مع تواصل الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان والتي تزداد يوما بعد يوم، انشغل اللبنانيون في الأيام الأخيرة بالحرائق المتنقلة بين المناطق فمن حريق الربوة الذي استمر لأيام قبل إخماده، إلى حريق جعيتا وزغرتا والبيرة وصولا إلى حريق قيتولي في جزين والذي يُهدد احراج الصنوبر، ويسأل الناس ما سرّ هذه الحرائق في هذا التوقيت بالذات من كل عام، وهل هي فعلاً مُفتعلة أم انها ناجمة عن التغير المناخي العالمي؟
حرائق تشرين 2024 ذكّرت اللبنانيين بحرائق تشرين 2019 التي امتدت من شمال لبنان إلى جنوبه وقضت على مساحات حرجية واسعة. علما ان عام 2023 اندلع أكثر من 3500 حريق 503 منها أتت على أشجار مثمرة و709 وقعت في الغابات.
أما في العام 2024 فإلى جانب الحرائق المتنقلة التي اندلعت مؤخرا في مناطق عدة لا يُمكن ان ننسى الحرائق التي شهدناها طوال العام الحالي جراء القصف الإسرائيلي بالقذائق الفوسفورية في الجنوب حيث تحوّلت مساحات شاسعة إلى رماد منذ بدء الحرب. وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية أنّ الحرائق في الجنوب تخطّت الـ4300 هكتار.
علما ان الإحصاءات كانت أظهرت تراجعاً في معدّل الحرائق بين عامي 2021 و2023 بنسبة 90 في المئة عن المعدّلات السنوية للأراضي المحروقة، ولكن عام 2024 كارثي بالنسبة لنسبة الحرائق بسبب ما ذكرناه سابقا.
وفي هذا الإطار، يقول الخبير البيئي الدكتور ضومط كامل عبر "لبنان 24" انه "من المُفترض ان تكون هذه الفترة بداية تساقط الأمطار في لبنان والتي تبدأ عادة في 15 أيلول وتكون الهطولات ما بين 3 إلى 5 مرات ولكن للأسف لم يحصل ذلك هذا العام بسبب التغيرات المناخية التي يشهدها العالم والتي تأثر بها لبنان بشكل مباشر".
وتابع كامل: "اليوم نحن في نهاية شهر تشرين الأول نعاني من جفاف قوي جدا ومن قلة الأمطار ومن رطوبة متدنية ورياح حارة في بعض المناطق، وهذه التغيرات المناخية تؤثر على الإنتاج الزراعي والأشجار المثمرة وعلى كل المزروعات الفصلية وبالتالي بدأنا ندفع ثمنا مرتفعا جدا في لبنان جراء ذلك ".
ولفت إلى انه "منذ أواخر القرن الماضي يشهد لبنان إضافة لدول الحوض الشرقي للمتوسط سنويا اعتبارا من 15 تشرين الأول ولغاية 15 تشرين الثاني حرائق بشكل كثيف جدا، والبعض في لبنان يقول أنها "مفتعلة" وهذا التعبير غير دقيق وهو بمثابة هروب من المسؤولية، فمن هي الجهة التي تقوم بإشعال الحرائق في كل عام وفي الوقت نفسه؟ وهل تمّ طوال كل هذه السنوات توقيف متهم واحد بهذه القضية؟
أسباب اندلاع الحرائق
أما عن سبب اندلاع هذه الحرائق، فيُعدد كامل أبرز العوامل:
أولا: يُشير كامل إلى ان "غابات لبنان ممتلئة بالنفايات الصناعية والمنزلية المرمية عشوائيا وأكياس النيلون، وبسبب الحرارة المرتفعة والتخمير تصبح هذه الأكياس والنفايات ممتلئة بالغازات ما يؤدي إلى انفجارها وتسببها بإشعال حريق".
ثانيا: عبوات البلاستيك والعبوات الزجاجية المرمية عشوائيا في كل الأحراج حين "تتعامد" مع أشعة الشمس تتحوّل إلى بلورة وتؤدي إلى اندلاع نار أسفلها وبالتالي إلى نشوب حريق .
ثالثا: الغابات في لبنان أصبحت مُشبعة بمادة الكبريت المُتأتية عن المازوت والفيول وهي منتشرة في الأحراج وعندما يحصل أي احتكاك لأوراق الشجر بسبب الرياح الدافئة يؤدي هذا الأمر إلى اندلاع النيران والتسبب بحريق.
رابعا: رمي النفايات من زجاج السيارات والسجائر التي تكون لا تزال مُشتعلة.
خامسا: هناك من يقوم بنزهات في الطبيعة وبإشعال الجمر والفحم من أجل تحضير الطعام والنرجيلة ويقومون قبل مغادرة المكان برمي الفحم المُشتعل في الأحراج وهذا الأمر أيضا من أبرز مُسببات الحرائق.
ويُحذر كامل من ان "الملف البيئي في لبنان خطير جدا ولا تتم معالجته بشكل سليم"، ويشدد على ان "هناك العديد من الأخطاء والمشاكل التي تحتاج لمعالجة ولاتخاذ قرارات صارمة من أبرزها تحرير محاضر ضبط بحق من يُخالف القوانين ويرتكب جرما إن على صعيد رمي النفايات في الطرقات او الاحراج وذلك بهدف حماية الغابات والثروة الحرجية".
