تواصل وزارة الثقافة احتفاءها برموز الإبداع والفكر في مصر من خلال ندوة بعنوان "شوقي وألحان الشعر"، التي أقيمت في قاعة الموسيقى بـدار الكتب والوثائق القومية، ضمن فعالية حملت شعار "من كرمة ابن هانئ إلى قاعة الموسيقى: رحلة في عالم شوقي"، بمشاركة نخبة من الأدباء والنقاد والموسيقيين الذين تناولوا سيرة أمير الشعراء أحمد شوقي من زوايا متعددة.
تسليط الضوء على شاعرٍ جمع بين الكلمة واللحن
افتتحت الشاعرة والناقدة نجلاء أحمد حسن الندوة مؤكدة أن شوقي كان حالة فريدة في المشهد الأدبي والموسيقي؛ فالنقاد رأوه شاعر عصره كما كان المتنبي شاعر عصره، والموسيقيون وصفوه بـ"الموسيقار الذي ضل طريقه إلى الشعر"، أما الشعراء فاعتبروه رائدًا حداثيًا مهد الطريق لمن بعده. وأوضحت أن الذكرى السنوية لشوقي لا تمر إلا وتتجدد معها الرؤى والدراسات، ما يعكس عمق تأثيره واستمرارية حضوره في الوجدان الثقافي المصري والعربي.
استعادة ملامح الإنسان والشاعر في دوحة أحمد سويلم
تحدث الشاعر الكبير أحمد سويلم عن المراحل التي شكلت تجربة شوقي الشعرية، مستعرضًا فترة إقامته بين باريس والأندلس، وكيف انعكست على رؤيته الفكرية والجمالية. وألقى مجموعة مختارة من قصائد أمير الشعراء، مجسدًا بصوته الجمال الموسيقي الكامن في كلماته.
أحمد فضل شبلول يرصد "كرمة ابن هانئ" وميراث شوقي الإبداعي
تناول الكاتب والناقد أحمد فضل شبلول تجربة شوقي في تأسيس "كرمة ابن هانئ"، موضحًا أنها كانت ملاذًا فكريًا وأدبيًا شهدت لقاءات رموز الثقافة والفن، ثم تحولت لاحقًا إلى متحف يخلّد ذكراه. وتوقف عند روايته "ليالي الكرمة" التي قدمت صورة إنسانية وإبداعية لشوقي، كاشفًا عن أدواره السياسية والثقافية في ترسيخ الهوية المصرية الحديثة، وعن دعمه الكبير للموسيقار محمد عبد الوهاب الذي خصص له جناحًا خاصًا في داره تقديرًا لموهبته.
عفاف طلبة: أم كلثوم أعادت الحياة إلى قصائد شوقي
أشارت أستاذة البيانو بـكونسرفتوار أكاديمية الفنون الدكتورة عفاف طلبة إلى أن شعر شوقي شكل ركيزة أساسية للمشروع الغنائي الفصيح لكوكب الشرق أم كلثوم، التي غنت تسع قصائد من أعماله بعد وفاته، منها "سلو كؤوس الطلا" و"إلى عرفات الله"، وكلها من ألحان رياض السنباطي. وأكدت أن شوقي امتلك ناصية اللغة وسخّرها في بناء شعر موسيقي الطابع، قادر على أن يتحول إلى لحن خالد.
تحليل موسيقي لتوظيف اللحن في شعر شوقي
قدم الأستاذ الدكتور عبد الحميد يحيى قراءة تحليلية للعناصر الموسيقية في شعر شوقي، مستعرضًا أمثلة من القصائد التي غناها ولحنها محمد عبد الوهاب، مثل "مضناك جفاه مرقده" بالفصحى و"النيل نجاشي" بالعامية، مشيرًا إلى أن عبد الوهاب لم يكتف بتلحين النص، بل تماهى مع معانيه ليجسدها موسيقيًا. كما تناول البعد الإنساني في علاقة عبد الوهاب بعائلة شوقي، خاصة بابنه الذي كان شاهدًا على ولادة هذه الأعمال الخالدة.
استمرارية الحضور الثقافي لأمير الشعراء
تؤكد الندوة أن أحمد شوقي ما زال حاضرًا في وجدان المصريين، ليس فقط كشاعر كلاسيكي، بل كرمز من رموز النهضة الثقافية والفكرية الحديثة، وأن وزارة الثقافة ماضية في رسالتها لإحياء تراث المبدعين الذين أسهموا في تشكيل هوية مصر الأدبية والفنية.
0 تعليق