شدد خبراء اقتصاديون على أهمية قمة شرم الشيخ للسلام فى دعم نمو الاقتصاد المصرى، متوقعين أن تسفر القمة عن مجموعة من النتائج الاقتصادية الإيجابية، من بينها زيادة الاستثمارات الأجنبية، وارتفاع إيرادات السياحة وقناة السويس، فى ظل تشكيل صورة مستقبلية مُشرِقة لمصر.
ورأى الخبراء، الذين تحدثت إليهم «الدستور»، أن قمة شرم الشيخ لم تكن مجرد حدث دبلوماسى وسياسى، بل بداية حقبة جديدة من التعاون الإقليمى والاستقرار السياسى والاقتصادى، بما يعود بالنفع على مصر واقتصادها خلال الفترة المقبلة.
وتوقعوا أن تكون القمة نقطة انطلاق قوية للاقتصاد المصرى بشكل عام، وقطاع تكنولوجيا المعلومات خاصة، معتبرين أن مصر أصبحت فى موقع جيد للاستفادة من التحولات الرقمية العالمية، فضلًا عن دورها فى وضع مصر على الطريق الصحيح، لتصبح وجهة استثمارية مفضلة فى المنطقة، ما يعزز من نمو اقتصادها على المدى الطويل.
وليد جاب الله:عودة حركة التجارة عبر قناة السويس إلى مستوياتها الطبيعية
توقع الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، أن يكون لتوقيع اتفاق وقف الحرب فى قطاع غزة، خلال قمة شرم الشيخ للسلام، تأثير إيجابى كبير على الاقتصاد المصرى والمنطقة بأسرها، خاصة أن الحرب التى استمرت عامين، لم تقتصر تأثيراتها السلبية على غزة فقط، بل امتدت لتشمل دولًا أخرى مثل لبنان وإيران، ما خلق توترات جيوسياسية أسهمت فى تعطيل حركة التجارة العالمية، وهو ما أثر بالسلب على دول مثل مصر.
وأضاف «جاب الله»: «الحرب كانت سببًا رئيسيًا فى تعطيل الاقتصاد على مستوى العالم، ما أثر بشكل كبير على إيرادات قناة السويس، لتتراجع هذه الإيرادات بنحو ٧ مليارات دولار، فى عام ٢٠٢٤، نتيجة تباطؤ حركة النقل البحرى، ما أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز على المستوى العالمى، وبالتالى زيادة تكاليف الشحن والنقل، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ما فاقم معدلات التضخم».
وواصل الخبير الاقتصادى: «وقف الحرب يسهم فى عودة حركة التجارة عبر قناة السويس إلى مستوياتها الطبيعية، ما يعزز الإيرادات المتوقعة للقناة بشكل كبير، لتتجاوز ١٠ مليارات دولار فى المستقبل القريب».
وأكمل: «استقرار الوضع الأمنى فى منطقة البحر الأحمر بعد توقف الهجمات الحوثية، يزيد من الثقة فى الممرات الملاحية البحرية، ما يسهم فى تعزيز حركة الشحن والنقل البحرى، ويقلل من تكاليف الشحن عالميًا، وهو ما سينعكس بشكل إيجابى على أسعار السلع وتقليل التضخم على المستويين الإقليمى والعالمى».
وتابع: «الوضع الأمنى المستقر فى سيناء بعد توقف الحرب، سيكون له تأثير إيجابى على حركة التجارة والاستثمارات فى المنطقة، ويشجع على إقامة مشاريع استثمارية محلية وأجنبية، ما يسهم فى دفع عجلة الاقتصاد الوطنى. كما أن توقف الحرب يسهم فى تقليص الإنفاق الحكومى على دعم اللاجئين، ما يخفف من الضغط على الموازنة العامة للدولة».
وشدد على أن الاستقرار الأمنى فى المناطق السياحية، مثل شرم الشيخ والغردقة، يحفز تدفق السياح إلى مصر، ما يسهم فى زيادة الإيرادات السياحية، متوقعًا أن تصل الإيرادات السياحية إلى مستويات قياسية، فى ٢٠٢٥، بعد النمو الكبير الذى حققته فى ٢٠٢٤ رغم التحديات الجيوسياسية.
