Advertisement
ويضيف المصدر أن كل المؤشرات تدل إلى أن الأميركي يعمل على عكس ما يعلن بحيث أنه يدعم إسرائيل في كل الخيارات التي تعتمدها.ولذلك قرر الإيرانيون الاستعداد للحرب لأنهم لمسوا من خلال اتصالاتهم، كما من خلال ما يجري في الميدان، أنه لم يعد هناك من جدوى لتبادل الرسائل مع واشنطن وغيرها لمحاولة خفض التصعيد، اذ صارت المسألة وكأنها مضيعة للوقت، لعله اذا وقع المحظور وتبودلت الضربات ووصلت معها النار إلى أطراف الأميركيين في المنطقة يلجأون عندئذ إلى الطلب من إيران التهدئة ليكون جوابها الطلب منهم تقديم حسن النية إذا كانوا راغبين فعلا بالعودة إلى المفاوضات.
ولذلك، يؤكد المصدر الدبلوماسي، "أن طهران تتوقع حصول الرد الإسرائيلي عليها في أي لحظة، وهناك سيناريوهات عدة مرجحة حوله،والسيناريو الأكثر رجحاناً هو أن لا يكون تقليدياً وربما يكون عملا مركباً إلى حد ما ومن الداخل، وقد يكون اغتيالا مرفقا بضربات من الداخل الإيراني تستهدف مواقع حساسة عسكرية او مقار للحرس الثوري الإيراني ومؤسسات رسمية أساسية، فإذا ذهب نتنياهو إلى هذا الخيار فإن الرد عليه سيستهدف المراكز الكيماوية الاسرائيلية التي هي أشبه بقنابل ذرية خصوصا وأن الإسرائيليين نقلوا كميات منها من حيفا إلى طبريا ومناطق أخرى من الأراضي الفلسطينية المحتلة وهذا امر تحتسب له اسرائيل الف حساب".
ويضيف المصدر "أن نتنياهو متهور ويمكن أن يعمل على أي خيار لكنه إذا كان عاقلا يدرك أن حربا من هذا النوع ليس وقتها ويترك أمرها إلى مرحلة لاحقة تنشأ فيها إدارة أميركية جديدة تبصم له على استهداف المنشآت النووية الايرانية خصوصا إذا وصل "مرشحه" دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في الانتخابات المقررة في الخامس من تشرين الثاني المقبل، ليعمل بعد ذلك على استكمال تفاهمات بعض الدول المحيطة بإيران، وفي هذه الحال يكون قد لجأ الى خيار غير عقلاني.علما ان صحيفة "واشنطن بوست" نشرت أن "واشنطن تبلغت من إسرائيل انها ستستهدف مواقع عسكرية إيرانية وليس المنشآت النووية أو حقول النفط".
الخيار الاقرب
يقول المصدر الدبلوماسي أن الخيار الأقرب قد يكون لجوء نتنياهو إلى عمل عسكري مركب يطاول أهدافا عسكرية في إطار الانتقام من العسكر في اعتبار أن القرار بالهجوم الصاروخي الأخير على اسرائيل اتخذه الحرس الثوري الإيراني دون سواه وتركز على قصف أهداف عسكرية إسرائيلية فقط، فيكون الرد الإسرائيلي قصف مواقع عسكرية فقط. ولكن في حال طاول هذا القصف منشآت نفطية أو نووية وتجاوز الخطوط الحمر الإيرانية فسيكون من الصعب على الجانب الإيراني أن يهضم الأمر وسيتعرض للإحراج إن لم يرد على ذلك بالمثل. أما في حال اقتصر الرد الإسرائيلي على العسكر فقط فسيأتي الرد الإيراني ضمن الإطار العسكري فقظ ولا يطاول مدنيين او مواقع اسرائيلية حساسة.
