"حزب الله الجديد".. لماذا ساند غزة ولم يساند إيران؟

منذ لحظة بدء المعركة بين إيران وإسرائيل يوم 13 حزيران الجاري، اتجهت الأنظار إلى موقف "حزب الله" منها. حتى الآن، يتعاطى الحزب مع ما يجري "كلامياً"، حتى أنّه بعد الهجوم الأميركي على منشآت نووية إيرانية، الأحد، لم يعلق الحزب على ما حصل إلا عبر بيانٍ مطول استنكر فيه القصف، بينما لم يُدلِ بأي تهديدٍ كان، سواء مباشر أو غير مباشر.

Advertisement

وسط كل هذه المعركة التي تُهدد إيران ونظامها بشكل مباشر، يُطرح تساؤل فعليّ: لماذا ساند "حزب الله" حركة "حماس" في تشرين الأول 2023 ولم يُساند إيران في الـ2025؟ هل الأمر مرتبطُ بسبب "مستوى القوة" أم أنه يتصل بـ"القرار" والوضع القياديّ الذي يعيشه الحزب حالياً أم أنَّ الأمر يرتبط بمدى حاجة إيران لـ"حزب الله" في المنطقة ولحلفائها الآخرين؟
تقول مصادر سياسية لـ"لبنان24" إن حسابات "حزب الله" حينما ساند "حماس"، كانت تختلفُ تماماً عن حساباته اليوم. آنذاك، كان الحزب يعتقد أن الهجوم على "حماس" يعني انقضاضاً عليه في المنطقة، وبالتالي سارع إلى فتح جبهة الإسناد لكي يزيد الضغط على إسرائيل كي تتراجع عن حربها، لكن العكس حصل. حينها، قررت إسرائيل توسيع الحرب، فهاجمت "حزب الله" وعملت على إضعافه عسكرياً، وما كان يخشاهُ الحزب حصل.
آنذاك، كان أمين عام "حزب الله" السابق الشهيد السيد حسن نصرالله مُلتزماً بمسار المعركة وقد بررها على أنها معركة إثبات وجود وتثبيت حق، وثانياً استباق حرب إسرائيلية حصلت لاحقاً. في الوقت نفسه، فإن ما ساهم بـ"حشر" حزب الله في الزاوية هو أن فائض القوة الذي كان يتمتعُ به آنذاك هو الذي ألزمهُ على التدخل كي لا يظهر في موقع الضعيف.
بالعودة إلى الذاكرة قليلاً للعام 2023 وقبل بدء حرب الإسناد، أقام "حزب الله" مُناورة عسكرية في الجنوب عنوانها الأساسي "اقتحام الجليل". آنذاك، كان الحزب يؤكد على أن قواته ستردع إسرائيل وستكسر هيبتها. بعدها، فرض "حزب الله" نفسه أكثر حينما نصب خيماً عند حدود مزارع شبعا لتحدّي إسرائيل والتأكيد أن الردع كبير جداً ولا يمكن لتل أبيب أن تفعل شيئاً بسبب قوة "حزب الله".
الإحساسُ بأن الأمور لصالحه من حيث القوة والقدرات، هي التي جعلت "حزب الله" يأخذ درب إسناد غزة. في الوقت نفسه، فإن هذه الصورة كانت عنصراً يُحرج الحزب أيضاً للمشاركة في الحرب مع "حماس"، ولو لم يفعل ذلك ستُثار أسئلة عديدة: أين قوته؟ أين المقاومة التي تغنى بها؟ أين هو من معركة "حماس" الأسطورية؟ أين هو من "فتح الجليل"؟ أين هو من مواجهة إسرائيل التي كُسرت شوكتها؟ ماذا ينتظر؟ وغيرها من الأسئلة.
لذلك، حفاظاً على صورته القوية آنذاك، اتخذ "حزب الله" درب المعركة. قد لا يكون مقتنعاً بتوقيت هجوم "حماس"، لكنه وجد نفسه أمام واقع عليه التعامل معه. وبين اتهامه بالتخاذل والضعف من جهة وبين خوض المعركة لتثبيت الوجود، قرّر الحزب مساندة غزة.
أما اليوم.. ما الذي يختلف؟ حالياً، كل الصورة السابقة التي نسجها "حزب الله" تبدلت تماماً بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان. "حزب الله" يعلم أنه تلقى خسائر عسكرية، ويعي تماماً أنه ليس بإمكانه خوض أي حربٍ جديدة بعدما خرج من معركة كبرى بصعوبة. أيضاً، يركز "حزب الله" حالياً على بناء نفسه بعدما كان قوة كبيرة، بينما قيادته المركزية السابقة التي قادت حرب الإسناد لم تعد موجودة اليوم، فالمستوى القيادي تبدل وتغير، وبات الحزب بحاجة إلى تعزيز خبرات عسكرية لديه.
لهذا السبب، يرى مصدر عسكري أن "حزب الله" لا يستطيع أن يدخل حرباً كبرى كتلك القائمة بين إيران وإسرائيل، فالمسألة لا تنحصر بلبنان فحسب، بل بالمنطقة بأسرها وبتوازنات الدول في الشرق الأوسط.
المسألة هذه يُدركها "حزب الله" وتعيها إيران بالتحديد، ولهذا السبب فإن التضحية بما تبقى من "حزب الله" سيعني خسارة لورقة قوة أرادت إيران الحفاظ عليها رغم كل التنازلات التي تم تقديمها والخسائر التي حصلت.
وعليه، فإنّ مسألة إسناد غزة وظروفها تختلفُ تماماً عن مسألة إسناد إيران، وما يتبين هو أن "حزب الله الجديد" يتصرف على هذا الأساس ولذلك قد لا يبادر إلى فتح معركة جديدة كي لا يخسر القدرات التي بقيت منذ الحرب الماضية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق إيران تتفادى المواجهة المباشرة مع واشنطن وتحرك روسي للتهدئة
التالى بسبب الحرب.. "أوفر تايم" في وزارة لبنانية