ولفت إلى انه "في بداية أي حريق تحصل كارثة كبرى لأن الحريق يندلع بسرعة ويتمدد بشكل أسرع لأن كمية الأوكسيجين التي تفرزها الأشجار تعطي نسبة أوكسيجين عالية جدا ما يُساعد على انتشار الحرائق بشكل خطير".
كما أشار كامل إلى نقطة مهمة جدا عند إطفاء الحرائق ولاسيما من خلال نقل المياه بالطوافات ورميها على المساحات الخضراء المُحترقة حيثُ قال: "الخطر الأكبر عند إطفاء الحرائق هو عندما تقوم الطوافة برمي المياه من ارتفاعات عالية على الغابات فالمياه عندما تتعرّض لتأثير مروحة الطوافة يتشكل رذاذ مائي عالي جدا يتحوّل بدوره إلى ذرات من الأوكسيجن تساعد على انتشار الحريق بشكر كبير".
ويُضيف: "الخطر الأكبر هو ان الطوافات تعبئ المياه من البحر وهي مياه مالحة وترميها على الأشجار المُحترقة بهدف إخماد النيران ولكن من خلال هذه الطريقة ندمر الأشجار والجذور الموجودة في اسفلها فلا تعود تثمر وتحتاج الأرض لسنوات طويلة ما بين 10 إلى 15 سنة لتتخلص من كميات الملح التي تسرّبت إلى جذور الأشجار وهذا الأمر خطير جدا حيث نكون نُعالج مشكلة ونتسبب بمشكلة أخرى".
غابات لبنان في "العناية الفائقة"
ودعا كامل وزارة الزراعة إلى تبني مشروع حماية غابات لبنان الذي لا يزال نائما في الأدراج للمحافظة على الثروة الحرجية، مشيرا إلى ان "معظم غابات لبنان هي حاليا في العناية الفائقة وهناك احتمال بين لحظة وأخرى ان تحترق".
كما دعا البلديات إلى وضع خطة طوارئ واللبنانيين لضرورة الاتصال بالأجهزة الأمنية والدفاع المدني والإبلاغ فورا عند رؤية أي دخان أو نيران لإخمادها فورا لأنه في حال تأخرنا في ذلك سيمتد الحريق وستطول مدة إخماده وبالتالي لا يمكن السيطرة عليه.
ولفت كامل إلى ان "ما من هطول للأمطار في المدى القريب وبالتالي فإن فترة الحرائق ستمتد لغاية تساقط الهطولات، مُجددا التحذير من ان "غابات لبنان مُهددة وسنرى المزيد من الحرائق في الأيام المقبلة في مختلف المناطق".
Advertisement
حرائق تشرين 2024 ذكّرت اللبنانيين بحرائق تشرين 2019 التي امتدت من شمال لبنان إلى جنوبه وقضت على مساحات حرجية واسعة. علما ان عام 2023 اندلع أكثر من 3500 حريق 503 منها أتت على أشجار مثمرة و709 وقعت في الغابات.
أما في العام 2024 فإلى جانب الحرائق المتنقلة التي اندلعت مؤخرا في مناطق عدة لا يُمكن ان ننسى الحرائق التي شهدناها طوال العام الحالي جراء القصف الإسرائيلي بالقذائق الفوسفورية في الجنوب حيث تحوّلت مساحات شاسعة إلى رماد منذ بدء الحرب. وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية أنّ الحرائق في الجنوب تخطّت الـ4300 هكتار.
علما ان الإحصاءات كانت أظهرت تراجعاً في معدّل الحرائق بين عامي 2021 و2023 بنسبة 90 في المئة عن المعدّلات السنوية للأراضي المحروقة، ولكن عام 2024 كارثي بالنسبة لنسبة الحرائق بسبب ما ذكرناه سابقا.
وفي هذا الإطار، يقول الخبير البيئي الدكتور ضومط كامل عبر "لبنان 24" انه "من المُفترض ان تكون هذه الفترة بداية تساقط الأمطار في لبنان والتي تبدأ عادة في 15 أيلول وتكون الهطولات ما بين 3 إلى 5 مرات ولكن للأسف لم يحصل ذلك هذا العام بسبب التغيرات المناخية التي يشهدها العالم والتي تأثر بها لبنان بشكل مباشر".
وتابع كامل: "اليوم نحن في نهاية شهر تشرين الأول نعاني من جفاف قوي جدا ومن قلة الأمطار ومن رطوبة متدنية ورياح حارة في بعض المناطق، وهذه التغيرات المناخية تؤثر على الإنتاج الزراعي والأشجار المثمرة وعلى كل المزروعات الفصلية وبالتالي بدأنا ندفع ثمنا مرتفعا جدا في لبنان جراء ذلك ".
