أوضح المحلل السياسي السوري أصف ملحم، أن الوضع الحالي في سوريا يشير إلى تقسيم فعلي للسيطرة بين عدة أطراف، قائلا: "الفصائل المسلحة التابعة للمعارضة تسيطر على إدلب وعدد من المحافظات الرئيسية مثل حلب، وحماة، وحمص، وطرطوس، واللاذقية، ودمشق".
وتابع ملحم في تصريحات لـ"الدستور": "أما شمال شرق سوريا، فهو خاضع لسيطرة الفصائل الكردية. في الجنوب، تحاول إسرائيل بسط نفوذها على محافظات القنيطرة، درعا، والسويداء. كما تسيطر الولايات المتحدة على منطقة التنف الاستراتيجية عند تقاطع الحدود العراقية-الأردنية-السورية".
تحديات مستقبل سوريا
ويرى ملحم أن الحديث عن مستقبل سوريا كدولة موحدة بات شبه مستحيل في ظل الظروف الراهنة، مشيرًا إلى غياب القدرات الوطنية للدولة السورية التي كانت قائمة سابقًا، مشبهًا الوضع الحالي بملامح حرب أهلية طويلة الأمد.
الدور التركي وتصعيد النزاعات
ولفت ملحم إلى أن الحكومة المؤقتة تخضع لنفوذ تركي، مشيرًا إلى احتمال أن تستخدم تركيا المعارضة المسلحة لتوجيه ضربات للفصائل الكردية التي تسعى إلى إقامة دولة مستقلة، متوقعًا أن تؤدي هذه التحركات إلى تصاعد التوترات بين المكونات السورية المختلفة، مما يعمق الانقسامات ويؤدي إلى صدامات داخلية بين الأكراد والمكونات الأخرى.
كما أشار ملحم إلى تعقيد آخر يتمثل في احتمالية قبول أو رفض السكان لوجود إسرائيل في جنوب سوريا، وهو ما قد يخلق توترات جديدة، مضيفًا أن الولايات المتحدة تدعم الفصائل الكردية وتسيطر على مساحات واسعة، مما يزيد من صعوبة تحقيق وحدة وطنية.
عودة تنظيم داعش
فيما حذر ملحم من عودة تنظيم داعش الإرهابي إلى الساحة، حيث استغل الفوضى الراهنة وبدأ في تعزيز وجوده، مشيرًا إلى أن هذا التطور قد يؤدي إلى مواجهات مباشرة بين داعش والفصائل المسلحة الأخرى، مما يعقد الوضع بشكل أكبر.
وأكد ملحم أن سوريا كما كانت سابقًا قد انتهت تمامًا، معبرا عن اعتقاده بأن الدولة السورية في المستقبل قد تقتصر على سبع محافظات فقط، تشمل إدلب، حلب، حماة، حمص، دمشق، اللاذقية، وطرطوس، مع احتمالية تشكيل حكومة جديدة تركز على هذه المناطق. أما بقية الأراضي، فقد تصبح مناطق نفوذ لقوى خارجية أو مناطق صراع دائم.
الوضع الاقتصادي والعسكري
إلى ذلك أشار ملحم إلى أن الحكومة الحالية تعاني من صعوبات اقتصادية شديدة تجعلها غير قادرة على تسليح نفسها لمواجهة التحديات، معتبرًا أن تركيا قد تكون الجهة الوحيدة القادرة على دعمها عسكريًا، ولكن لأهداف محددة تتعلق بالصراع مع الأكراد.
واعتبر ملحم أن مستقبل سوريا يزداد غموضًا في ظل استمرار الأطماع الخارجية، تصاعد النزاعات الداخلية، وعودة التنظيمات الإرهابية إلى الواجهة، مما يجعل الحل السياسي أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.