ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، ونظيره الصربي السيد ﭼورو ماتسوت، جلسة مباحثات موسعة صباح اليوم بمقر مجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، تناولت عدداً من الملفات ذات الاهتمام المشترك، في مقدمتها الأمن الغذائي، والطاقة، والسياحة، والبنية التحتية، وذلك في إطار الزيارة الرسمية الأولى لرئيس الحكومة الصربية إلى مصر، والتي تُعد أول زيارة عمل خارجية له منذ توليه المنصب.
تعزيز العلاقات التاريخية.. وتأكيد على عمق الروابط الثنائية
في مستهل الجلسة، رحّب الدكتور مصطفى مدبولي برئيس وزراء صربيا والوفد المرافق، مشيداً بالعلاقات التاريخية الممتدة التي تربط بين القاهرة وبلجراد، والتي تعود إلى عقود، حينما ساهم البلدان في تأسيس حركة عدم الانحياز. وأشاد مدبولي بالزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين، خاصة زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى صربيا في 2022، وزيارة الرئيس الصربي إلى مصر في 2024، التي أسهمت في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
خطوات اقتصادية نوعية: اتفاقية التجارة الحرة ومكتب تمثيلي جديد
أعرب رئيس الوزراء عن ترحيب مصر بقرب دخول اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وصربيا، الموقعة في يوليو 2024، حيز النفاذ، متوقعًا أن تُحدث نقلة نوعية في حجم التبادل التجاري. كما رحّب بالإعلان عن افتتاح أول مكتب تمثيلي لغرفة التجارة الصربية داخل السفارة الصربية بالقاهرة، مما يعكس الحرص المشترك على تطوير العلاقات الاقتصادية.
التعاون الزراعي والأمن الغذائي في صدارة الأولويات
أكد الدكتور مصطفى مدبولي تطلع مصر إلى تعزيز التعاون في مجال الأمن الغذائي من خلال زيادة واردات المنتجات الزراعية من صربيا، خاصة القمح وزيت عباد الشمس والذرة، مشيرًا إلى أهمية تشكيل لجنة فنية مشتركة بين الجانبين لمناقشة آليات التعاون الزراعي المستقبلي. وأكد أهمية دعم الجهود الثنائية لمواجهة التحديات الجيوسياسية التي أثرت على سلاسل الإمداد العالمية.
الطاقة والطيران المباشر: آفاق جديدة للتعاون
أبدى رئيس الوزراء اهتمام مصر بتعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي، في ظل الطفرة التي تشهدها صربيا في هذا القطاع، مشيرًا إلى إمكانية تصدير الغاز الطبيعي المسال من مصر عبر شبكة الربط بين صربيا وبلغاريا.
كما رحب مدبولي بإمكانية استئناف رحلات الطيران المباشر بين القاهرة وبلجراد، وكذلك إضافة خطوط طيران جديدة إلى مدينة الإسكندرية، في خطوة من شأنها تعزيز السياحة والتبادل الثقافي.
السياحة والتعليم والثقافة.. جسور تواصل شعبي
أكد الدكتور مصطفى مدبولي أهمية التعاون الثقافي والسياحي، مستشهدًا بزيارة قرينة الرئيس الصربي لمصر في يوليو 2024، وافتتاح "أيام الثقافة الصربية" بالقاهرة، وكذلك زيارة وزير السياحة المصري إلى بلجراد في مايو 2025، التي شهدت مناقشات بشأن تنظيم معرض مؤقت للآثار المصرية في معرض إكسبو 2027.
كما تم التأكيد على زيادة تبادل السائحين من الجانبين، وتسهيل الإجراءات القنصلية للسياحة والتأشيرات.
دعم العمالة المصرية.. وتسهيلات للحصول على تأشيرات العمل
بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون في قطاع العمل، حيث أشار وزير العمل المصري إلى توافق بين الجانبين على إيفاد المزيد من العمالة المدربة إلى صربيا، مع توفير برامج تدريبية متخصصة. وأكد الوزراء الصربيون إعداد اتفاقية خاصة لتسهيل حصول المصريين على رخص العمل، على أن تكون مصر أول دولة توقع مثل هذه الاتفاقية مع صربيا.
إشادة بالدور المصري ومواقف داعمة في القضايا الدولية
أعرب رئيس الوزراء المصري عن تقدير بلاده لمواقف صربيا الداعمة للقضية الفلسطينية، وتصويتها لصالح منح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، كما أبدى أمله في وقف التصعيد الجاري بين إسرائيل وإيران، محذرًا من تداعياته على استقرار المنطقة.
كما ثمّن دعم صربيا لترشيح الدكتور خالد العناني لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو.
من جانبه، عبّر رئيس وزراء صربيا عن شكره للحكومة المصرية على حفاوة الاستقبال، مؤكداً أن هذه الزيارة "تاريخية" وتفتح آفاقًا أوسع للتعاون في الزراعة والسياحة والتعليم والثقافة وإدارة الموارد المائية والبنية التحتية.
وأشار "ماتسوت" إلى رغبة العديد من الشركات الصربية في دخول السوق المصري، مشيدًا بفرص التعاون التي سيتناولها المنتدى الاقتصادي المصري-الصربي. كما أكد على أهمية استئناف الرحلات الجوية المباشرة وتوسيعها لتشمل الإسكندرية، لما لها من أهمية تاريخية خاصة لدى الصرب.