ميقاتي في جردة حساب .. هل أخطأ؟

كتبت المحامية ميرفت ملحم: في جردة حساب داخلية للواقع السياسي اللبناني وعلى مشارف طي عام وبداية عام جديد قد يكون من المفيد العودة بالذاكرة الى جولة على الاحداث التي مر بها لبنان وكيف تعاطى لبنان الرسمي وبخاصة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومجلس الوزراء معها، لعل في الذكرى ما يفتح الاعين والبصائر للتفرقة بين الحق والخطأ والخطيئة خاصة، وان طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الحق دائما منصور وليفتكر ايضا البعض ان دوام الحال من المحال.

Advertisement

تولت حكومة ميقاتي رئاسة الحكومة في آواخر العام 2021 وحتى أواخر العام 2022 لتنتقل بعدها الى حكومة تصريف اعمال حتى تاريخه .استلم ميقاتي كرسيا حكوميا مزنرا بإرث دولة متهالكة مفلسة على كل المستويات ومهددة بالانهيار السريع، حيث كان لبنان يعاني ازمة مالية واقتصادية حادة رزح تحتها البلد منذ العام 2019 نتيجة ثلاثة عقود من السياسة المالية والنقدية السيئة التي قام جزء منها على سياسة الدعم وغياب الخطط الانتاجية والهدر والفساد، بحيث فقدت العملة قيمتها اكثر من 95% مما ادى الى وقوع اللبنانيين تحت ازمة معيشية خانقة نتيجة ارتفاع اسعار المواد الغذائية ونقص الوقود والاختناقات التي حصلت في سلسلة التوريد والعجز عن توفير الخدمات العامة وانهيار قطاع الرعاية الصحية هذا عدا عن انقطاع التيار الكهربائي وموجة الاستقالات والاضرابات في القطاع العام وتدني رواتب الجيش والمؤسسات الامنية. كل ذلك معطوفا على ازمات أمنية عدة خطيرة كحادثة الطيونة وحادثة الكحالة وايضا الاشتباكات التي حصلت في مخيم عين الحلوة وملف التحقيق في انفجار المرفأ وانفجار ملف النازحين السوريين. اضف الى ذلك ربط العمل التشريعي بانتخاب رئيس الجمهورية الذي ما زال معلقا في ذمة اولي نواب البرلمان حيث تعطلت التشريعات والتعيينات العسكرية والامنية والقضائية في ادق مرحلة يمر بها لبنان،عدا عن اهتزاز الثقة بمصرف لبنان المركزي بسبب ممارسات حاكمه السابق رياض سلامة ومؤخرا العدوان الاسرائيلي على لبنان وما خلفه من دمار كبير وخسارة على مستوى البشر والحجر.

بالطبع ما ذكر،عينة صغيرة من التحديات التي واجهها ميقاتي وعمل على معالجتها في ظل حكومة مُنع وزراء فيها من لعب دورهم الوطني، لخلق اعراف دستورية تطيح بصلاحيات رئيس الحكومة. الا انه على ذلك استمر ميقاتي في معالجة ما تيسر بحنكة وحكمة من خلال سلسلة من الاجراءات التي قام بها، منها اقرار خطة التعافي والتوقيع على اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي مشروط بالاصلاحات التي لم تكترث لها حتى الساعة القوى السياسية، واقرار الموازانات في مواعيدها، والاشراف على الانتخابات النيابية، والعمل على الحفاظ على استقرار سعر الصرف وضبط المضاربة في السوق فكان لذلك اثره على دورة الحياة في المؤسسات العامة وقطاعات الخدمات واعادت القطاعات الاقتصادية والتجارية محركاتها ونشطت قطاعات الانتاج اللبناني المحلي. وفي ملف الكهرباء استطاع ميقاتي الاستحصال على دعم عراقي وجزائري من الوقود كما وقع ميقاتي مؤخرا رسالة كانت تمت صياغتها مع البنك الدولي في اطار دعم خطة الكهرباء التي وضعت عدا عن مشروع الطاقة المتجددة .كما وجه ميقاتي كتابا الى رئيس هيئة التفتيش المركزي لاجراء التحقيق بموضوع انقطاع الكهرباء الذي حصل مؤخرا، وفي الملف القضائي حرص ميقاتي على استقلالية القضاء ومنع التدخلات حيث وقع مشروع قانون برفع الحصانات عن الجميع على خلفية انفجار المرفأ، اما على المستوى الامني لم يوفر جهدا لتقديم كل مستويات الدعم للمؤسسات الامنية والعسكرية. كما وضع حكومته خطة عمل لتنظيم ملف النازحين السوريين اللبنانيين في لبنان. هذا بالاضافة الى حراكه الدبلوماسي المستمر ولقاءاته التي عقدها مع قادة الدول ورؤساء حكوماتها وممثليها من عرب واجانب في اطار العمل على وقف اطلاق النار ودعم لبنان ومواقفه السياسية الحازمة حيال التدخلات الخارجية في لبنان ومواكبته لتداعيات العنوان الاسرائيلي عبر لجنة الطوارئ التي شكلها للغرض.والسبحة تطول .

على ذلك، لا بد من القول ان ميقاتي قد أخطا. أخطأ لانه لم يشارك القوى السياسية في اصطفافاتها، كما أخطأ لانه لم يساوم على مصالح البلد ومصيره. أخطأ ميقاتي لانه لم يعتكف عن آداء مسؤولياته الوطنية. وأخطأ لانه لم يوقع صك وكالة البلد الى اي جهة خارجية. أخطأ لانه لم يحاصص الشركاء في الوطن على صلاحياته وعلى مقدرات البلد .أخطأ لانه لم يدرب ابناء تياره على الوقوف خلف المتاريس. أخطأ لانه لم يعيّن محازبيه في مؤسسات الدولة لتمرير المنافع . وأخطأ لأنه صمت.. ولم يقل كل الحقيقة.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق موعد مباراة الزمالك القادمة أمام سيراميكا كليوباترا في الدوري المصري
التالى طلبة: شيكابالا قادر على الاستمرار في الملاعب رغم محاولات هدمه.. ومواجهة المحلة صعبة