شهد مجلس النواب برئاسة المستشار حنفي جبالي، اليوم الخميس، إقرار مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد مرة ثانية، بعدما حسم اعتراضات رئيس الجمهورية على ثمانية مواد من مواد مشروع القانون.
المواد التي وردت باعتراض رئيس الجمهورية، سبق لمجلس النواب وأن شكل لجنة خاصة لدراستها وأعدت تقريرًا بشأنها، والذي استعرضه مجلس النواب في جلسة اليوم.
جدلا واسعًا حول المادة 105 من القتنون الجنائي
ولم تشهد الجلسة العامة خلافات على المواد الثمانية باستثناء المادة 105 التي حامت حولها اعتراضات كثيرة سواء من بعض النواب أو من نقابة المحامين، غير أن البرلمان حسمها بمقترح جديد تقدم به النائب عاطف ناصر عضو مجلس النواب عن حزب مستقبل وطن.
وتتعلق المادة 105 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية بعدم جواز استجواب المتهم إلا في حضور محاميه، غير أن الحكومة اقترحت أن يكون ذلك جائزًا في حالات خشية فوات الوقت وكان ذلك لازمًا لكشف الحقيقة، وطلبت أن يبدأ الاستجواب في وجود ماحمٍ وكيل أومنتدب أو في غير وجوده إذا لم يأت المنتدب في الموعد المقرر.
إلا أن المقترح رفضه نواب، مستندين إلى أنه يخالف نص المادة 54 من الدستور التي تمنع استجواب المتهم في غير حضوزر محامٍ.
ومع الاعتراضات المتصاعدة من النواب ونقابة المحامين، جاء مقترح عاطف ناصر، ليقلص من استثناء استجواب المتهم في غير حضور المحامي.
حيث اقترح النائب في الجلسة إضافة فقرة ثانية لنص المادة 105: "ويجوز لعضو النيابة في الأحوال التي يخشى فيها على حياة المتهم وكان ذلك لازما في كشف الحقيقة، الانتقال لاستجوابه وذلك بعدما يطلب من نقابة المحامين الفرعية ندب أحد المحامين لحضور التحقيق على وجه السرعة بالطريقة التي يتفق عليها بين النيابة العامة والنقابة العامة للمحامين، إذا لم يحضر يتم استجواب المتهم ويحق اللمحامي حضور الاستجواب إذا حضر قبل انتهاءه والاطلاع على إجراءات التحقيق التي تمت في غيبته”.
اعتراض وزير الشئون النيابية على تعديل المادة ورفض نواب أخرون
والمقترح ـ الذي لم يسلم أيضا من رفض كثيرين تحت قبة البرلمان ـ وعلى رأسهم النائب ضياء الدين داود، الذي رأى فيه انتقاصًا للحقوق والحريات واعتبر أن به شبهة عوار دستوري كمقترح الحكومة السابق له. ورأى أن أي استثناء على المادة 105 تنهار معه مشروعية القانون الجديد باعتبار أن تلك المادة جوهر “الإجراءات الجنائية”.
الأمر الذي اعترض عليه المستشار محمود فوزي، معقبًا بقوله: “المادة 105 ليست جوهر القانون كما يقول النائب، فالقانون أكثر من 500 مادة تتضمن صون للحريات وضمانات واسعة لا يمكن اختزالها في تلك المادة رغم أنها مهمة بالفعل”.
وأكد أن الحكومة لا تريد المساس بالدستور، وهو أمر لن يسمح به مجلس النواب ولن يسمح به رئيس الجمهورية كذلك.
اعتراضات نقابة المحامين على تعديم المادة
أما نقيب المحامين، فواصل اعتراضه على أي استثناء على المادة، قائلا: “قسما بالله العظيم.. أي حد يخاف على البلد دي.. مش هيقرب من المادة 105”، مؤكدًا استعداد النقابة لتوفير جدول بالمحامين المنتدبين للحضور مع المتهعم متى طلبت النيابة ذلك وفي جميع الأحوال بما فيها بعد المسافة أو التوقيتات الزمنية.
وأمام مواصلة البعض اعتراضهم على مقترح النائب عاطف ناصر، جاء إيضاحًا من النائب إيهاب الطماوي للنص ولما أشار النائب إلى أنه يعزز من محدودية الاستثناء التي تفرضها الضرورة الإجرائية.
وأوضح “الطماوي” “الانتقال لاستجواب متهم يخشى على حياته وذلك بعدما يطلب من نقابة المحامين الفرعية ندب أحد المحامين لحضور التحقيق على وجه السرعة متى كان لازماً في كشف الحقيقة، وإذا حضر المحامي قبل انتهاء التحقيق يحق له الاطلاع على ما تم من إجراءات في غيبته”.