على طريقة ترامب
ويشير المصدر الديبلوماسي إلى أن إيران تدرك مدى حجم الدعم الاستخباري الدولي لنتنياهو في مواجهة إيران، ولذلك فإن ميدان عمله قد يكون الميدان الأمني والمرجح أن يركز ضرباته المرتقبة في هذا المجال عبر اغتيالات وما شابه. علما أن سياسته الأخيرة تشبه إلى حد ما سياسة ترامب التي تقوم على توجيه ضربة قوية للخصم ثم اللجوء إلى معالجة النتائج ديبلوماسيا للتخفيف من انعكاس الضربة عليه مثلما فعل اثر اغتياله قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني في بغداد قبل سنوات، حيث إنبرى بعد ذلك لإجراء اتصالات غير مباشرة مع إيران لمنع توسيع رقعة المواجهات بينها وبين واشنطن الأمر الذي خفف من حجم الرد الإيراني على أغتيال سليماني بأن قصف الإيرانيون قاعدة عين الأسد الأميركية في العراق وانتهى الأمر عند هذا الحد، بغض النظر عن حجم الخسائر الضئيل التي لحقت بالأميركيين جراء تلك الضربة. ولذلك لجأ نتنياهو إلى إغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والقادة العسكريين للمقاومة وفجر أجهزة "البايجر" واللاسلكي وهي ضربات تجاوز فيها الخطوط الحمر وجاءت في إطار استهداف المحرمات، ثم إنبرى إلى التصدي للنتائج والتداعيات. فهذه السياسة خطرة وما تزال محتسبة، ولكن الجانب الإيراني ومحوره أي محور المقاومة ما زالا يحتسبان خط الرجعة. أما إذا بلغت الأمور حد استهداف أمن إيران وهو أمن محور المقاومة كونها قائدته ككل بما يهدد وجوده، فعند ستسقط كل الضوابط والمحرمات خصوصا وأن إيران لمحت إلى أن أي تهديد لمنشآتها النووية سيدفعها إلى تغيير عقيدتها في الموضوع النووي، وان حلفاءها كثيرون في هذا المجال ومستعدون لمدها بكل الأسباب التي تمكنها من عسكرة سريعة للبرنامج النووي وهي قادرة على ذلك عندما تشاء.
السلوك الاميركي ـ الاسرائيلي
ولذلك، يقول المصدر الديبلوماسي، أن مصير الوضع في المنطقة متوقف على طبيعة السلوك الأميركي ـ الإسرائيلي، فكل ما يجري ما زال حتى الآن في إطار رد الفعل على ما يقوم به نتنياهو بدعم أميركي. ولكن لا يمكن التنبؤ بالمرحلة وبالاتجاه الذي قد يذهب اليه نتنياهو في مناوراته، فهو ذاهب على ما يبدو إلى استهداف بيروت واستهداف طهران وكل استهداف منهما يتطلب جبهة خاصة، هو فتح جبهتي غزة ولبنان وراح يتوسع في اتجاه الضفة الغربية وسوريا والعراق واليمن وإيران ليعلن انه يقاتل على سبع جبهات، ولذا ليس هناك من عاقل يصدق انه يقاتل على هذه الجبهات دفعة واحدة بمفرده وإنما تقاتل معه الولايات المتحدة وجميع حلفائها الغربيين مباشرة أو مداورة، وعندما يعلن صراحة أن يقاتل على هذه الجبهات السبع فمن الواضح أنه يقود معركة المحور الأميركي ويتصدر واجهتها، ولكن الطرف الأميركي يبقى هو الداعم الأساسي له، وفي هذه الحال ليس هناك من مانع أن يكون الأميركيون مشاركين بطياراتهم وقطعهم البحرية الحربية في المنطقة في القصف سواء على لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن وإيران، بدليل أن سلاح الجو الإسرائيلي يعمل منذ سنة ولم يصب بأي انهاك وهذا في العلم العسكري لا يمكن تصديقه ولا بد أن الطيران الحربي الأميركي وغيره يشاركه الغارات وأن استمرار الطيران الإسرائيلي في غاراته يوميا وبلا انقطاع يؤكد أن هناك طيرانا آخر حربي يشاركه الغارات خصوصا وأنه تم تسجيل آلاف منها منذ سنة وحتى الآن سواء على الجبهات السبع التي تحدث عنها نتنياهو او على لبنان وغزة تحديدا.