محرم هلال: تأثير إيجابى على جذب الاستثمارات الأجنبية
رأى محرم هلال، رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، أن قمة شرم الشيخ للسلام ستكون بمثابة نقطة فارقة فى تاريخ الاقتصاد المصرى، موضحا أنها ستسهم بشكل كبير خلال المستقبل القريب فى التأكيد على كون مصر منطقة واعدة للاستثمار.
وقال «هلال»: «النتائج الإيجابية التى أسفرت عنها القمة، وتأكيدها على استقرار الوضع الأمنى والسياسى، ستعزز من قدرة مصر على جذب استثمارات ضخمة من مختلف أنحاء العالم، سواء من أوروبا أو الولايات المتحدة، وبالتأكيد من الدول العربية».
وأشار إلى أن القمة أسهمت فى إزالة العديد من المخاوف التى كانت تشكل تحديًا أمام المستثمرين فى المنطقة، موضحًا أن أجواء الاستقرار الملحوظ ستكون لها آثار كبيرة فى تحسن التصنيف الائتمانى لمصر، وجعلها أكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأضاف: «هذا التغيير سيعزز الثقة فى السوق المصرية، ويشجع المستثمرين على ضخ أموالهم فى مشاريع جديدة، سواء فى مجالات الطاقة أو الصناعة أو البنية التحتية، ومن المتوقع أن تشهد مصر زيادة ملحوظة فى إيرادات السياحة، خاصة فى مناطق مثل شرم الشيخ والغردقة، مع عودة الأمن والاستقرار إلى المنطقة».
وواصل: «من المتوقع أن تشهد السياحة المصرية طفرة غير مسبوقة فى السنوات المقبلة، نتيجة لتوجه الشركات العالمية إلى الاستثمار فى هذا القطاع، بالتزامن مع التسهيلات الحكومية التى تسهم حاليًا فى تعزيز السياحة».
وأردف: «من المتوقع أيضًا أن يشهد قطاع النقل البحرى، خاصة قناة السويس، عودة قوية للإيرادات، مع استئناف حركة الملاحة بشكل طبيعى، وهو ما سينعكس بشكل إيجابى على الاقتصاد المصرى».
وعن مسألة إعادة الإعمار فى قطاع غزة، أشار «هلال» إلى أن الشركات المصرية، خاصة فى قطاع المقاولات والبناء، مستعدة بشكل جيد للمشاركة فى المشاريع الضخمة المرتقبة، متوقعًا أن تستفيد الشركات المصرية من خبراتها الطويلة فى مشاريع البناء الكبرى، ما يضعها فى موقع قوى للمشاركة بفاعلية فى إعادة الإعمار.
وأكمل: «استعدادات الشركات المصرية المبكرة للانخراط فى مشاريع إعادة الإعمار ستفتح أمامها فرصًا كبيرة للانتشار فى أسواق جديدة، مع زيادة حصتها فى المشاريع الإقليمية والدولية، وتعزيز تصدير مواد البناء، ما يعطى دفعة قوية للقطاع الصناعى، ويعزز من مستويات النمو الاقتصادى فى الفترة المقبلة».
خالد إبراهيم: تعزيز تدفق الاستثمارات من الشركات العالمية
قال خالد إبراهيم، رئيس غرفة «صناعة تكنولوجيا المعلومات» باتحاد الصناعات، إن قمة السلام فى شرم الشيخ سيكون لها تأثير إيجابى بالغ على الاقتصاد المصرى، خاصة فى القطاعات التكنولوجية والصناعية، مؤكدًا أن هذه القمة تضع مصر فى موقع قوى على الصعيدين الإقليمى والدولى، ما يسهم بشكل كبير فى تعزيز بيئة الأعمال والاستثمار.
