"رمزية" استهداف مقرّ إقامة نتنياهو.. نقطة فاصلة بين مرحلتين؟!

مساء الجمعة، أعلنت غرفة عمليات المقاومة الإسلامية، الانتقال إلى ما أسمتها "مرحلة جديدة وتصاعديّة" في المواجهة مع العدو الإسرائيلي، قالت إن مجريات وأحداث الأيام المقبلة ستتحدّث عنها، ولم تكد تمرّ ساعات، حتى جاء الخبر "المفاجئ"، مع الحديث عن استهداف مقرّ إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قيساريا، ولو أنّه بقي بلا تبنّ رسمي من جانب الحزب، في بياناته العسكرية المتلاحقة.

Advertisement

 
وفي حين سارعت إسرائيل على لسان نتنياهو نفسه، إلى توجيه أصابع الاتهام إلى إيران بما أسمته "محاولة اغتيال" رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهو ما تنصّلت منه طهران، ثمّة من وضع الأمر في خانة "رمزية" يمثّلها الاستهداف الذي يكاد يكون غير مسبوق، والذي يوجّه رسالة من الطراز الثقيل، مفادها أنّ المقاومة قادرة عبر مسيّراتها على الوصول إلى أيّ مكان في داخل إسرائيل، بدليل "الاستهداف الدقيق" لبيت نتنياهو.
 
بهذا المعنى، يرى البعض أنّ استهداف مقرّ إقامة نتنياهو يمكن أن يشكّل "نقطة فاصلة" بين مرحلتين، فهو يعكس بشكل ما "المرحلة الجديدة" التي أعلن عنها "حزب الله"، والتي يبدو أنّه تحرّر فيها من كلّ "الضوابط"، بما يتيح تحريك الاتصالات الدبلوماسية، ولكنّه قد يؤدي أيضًا إلى المزيد من التصعيد الإسرائيلي، ظهرت تباشيره في تجدّد استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، ولكن أيضًا في تحميل إيران المسؤولية مباشرة...
 
"فشل أمني وخلل دفاعي"
 
ليس خافيًا على أحد أنّه بعد الاغتيالات النوعية التي نفذتها إسرائيل لكبار قادة "حزب الله"، ولا سيما الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، ساد انطباع لدى كثيرين بأنّ الهجوم الوحيد الذي يمكن أن "يفشّ الخلق" هو استهداف مباشر لأحد كبار المسؤولين الإسرائيليين، ولا سيما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكنّ الأكيد أنّ أحدًا لم يتوقع فعلاً أنّ مثل هذا السيناريو يمكن أن يتحقّق، وأن يتداول بخبر استهداف مقرّ إقامة الرجل في قيساريا شمال إسرائيل.
 
وبمعزل عمّا إذا كان الاستهداف "محاولة لاغتيال" نتنياهو كما سارع الإسرائيليون إلى القول، ربما لاستثمار الأمر سياسيًا، وفي سياق المواجهة مع إيران، أو مجرّد "رسالة رمزية" كما يعتقد كثيرون، فإنّ الثابت أنّ الهجوم الذي أتى بعد هجوم بنيامينا جنوب حيفا، الذي خلّف العدد الأكبر من الإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي، يأتي ليكشف عن قدرة استخباراتية عالية لدى المقاومة، ولكن أيضًا عن فشل أمني وخلل دفاعي لدى الإسرائيليين.
 
ويقول العارفون في هذا السياق، إنّ الاستهدافات الأخيرة من "حزب الله" والتي نجحت في اختراق المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، كشفت عن خلل حقيقي في هذه المنظومة، التي تبدو عاجزة عن اعتراض مسيّرات "حزب الله"، خصوصًا إذا ما اعتمد الأخير تكتيك "الإشغال" الذي بات يتكرّر في العديد من عملياته، علمًا أنّ ثمّة حديثًا عن استنفار إسرائيلي لمعالجة هذه الثغرة، التي ما عاد بالإمكان حجبها بعد الوصول إلى أهم هدف في إسرائيل.
 
سيناريوهات ما بعد هجوم قيساريا
 
بمعزل عن هذا "الفشل الأمني" وفق توصيف الإسرائيليّين أنفسهم، بدأ الحديث عن سيناريوهات المرحلة المقبلة، التي يبدو أنّها ستشهد سباقًا متجدّدًا بين الخيارات الدبلوماسية والعسكرية، مع إعلان "حزب الله" عن مرحلة جديدة من التصعيد التصاعدي إن جاز التعبير، وهو ما يعكسه بكثافة العمليات التي ينفذها بوتيرة يومية، في مقابل كثافة الغارات الإسرائيلية أيضًا، التي عادت لتضرب الضاحية الجنوبية لبيروت بعد أيام من الهدوء غير المفهوم.
 
وإذا كان القصف العنيف للضاحية من جديد، بعد حديث عن "ضمانات أميركية" بتقليل الضربات على بيروت وضاحيتها، فُسّر ضمنًا على أنه ردّ على استهداف مقرّ إقامة نتنياهو، فإنّ توجيه إسرائيل لأصابع الاتهام إلى إيران بشكل مباشر جاء ليعزّز أجواء "العسكرة"، ولا سيما أنّ كلّ ذلك جاء في خضمّ انتظار ضربة إسرائيلية لإيران، يعتقد كثيرون أنّ عدّها العكسي قد بدأ، خصوصًا بعد ما سُرّب من وثائق استخباراتية أميركية.
 
إلا أنّه بموازاة ذلك، ثمّة معلومات تتحدّث عن "نشاط دبلوماسي" بدأ يلوح في الأفق، يتجلّى في وصول الموفدين الأميركيين إلى المنطقة، في ظلّ انطباع بأنّ ما جرى ويجري وسيجري قد يكون "بداية النهاية" للحرب التي طال أمدها، وأنّ الجلوس على طاولة المفاوضات يقترب، ولو أنّ هناك اعتقادًا بأنّ هذا الأمر قد لا يكون مُتاحًا قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وإن كان الدفع باتجاه الحفاظ على "الوتيرة الحالية" في الوقت الفاصل عنها.
 
بالنسبة إلى كثيرين، فإنّ الهجوم على مقرّ إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يكن هدفه "الاغتيال الجسدي" بقدر ما كان توجيه رسالة واضحة له بأنّ مسيّرات المقاومة قادرة على الوصول إليه، وإلى أيّ هدف آخر تختاره داخل إسرائيل، وبالتالي تجاوز كل المنظومة الدفاعية. لعلّها رسالة "ردعية" أخرى، وإن كانت هذه المرّة تتوخّى وقف الحرب العبثية المستمرّة، فهل تحقّق هدفها هذه المرّة، وتقرّب "نهاية الحرب" فعلاً؟!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق غارتان إسرائيليتان على مبنى جنوبى لبنان وإصابة عائلة سورية
التالى استشهاد 3 فلسطينيين في قصف للاحتلال على بلدة بجنوب قطاع غزة