنفاق العام، وترشيد المصروفات، وتوسيع القاعدة الضريبية دون فرض ضرائب جديدة، ما يعزز الاستدامة والعدالة المالية.
واستطرد عبد المنعم قائلا، إن مصر تسعى إلى خفض أعباء الدين عبر اتفاقيات مبادلة الديون بالاستثمارات مع عدد من الدول، أبرزها الكويت وقطر والصين، بالإضافة إلى مفاوضات مع شركاء أوروبيين. كما تجاوزت تحويلات العاملين بالخارج 36 مليار دولار، وبلغت الصادرات المصرية أكثر من 46 مليار دولار، مما يدعم الاحتياطي النقدي ويقلل من الضغوط على الدين الخارجي.
ويُتوقع أن يؤدي استمرار الانخفاض في العجز ونسبة الدين إلى زيادة ثقة المستثمرين الأجانب، حيث تُعد نسبة الدين إلى الناتج المحلي أحد أهم مؤشرات الاستقرار المالي، كما يساهم تحسن التصنيف الائتماني في خفض تكلفة الاقتراض الخارجي، وتوجيه المزيد من الموارد إلى الإنفاق على التعليم والصحة والدعم بدلًا من خدمة الدين.
وفي ضوء هذه النتائج، يرى الخبير الاقتصادي أن استمرار الدولة في هذا الاتجاه سيعزز الاستدامة المالية على المدى الطويل، ويُحقق هدف الوصول بنسبة الدين إلى حدود 60 – 65% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المقبلة.
0 تعليق