وتوقع «إبراهيم» أن تشهد مصر تدفقات استثمارية أكبر من الشركات العالمية، خاصة فى مجالات تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات والابتكار، ما يسهم فى تعزيز دور مصر كمركز إقليمى للتكنولوجيا، مضيفًا: «الاستقرار السياسى الذى تحقق بعد توقيع اتفاق السلام يدفع الصناعات التكنولوجية المصرية إلى مزيد من النمو».
وواصل: «الشركات العاملة فى قطاع تكنولوجيا المعلومات ستكون قادرة على توسيع نشاطاتها داخليًا وخارجيًا، والبيئة الاقتصادية المستقرة ستوفر فرصًا لزيادة صادرات البرمجيات المصرية، ما يعزز دورها فى الاقتصاد العالمى».
وأكمل: «قمة شرم الشيخ تتيح العديد من الفرص فى المجالات التكنولوجية، مثل الذكاء الاصطناعى والبيانات الكبيرة والحوسبة السحابية، والتى تشهد تطورًا سريعًا على مستوى العالم»، مؤكدًا أن هذه الفرص تسهم بشكل رئيسى فى تعزيز الاقتصاد المصرى، وزيادة التنوع فى مصادر الدخل القومى، خاصة فى ظل النمو الكبير الذى يشهده الاقتصاد الرقمى.
محمد سعد الدين:تنشيط السوق المحلية عبر إعادة الإعمار
اعتبر الدكتور محمد سعدالدين، رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية رئيس جمعية مستثمرى الغاز المسال، أن قمة شرم الشيخ للسلام، وما شهدته من توقيع اتفاق لوقف الحرب فى قطاع غزة، ستنعكس آثارها بشكل مباشر على تعزيز الاستقرار الاقتصادى والسياسى فى مصر والمنطقة، مع الإسهام فى تحفيز المناخ الاستثمارى، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية. وقال «سعد الدين»: «الاستقرار السياسى الذى تحقق بعد قمة شرم الشيخ سيلعب دورًا محوريًا فى تحسين صورة مصر كوجهة استثمارية جاذبة، كما أن استقرار الأوضاع فى المنطقة وتوقف الحرب سيسهمان بشكل فعال فى جذب الاستثمارات، خاصة فى القطاعات الكبرى مثل الطاقة، أو فى مشروعات التنمية القومية مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس».
وأضاف: «بعد وقف الحرب، تعززت القدرة المصرية على استعادة ثقة المستثمرين فى العديد من القطاعات الحيوية، وأبرزها قطاع الغاز المسال والطاقة بشكل عام، ومن المتوقع أن يساعد توقيع الاتفاق على استقرار أسعار الطاقة على الصعيدين الإقليمى والعالمى، ما يعزز من قدرة الشركات المصرية على المشاركة بفاعلية فى خطة إعادة الإعمار فى غزة، التى ستخلق فرصًا كبيرة للشركات المصرية فى مجالات البناء والمقاولات».
وأشار إلى أن الاستقرار الأمنى، الذى أكدته قمة شرم الشيخ، سيزيد من جاذبية مصر للاستثمارات الأجنبية، وسيسهم فى رفع تصنيف مصر الائتمانى، وبالتالى تحسن وضعها فى الأسواق المالية الدولية. واستطرد: «عودة الاستقرار السياسى والاقتصادى للمنطقة ستعزز من التعاون بين دولها فى مجال الطاقة والبنية التحتية، وبعد أن أصبحت مصر مركزًا إقليميًا للطاقة، فإن ذلك سيؤدى إلى جذب مزيد من الاستثمارات فى هذا القطاع الحيوى». وفيما يخص إعادة الإعمار فى قطاع غزة، قال «سعد الدين»: «الشركات المصرية ستتمكن من المساهمة فى هذه المشاريع بفضل خبراتها الكبيرة فى قطاع البناء، وقطاع المقاولات المصرى يمتلك قدرة فائقة على تلبية احتياجات السوق فى غزة، مع تعزيز الصادرات من مواد البناء، الأمر الذى يعود بالنفع على الشركات المصرية».
0 تعليق