ولفت إلى انه "منذ أواخر القرن الماضي يشهد لبنان إضافة لدول الحوض الشرقي للمتوسط سنويا اعتبارا من 15 تشرين الأول ولغاية 15 تشرين الثاني حرائق بشكل كثيف جدا، والبعض في لبنان يقول أنها "مفتعلة" وهذا التعبير غير دقيق وهو بمثابة هروب من المسؤولية، فمن هي الجهة التي تقوم بإشعال الحرائق في كل عام وفي الوقت نفسه؟ وهل تمّ طوال كل هذه السنوات توقيف متهم واحد بهذه القضية؟
أسباب اندلاع الحرائق
أما عن سبب اندلاع هذه الحرائق، فيُعدد كامل أبرز العوامل:
أولا: يُشير كامل إلى ان "غابات لبنان ممتلئة بالنفايات الصناعية والمنزلية المرمية عشوائيا وأكياس النيلون، وبسبب الحرارة المرتفعة والتخمير تصبح هذه الأكياس والنفايات ممتلئة بالغازات ما يؤدي إلى انفجارها وتسببها بإشعال حريق".
ثانيا: عبوات البلاستيك والعبوات الزجاجية المرمية عشوائيا في كل الأحراج حين "تتعامد" مع أشعة الشمس تتحوّل إلى بلورة وتؤدي إلى اندلاع نار أسفلها وبالتالي إلى نشوب حريق .
ثالثا: الغابات في لبنان أصبحت مُشبعة بمادة الكبريت المُتأتية عن المازوت والفيول وهي منتشرة في الأحراج وعندما يحصل أي احتكاك لأوراق الشجر بسبب الرياح الدافئة يؤدي هذا الأمر إلى اندلاع النيران والتسبب بحريق.
رابعا: رمي النفايات من زجاج السيارات والسجائر التي تكون لا تزال مُشتعلة.
خامسا: هناك من يقوم بنزهات في الطبيعة وبإشعال الجمر والفحم من أجل تحضير الطعام والنرجيلة ويقومون قبل مغادرة المكان برمي الفحم المُشتعل في الأحراج وهذا الأمر أيضا من أبرز مُسببات الحرائق.
ويُحذر كامل من ان "الملف البيئي في لبنان خطير جدا ولا تتم معالجته بشكل سليم"، ويشدد على ان "هناك العديد من الأخطاء والمشاكل التي تحتاج لمعالجة ولاتخاذ قرارات صارمة من أبرزها تحرير محاضر ضبط بحق من يُخالف القوانين ويرتكب جرما إن على صعيد رمي النفايات في الطرقات او الاحراج وذلك بهدف حماية الغابات والثروة الحرجية".
ولفت إلى انه "في بداية أي حريق تحصل كارثة كبرى لأن الحريق يندلع بسرعة ويتمدد بشكل أسرع لأن كمية الأوكسيجين التي تفرزها الأشجار تعطي نسبة أوكسيجين عالية جدا ما يُساعد على انتشار الحرائق بشكل خطير".
كما أشار كامل إلى نقطة مهمة جدا عند إطفاء الحرائق ولاسيما من خلال نقل المياه بالطوافات ورميها على المساحات الخضراء المُحترقة حيثُ قال: "الخطر الأكبر عند إطفاء الحرائق هو عندما تقوم الطوافة برمي المياه من ارتفاعات عالية على الغابات فالمياه عندما تتعرّض لتأثير مروحة الطوافة يتشكل رذاذ مائي عالي جدا يتحوّل بدوره إلى ذرات من الأوكسيجن تساعد على انتشار الحريق بشكر كبير".
ويُضيف: "الخطر الأكبر هو ان الطوافات تعبئ المياه من البحر وهي مياه مالحة وترميها على الأشجار المُحترقة بهدف إخماد النيران ولكن من خلال هذه الطريقة ندمر الأشجار والجذور الموجودة في اسفلها فلا تعود تثمر وتحتاج الأرض لسنوات طويلة ما بين 10 إلى 15 سنة لتتخلص من كميات الملح التي تسرّبت إلى جذور الأشجار وهذا الأمر خطير جدا حيث نكون نُعالج مشكلة ونتسبب بمشكلة أخرى".
غابات لبنان في "العناية الفائقة"
ودعا كامل وزارة الزراعة إلى تبني مشروع حماية غابات لبنان الذي لا يزال نائما في الأدراج للمحافظة على الثروة الحرجية، مشيرا إلى ان "معظم غابات لبنان هي حاليا في العناية الفائقة وهناك احتمال بين لحظة وأخرى ان تحترق".
كما دعا البلديات إلى وضع خطة طوارئ واللبنانيين لضرورة الاتصال بالأجهزة الأمنية والدفاع المدني والإبلاغ فورا عند رؤية أي دخان أو نيران لإخمادها فورا لأنه في حال تأخرنا في ذلك سيمتد الحريق وستطول مدة إخماده وبالتالي لا يمكن السيطرة عليه.
ولفت كامل إلى ان "ما من هطول للأمطار في المدى القريب وبالتالي فإن فترة الحرائق ستمتد لغاية تساقط الهطولات، مُجددا التحذير من ان "غابات لبنان مُهددة وسنرى المزيد من الحرائق في الأيام المقبلة في مختلف المناطق".