وأشار إلى أن حالة الانتقال لن تحصل إلا في حالات أن يكون هناك خشية فوات الحقيقة والثانية خشية على حياة المتهم “الموت”.
وذكر النائب أنه قد تكون الاشكالية الحقيقة حول المادة 105 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية هي أن صياغة المادة 54 لم تتطرق إلى حالة الضرورة الإجرائية التي تفرضها حالات مثل “استجواب المتهم خشية فوات الحقيقة أو خشية على حياة المتهم”.
اعتراض عدد كبير من النواب على تعديل المادة وختلافات في الأراء بين مواد القانون الجنائي
واعترض عدد كبير من النواب على كلمة النائب الطماوي بشأن المادة 54 من الدستور.
وأكد النائب أحمد الشرقاوي، عضو مجلس النواب أن مخالفة نص المادة 54 من الدستور محظور تمامًا والقول أن المادة 54 غير واضحة قول خاطئ تمامًا ووضوح النص هو الذي تسبب في الحالة التي نحن بصددها.
تعليق وزير العدل على تعديل المادة.. والاقرار بتعديل والموافقة على مقترح النائب عاطف نصر
واتصالًا بالمقترح ذاته، قال النائب ضياء الدين داود:“أنا ما فهمناه أن هذا الاستثناء واجب على انتقال النيابة العامة إلى محبس المتهم.
من جانبه، عقب المستشار عدنان فنجري، وزير العدل، أن الانتقال ليس للمحبس وإنما لأي مكان موجود فيه المتهم كالمستشفى.
وانتهى مجلس النواب، إلى إقرار المادة بالتعديل المقترح من النائب عاطف ناصر، ليصبح نص المادة كما يلي:
"لا يجوز لعضو النيابة العامة أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن للمتهم محام، أو لم يحضر محاميه، بعد دعوته، وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً.
ويجوز لعضو النيابة في الأحوال التي يخشى فيها على حياة المتهم وكان ذلك لازما في كشف الحقيقة، الانتقال لاستجوابه وذلك بعدما يطلب من نقابة المحامين الفرعية ندب أحد المحامين لحضور التحقيق على وجه السرعة بالطريقة التي يتفق عليها بين النيابة العامة والنقابة العامة للمحامين، إذا لم يحضر يتم استجواب المتهم ويحق اللمحامي حضور الاستجواب إذا حضر قبل انتهاءه والاطلاع على إجراءات التحقيق التي تمت في غيبته”.
وعلى المتهم أن يقرر اسم محاميه في محضر التحقيق أو في القلم الجنائي للنيابة التي يجرى التحقيق في دائرتها أو للقائم على إدارة المكان المحبوس فيه، كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا التقرير.وللمحامي أن يثبت في المحضر ما يعن له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات.
ويصدر المحقق بعد التصرف النهائي في التحقيق بناء على طلب المحامي المنتدب أمراً بتقدير أتعابه، وذلك استرشاداً بجدول تقدير الأتعاب الذي يصدر به قرار من وزير العدل بعد أخذ رأي مجلس النقابة العامة للمحامين، وتأخذ هذه الأتعاب حكم الرسوم القضائية".
حسم المادة 105 نهائيا وموعد تطبيقها
واستكمل مجلس النواب مناقشاته لبقية المواد الثمانية، بعدما حسم المادة 105 ومن قبلها المادة الخاصة بموعد تطبيق القانون ليكون بداية من أول أكتوبر أي تزامنًا مع بداية العام القضائي.
كما أقر كذلك زيادة بدائل الحبس الاحتياطي لتكون في 7 حالات بدلا من 3 حالات فقط كما أبقة عليها مشروع القانون.
وكذلك إقرار ضمانة إضافية للمتهمين بالاستئناف بمنحهم الحق في جلسة جديدة ، بما يعزز من ضمانات حق الدفاع وأصل البراءة المقررين دستورياً، ويمنح المحكوم عليه فرصة جديدة للحضور أمام المحكمة قبل الفصل في استئنافه.
فضلا عن إقرار بقية التعديلات.
وانتهى مجلس النواب إلى إقرار مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد نهائيًا، لتكون تلك المرة الثانية التي يقر فيها المجلس القانون نهائيا بعدما أقره في شهر أبريل من العام الجاري قبل أن يرده رئيس الجمهورية لإدخال التعديلات سابق الإشارة إليها.
0 تعليق