مع "انتهاء" حرب الـ12 يومًا بين إيران وإسرائيل.. مَنْ ربح ومَنْ خسر؟!

تمامًا كما بدأت الحرب الإسرائيلية على إيران فجأة، فيما كان العالم يترقّب جولة سادسة من المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، قيل إنّها ستكون مفصلية وحاسمة، انتهت فجأة أيضًا، بعد هجوم إيراني على "قاعدة العديد" في دولة قطر، فجّر مخاوف من أن تدخل المنطقة على خطّ المواجهة، وبالتالي أن يتحوّل الصراع إلى حرب إقليمية شاملة، سرعان ما بدّدها إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحاسم: حان وقت وقف الحرب!

Advertisement

 
هي حرب الـ12 يومًا، كما يحلو للبعض وصفها، تبادل خلالها الإسرائيليون والإيرانيون تسجيل النقاط والأهداف، بعد افتتاحية مباغتة، وُصِفت بالضربة الاستباقية، في العدوان الواسع الذي شنّته تل أبيب فجر الجمعة 13 حزيران، قبل أن تستوعب طهران "الصدمة" إن صحّ التعبير، فتنتقم بضربات صاروخية أخذ صداها يتصاعد يومًا بعد يوم، إلى أن دخلت الولايات المتحدة على الخط بضرب المنشآت النووية، وتردّ إيران بضرب "قاعدة العديد".
 
انتهت حرب الـ12 يومًا إذًا، من دون أن يُعرف كيف ولماذا اندلعت أصلاً، وما الذي دفع إلى توقّفها، ومن دون أن تسدل الستار على سجال "نووي" يبدو أنّه لن ينتهي فصولاً في القريب العاجل، مع تسجيل "مفارقة" باتت متكرّرة، عنوانها ادّعاء كلّ طرف "النصر"، فمن ربح وخسر في هذه المواجهة بين إسرائيل غير المعتادة على هذا النوع من الحروب، وإيران التي خسرت كبار قادتها وعلمائها، وربما الولايات المتحدة التي أعلنت تدمير برنامج ايران النووي؟!
 
إسرائيل وإيران.. رابحتان خاسرتان!
 
من تابع السرديتين الإسرائيلية والإيرانية في الساعات الأخيرة وجد صعوبة في فهم المعطيات الحقيقية التي أفرزتها الحرب خلال 12 يومًا من القتال المستمرّ، فإيران تقول إنّها ربحت، بعدما صمد نظامها رغم كلّ شيء، وأوقعت بإسرائيل خسائر غير تقليديّة لم يسبق أن منيت بها، وإسرائيل في المقابل تقول أيضًا إنّها انتصرت، بتحقيق "بنك أهدافها العسكرية"، وبالحدّ الأدنى، إنهاء ما تصفه بالتهديد الصاروخي والنووي الإيراني.
 
لكنّ العارفين يتحدّثون عن "خلل جوهري" في السرديّتين، إلا إذا ما اعتمدتا مبدأ أنّ "عدم الهزيمة" هو "انتصار"، فإسرائيل مثلاً لا يمكن أن تدّعي تحقيق "ربحٍ صافٍ"، وهي التي تحوّلت مناطق واسعة فيها إلى "ساحة حرب حقيقية" للمرة الأولى، والتي استمرّت بتلقي الهجمات الصاروخية حتى الدقيقة الأخيرة قبل دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، فضلاً عن أنّها لم تحقّق الأهداف "الموسّعة" التي رفعت لواءها، والتي وصلت الى حدّ تغيير النظام.
 
أما إيران فحتى لو سجّل لها العارفون قدرتها على تجاوز الضربة "الصاعقة" الأولى، التي أرادها الإسرائيليون شبيه بضربة "البيجر" الشهيرة التي أفقدت "حزب الله" زمام المبادرة، فإنّها أيضًا لا تستطيع الحديث عن "ربحٍ صافٍ"، وقد خسرت كوكبة كبيرة من العلماء والقادة، في وقتٍ لا يزال حتى الآن مصير برنامجها النووي مبهَمًا، بعد الضربة الأميركية التي استهدفت منشآتها النووية، من دون أن ننسى عدم تناسب "الردّ" عليها مع حجمها.
 
ترامب.. الرابح الأكبر؟!
 
يقول البعض إنّ نتائج الحرب لم تتّضح بعد، وقد تحتاج لبعض الوقت لتكشّف ملابساتها، إذ إنّ أحدًا لا يعرف حتى الآن على وجه الدقة حجم الضرر الذي أصاب البرنامج النووي الإيراني بنتيجة العدوان، وتحديدًا بنتيجة الضربة الأميركية، وسط توقّعات بأنّ إيران لن تفصح عن ذلك، وستعتمد على الأرجح سياسة "الغموض البنّاء" إزاءه، علمًا أنّ هذا المعطى يمكن أن يعطي "الأفضلية" لأحد الطرفين، في تحديد موازين الربح والخسارة.
 
إلا أنّ ما يبدو محسومًا، برأي البعض، فهو أنّ الرئيس دونالد ترامب، خلافًا للإسرائيليين والأميركيين، كرّس نفسه "الرابح الأكبر"، بعدما فرض نفسه "وسيطًا" لوقف إطلاق النار، على الرغم من أنّه كان قد حجز لنفسه موقع "الطرف" في الحرب قبل أيام قليلة، حين انخرط فيها عسكريًا، بضربة وصفها بـ"الناجحة للغاية"، وأوحى أنّها كانت "قاضية"، فإذا به يحدّد توقيت "إنهاء" الحرب، ويلعب دور "الحَكَم" بين إسرائيل وإيران، بكلّ بساطة.
 
وعلى الرغم من أنّ ترامب اتُهِم بممارسة لعبة "الخداع" مع الإيرانيّين، منذ اليوم الأول من الحرب، حين نامت طهران على "حرير" الجولة السادسة من المفاوضات، فاستيقظت على العدوان الإسرائيلي، وصولاً إلى ضرب المنشآت النووية، بعد حديثه عن مهلة أسبوعين يتّخذ خلالها القرار، فإنّه أنهى الجولة "رابحًا" برأي كثيرين، بعدما تجاوبت إيران نفسها مع مبادرته لوقف القتال، مع انفتاحها على العودة إلى طاولة المفاوضات، رغم كلّ شيء.
 
قد لا يكون مفاجئًا أن تنتهي حرب بلا غالب ولا مغلوب، أو بالأحرى بفريقَين "رابحَين" وفق منطق كلّ منهما، فالمنطقة قد اعتادت على هذا النوع من "الانتصارات الدائمة" لكلّ المحاور في كلّ الحروب، لكنّ الجديد أن تبدو "معادلات" ما بعد الحرب غير واضحة، فلا أحد يدرك حتى الآن وفق أيّ معايير انتهت هذه الحرب، ولا أحد يستطيع أن يضمن أساسًا ألا تتجدّد مرّة أخرى، من خلال جولة ثانية يُخشى أن تكون "قاضية"!  

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق عن وفيق صفا.. ماذا قال تقرير إسرائيلي؟