فى أول زيارة لمسئول إيرانى بهذا المستوى، منذ سنة ٢٠١٣، زار عباس عراقجى، وزير خارجية إيران، مصر، صباح أمس، الخميس، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، بحضور الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، الذى عقد، لاحقًا، جلسة مباحثات مع نظيره الإيرانى، على ضوء التقارب الذى شهدته علاقات البلدين، والعلاقات الإيرانية العربية، إجمالًا، خلال الفترة الأخيرة، وفى ظل تهديد إسرائيل بالرد على هجوم صاروخى إيرانى استهدفها فى بداية أكتوبر الجارى.
بالاتفاق على أهمية استمرار المسار الحالى لاستكشاف آفاق التطوير المشترك للعلاقات بين البلدين، انتهى لقاء الرئيس بوزير الخارجية الإيرانى، الذى أعرب عن تقدير بلاده الجهود المصرية المستمرة لتحقيق الاستقرار والأمن بالمنطقة، وأشاد بالدور المصرى على جميع المسارات. وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، «إرنا»، أن عراقجى «أجرى محادثات مفيدة مع الرئيس السيسى»، وأضافت أن الطرفين اتفقا على «ضرورة تكثيف الجهود لوضع حد للجرائم فى قطاع غزة والاعتداءات على لبنان».
منذ ٧ أكتوبر الماضى، تواصلت مصر، ولا تزال، مع كل الأطراف المعنية لوقف التصعيد، وتجنيب المنطقة مخاطر منعطف خطير من عدم الاستقرار. وعليه، ولدى استعراض التطورات الجارية فى المنطقة، أكد الرئيس، مجددًا، الموقف المصرى الداعى إلى عدم توسيع دائرة الصراع والحيلولة دون الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة، ستكون لها تداعيات خطيرة على أمن ومقدرات جميع دول وشعوب المنطقة. كما أكد الرئيس ضرورة استمرار وتكثيف الجهود الدولية الرامية لوقف إطلاق النار فى غزة ولبنان، ووقف الانتهاكات والاعتداءات فى الضفة الغربية وإنفاذ المساعدات الإنسانية العاجلة والكافية.
فى هجومها الثانى من نوعه، بعد هجوم أبريل الماضى، أطلقت إيران فى أول أكتوبر حوالى ٢٠٠ صاروخ باليستى على إسرائيل. ولعلك تتذكر أن وزير خارجيتنا السابق، سامح شكرى، كان قد أجرى بعد «الهجوم» الأول، ثلاث مكالمات تليفونية تحذيرية، أو رأيناها كذلك، مع وزراء خارجية إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، شدّد خلالها على ضرورة تحكيم صوت العقل والرشد وإتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية، لإيجاد حلول تحافظ على استقرار المنطقة. كما طالب نظيريه الإيرانى والإسرائيلى، حسين أمير عبداللهيان، رحمه الله، ويسرائيل كاتس، الذى لا يزال على قيد الحياة، بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والنأى عن سياسات حافة الهاوية والاستفزازات المتبادلة.
مع تأكيده ضرورة التعامل بحذر فى هذا المنعطف الخطير الذى تمر به المنطقة، تناول الدكتور عبدالعاطى، مع نظيره الإيرانى، خلال محادثات، أمس، التطورات الإقليمية المتلاحقة فى قطاع غزة ولبنان والبحر الأحمر، وما تفرضه مستجدات الأحداث من ضرورة لخفض التصعيد فى المنطقة، ومنع انزلاقها لحرب إقليمية، مشددًا على أهمية تجنب استدراج الإقليم إلى مواجهة كارثية قد تؤدى إلى حرب إقليمية واسعة، ذات عواقب مدمرة لكل أطرافها، ولن تكون أى دولة بالإقليم بمنأى عن تداعياتها.
أكد وزير خارجيتنا، أيضًا، خلال اللقاء، الضرورة الملحة للوقف الفورى لإطلاق النار فى قطاع غزة، واتخاذ كل الإجراءات التى تسهم فى الوصول إلى هذا الهدف، وإلى صيغة لاستعادة الأمن والاستقرار فى المنطقة، مشددًا، من جديد، على موقف مصر الداعى إلى ضرورة معالجة جذور الصراع، من خلال إقامة الدولة الفلسطينية على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية. كما استعرض موقف مصر من التطورات الخطيرة فى منطقة البحر الأحمر، مشددًا على أهمية احترام حرية الملاحة البحرية. وبشأن لبنان، أكد رفض مصر الكامل المساس بسيادته وضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى اللبنانية.
.. أخيرًا، وبوضوح أكثر، شدّد وزير خارجيتنا على أهمية تضافر الجهود لوقف إطلاق النار بشكل فورى، وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١ بكل عناصره من جميع الأطراف ودون انتقائية. وشدّد، أيضًا، على أهمية دعم مؤسسات الدولة اللبنانية، وتحديدًا الجيش اللبنانى لتمكينه من بسط سلطته ونفوذه على كامل الأراضى اللبنانية، كما أكد الملكية الوطنية اللبنانية فى ملف الشغور الرئاسى، مشددًا على أن القرارات، ذات الصلة بهذا الموضوع، لا بد وأن تتم فى إطار التوافق اللبنانى دون إملاءات خارجية.