ويلفت المصدر الديبلوماسي اياه الى أن القنابل الخارقة للتحصينات التي تستخدمها إسرائيل في الاغتيالات والتدمير كان طلبتها من الولايات المتحدة منذ أيام رئاسة ترامب ولكنها حصلت عليها أيام الرئيس جو بايدن الآن، والجميع يعرف أن هذا النوع من الأسلحة المتطورة جدا لا يعطى لأي دولة ما لم تكن لها حظوة لدى واشنطن، وعندما تعطي فانما تكون مقرونة بشروط مسبقة تحدد الحالات التي تستخدم فيها وأماكن استخدامها. في حين أن تزويد إسرائيل هذه الزخائر لم ينطو على ما يبدو على أي شروط بدليل أنها تستخدم في الاغتيالات وفي قصف الأماكن المدنية من مثل ما تتعرض له الضاحية الجنوبية لبيروت وبعض مناطق الجنوب والبقاع.
على ان تزويد واشنطن إسرائيل منظمة "ثاد" الصاروخية الأميركية المضادة للصواريخ البالستية وصلت الى اسرائيل في عز حاجتها إليها، (وان كانت طواقم اميركية ستديرها مباشرة) نظرا الى تقلص مخزونها من الذخائر لمنظومتي "مقلاع داوود" و"القبة الحديد"اللتين استزفتهما صواريخ المقاومة وغيرها. ولذلك جاءت منظومة "ثاد" لتعوض الإسرائيليين هذا النقص وتطمئنهم بالتزامن مع الاستعداد لتوجيه الضربة المنتظرة لإيران.
الرد على اغتيال نيلفروان
ويعتقد المصدر الديبلوماسي "أن إيران ومحورها يتصرفان الآن على قاعدة "إذا ما كبرت ما بتصغر" وهما يستعدان للمواجهة والدخول فيها بقوة لأنهما يعتقدان ان احتمال النصر في هذه الحال يكون كبيرا،في حين أن الدخول فيها بضعف وتردد قد يؤدي إلى الهزيمة. ولكن المحور يعول على الاستفادة من تهور نتنياهو في معركة كبيرة من هذا النوع لن تقتصر المواجهة فيها على لبنان وحده وإنما على إيران والمنطقة برمتها. ويستدرك المصدر ليقول "أن الامور لم تخرج بعد عن السيطرة فالهجوم الإيراني الانتقامي الأخير اعاد إيران إلى موقع القوة وهي بدأت الآن التحضير للرد على إغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني في لبنان عباس نيلفروشان الذي كان الى جانب السيد نصرالله يوم اغتياله. وبالتالي باتت إيران في موقع متقدم وهي مرتاحة في هذا السياق وسترد في الوقت المناسب على اغتيال نيلفروشان لاراحة حزب الله ودعمه في التصدي للعدوان الإسرائيلي مثلما أراحته في هجومها الأخير الذي مكنه من التقاط الأنفاس واستعادة زمام المبادرة في الميدان بعد الإرباك الذي أصابه اثر اغتيال امينه العام.
وعندما يُسأل المصدر الديبلوماسي: هل ستلجأ إيران للرد على اغتيال نيلفروشان اخذة بالمثل القائل: أحسن خطة الدفاع هي الهجوم"وذلك قبل الرد الإسرائيلي المرتقب على هجومها الاخير؟ يجيب: "كل الاحتمالات واردة قبل هجوم نتنياهو المنتظر على إيران أو بعده".