أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية هذا الأسبوع عن نقل معتقلين من سجن غوانتانامو العسكري إلى كينيا وماليزيا، في خطوة تعدّ الأولى من نوعها منذ أكثر من عام في إطار الجهود المستمرة لتقليص عدد المحتجزين في المنشأة المثيرة للجدل.
محمد عبد المالك باجابو، الذي تم احتجازه منذ عام 2007 بسبب اتهامات بتسهيل عمليات لتنظيم القاعدة في شرق إفريقيا، نُقل إلى كينيا بعد أن قضت لجنة المراجعة الدورية في ديسمبر 2021 بأن "الاحتجاز المستمر بموجب قانون الحرب لم يعد ضرورياً"، لم يتم توجيه أي تهم رسمية ضد باجابو خلال فترة احتجازه. وكان وزير الدفاع لويد أوستن قد أبلغ الكونغرس عن نيته نقل باجابو إلى كينيا في نوفمبر الماضي.
في خطوة منفصلة، أعيد معتقلان ماليزيان، محمد فارك بن أمين ومحمد نذير بن لب، إلى بلادهما. كان المعتقلان قد اعترفا بارتكاب جرائم حرب تتعلق بهجمات نفذها تنظيم القاعدة في بالي عام 2002 والهجوم على فندق جيه دبليو ماريوت في جاكرتا عام 2003.
ووفقاً لوزارة الدفاع الأمريكية، عاد المعتقلان إلى ماليزيا بموجب اتفاقيات ما قبل المحاكمة، بعد أن تعاونا مع الحكومة الأمريكية من خلال تقديم شهادات ضد إنسيب نورجامان، الذي يُعتقد أنه كان زعيماً لشبكة "جماعة الإسلام" المسلحة في جنوب شرق آسيا. هذه الشبكة مرتبطة بتنظيم القاعدة وتُتهم بتنفيذ هجمات دامية، أبرزها تفجيرات بالي التي أودت بحياة أكثر من 200 شخص.
التحديات المستمرة لإغلاق
يُعدّ نقل المعتقلين جزءاً من جهود إدارة الرئيس جو بايدن لتحقيق وعدها بإغلاق سجن غوانتانامو، وهو هدف أعلنت عنه الإدارة منذ بدايتها. رغم هذه الجهود، لم تحقق الولايات المتحدة سوى تقدم محدود، حيث تقلص عدد المحتجزين من 40 عند بداية إدارة بايدن إلى 27 فقط حالياً.
وتشمل الخطط الحالية نقل 15 من المعتقلين المؤهلين إلى دول أخرى، بينما تستمر النزاعات القانونية حول مصير ثلاثة متهمين رئيسيين في هجمات 11 سبتمبر 2001.
التاريخ الطويل للمنشأة
افتُتح سجن غوانتانامو في عام 2002 ليكون مركزاً لاستجواب المشتبه في تورطهم في "الحرب على الإرهاب". ومع استمرار احتجاز السجناء دون محاكمة، أصبح السجن رمزاً دولياً لانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر.
وخلال رئاسة باراك أوباما، أنشأت إدارته لجنة المراجعة الدورية ومكتب اللجان العسكرية لتسريع إغلاق السجن، لكن هذا الهدف لم يتحقق خلال ولايتيه. من جانبه، تبنّى الرئيس السابق دونالد ترامب سياسة مختلفة تماماً، حيث وقع في عام 2018 أمراً تنفيذياً لإبقاء السجن مفتوحاً، وترك الباب مفتوحاً لنقل مزيد من المعتقلين إلى غوانتانامو.
الرمزية والانتقادات الدولية
على الرغم من الجهود المبذولة، يستمر غوانتانامو في كونه رمزاً للجدل والانتقادات الدولية بسبب الاحتجاز غير المحدود والاتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان، ما يجعل مستقبله محور نقاش مستمر داخل الولايات المتحدة وخارجها.