دعا وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الأربعاء، إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وبدء مسار نحو حل الدولتين، مؤكدًا أن بلاده لن تقيم علاقات مع إسرائيل قبل إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال الوزير السعودي، في مقال نشرته صحيفة "فايننشال تايمز":"في مواجهة المأساة المستمرة في غزة، من الضروري أن ندرك الحاجة لوقف فوري لإطلاق النار، ويجب أن تنتهي دوامة العنف المستمرة".
دورة تصعيدية خطيرة
أشار إلى أنه "من السهل إشعال الحرب، بينما تنحدر المنطقة إلى دورة تصعيدية خطيرة، لكن إنهاء التصعيد وإيجاد مسار نحو سلام دائم وسط الدمار واليأس يتطلب الشجاعة والقيادة"، معتبرًا أن "الوقت حان لبدء مسار لا رجعة فيه نحو الحل الذي ينتهي بوجود دولتين مستقلتين، فلسطينية وإسرائيلية، تعيشان جنبًا إلى جنب".
وأعرب الأمير فيصل بن فرحان عن التزام السعودية "منذ فترة طويلة بالسعي لحل عادل لهذا الصراع"، مشيرًا إلى أن "ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أكد مؤخرًا التزامنا بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وشدد على أن القضية الفلسطينية تأتي في مقدمة اهتمامات المملكة، وأدان بشدة جرائم إسرائيل وتجاهلها للقانون الدولي".
وأكد وزير خارجية السعودية أن "المملكة ستعمل دون كلل من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ولن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون تحقيق هذا الشرط".
واعتبر أن "إنشاء دولة فلسطينية مستقلة هو ما سيحقق النتائج التي نسعى إليها وهي الاستقرار الإقليمي والتكامل والازدهار".
وذكر أن "حل الدولتين ليس مثاليًا فحسب، بل هو الطريق الوحيد القابل للتحقيق لضمان الأمن طويل الأمد لفلسطين وإسرائيل والمنطقة"، معتبرًا أن "الدوامات التصعيدية غير المنضبطة هي لبنات بناء لحرب أوسع. وفي لبنان، نرى هذا بأم أعيننا".
وأردف: "لا يمكن بناء السلام على أساس الاحتلال والعداء، فالأمن الحقيقي لإسرائيل سيأتي من الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من خلال تبني حل يسمح للشعبين بالتعايش بسلام، ويمكننا كسر دوامة العنف التي وقع فيها كلا الجانبين لفترة طويلة جدًا".
عقبات أمام السلام
وشدد وزير الخارجية السعودي، على ضرورة "فهم أن العقبات الحقيقية أمام السلام ليست الفلسطينيين والإسرائيليين الذين يتوقون للاستقرار والتعايش، بل أولئك المتطرفين ودعاة الحروب من كلا الجانبين الذين يرفضون الحل العادل، ويسعون لنشر هذا الصراع عبر منطقتنا وخارجها".
وأكد على "وجوب ألا يفرض المتطرفون مستقبل شعوبنا، أو يفرضوا الحرب عليهم. يجب أن تعلو أصوات المعتدلين على ضجيج الصراع، ومن مسؤوليتنا المشتركة ضمان سماعها".
وتابع "لقد شهدنا صمود السلطة الفلسطينية في الحفاظ على الهدوء بالضفة الغربية المحتلة على الرغم من العوائق المستمرة. يجب دعم التزامها بالتعاون وعدم اللجوء للعنف لا يمكن تحقيق حل دائم دون أن تكون كل من غزة والضفة الغربية المحتلة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية".
وأشار إلى أنه "على العكس، أصبح من الواضح منذ فترة طويلة أن الدفاع عن النفس ليس الهدف الأساسي لإسرائيل في هذه الحرب. بدلًا من ذلك، يبدو أن الهدف هو القضاء على الظروف التي تسمح بالعيش بحد أدنى من الكرامة لعقود قادمة".
لفت الوزير السعودي إلى أنه "من خلال مواصلة الهجوم على قطاع غزة الذي أسفر عن قتل إسرائيل أكثر من 40 ألف شخص وفقًا للمسؤولين الصحيين الفلسطينيين، وتشريد ما يقرب من مليونين، وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وفرض قيود على الحركة، تخلق إسرائيل واقعًا يقلل من فرص قيام دولة فلسطينية ذات سيادة".
واعتبر أن "تعنت" إسرائيل "لا يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات وتقويض الثقة، ما يجعل المفاوضات الدبلوماسية أكثر صعوبة، ويطيل معاناة الجانبين، ويدفع المنطقة إلى حرب أوسع".
حق تقرير المصير
ومضى قائلًا:"حق تقرير المصير هو حق ثابت يستحقه الشعب الفلسطيني، ويجب أن يتمتع به، لقد عمل دبلوماسيونا من دون كلل جنبًا إلى جنب مع آخرين من أجل تأمين الاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة على الصعيد العالمي".
وحث وزير الخارجية السعودي، "الدول التي أعربت بشكل خاص عن استعدادها للقيام بذلك، على اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة بشكل علني. حان الوقت للوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ".
وأضاف: "مجرد الاعتراف بفلسطين ليس كافيًا، يجب أن نطالب بمزيد من المساءلة وفقًا لآراء محكمة العدل الدولية. يشمل ذلك تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وفرض تدابير عقابية ضد أولئك الذين يعملون على تقويض سيادة فلسطين، وتحفيز أولئك الذين يدعمونها".
أوضح الأمير فيصل بن فرحان، أن "الجهود الدبلوماسية من أجل وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، ومعالجة المعاناة الإنسانية في غزة، تحظى بدعم من تحالف عالمي من أعضاء الأمم المتحدة والمنظمات الدولية".
وبيّن أن "التحالف سيسعى لدفع تدابير ملموسة من أجل تعزيز القانون الدولي، وإنهاء الاحتلال، وتحقيق حل الدولتين ضمن جدول زمني واضح".
وختم الوزير السعودي المقال بالقول: "إن قيام الدولة الفلسطينية هو شرط أساسي للسلام، وليس نتيجة له. هذا هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يخرجنا من دوامة العنف هذه إلى مستقبل يعيش فيه الإسرائيليون والفلسطينيون في سلام، مع الأمان والاحترام المتبادل. دعونا لا نتأخر أكثر من ذلك".