في خطوة متوقعة ولكنها تحمل دلالات كبيرة على طبيعة السياسة الخارجية التي سيعتمدها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في إدارته الثانية، أعلن عن تعيين ريتشارد غرينيل، رئيس جهاز المخابرات الأمريكي السابق، مبعوثًا رئاسيًا للمهام الخاصة.
هذا التعيين، الذي تم الإعلان عنه في 15 ديسمبر 2024 عبر منصة "تروث سوشيال"، يُعتبر خطوة هامة تكشف عن محاور السياسة الأمريكية المقبلة، حيث سيتولى غرينيل إدارة ملفات دبلوماسية معقدة في بعض من أكثر النقاط سخونة في العالم.
غرينيل والمناطق الساخنة
ترامب الذي أعلن عن هذا التعيين على منصته الإلكترونية، وصف غرينيل بأنه "سيعمل في بعض أكثر المناطق سخونة في العالم"، مشيرًا إلى أنه سيتولى ملفات في دول مثل فنزويلا وكوريا الشمالية، في حين أن نطاق مهامه لم يتم توضيحه بشكل كامل.
وبحسب تقارير صحيفة "بوليتيكو"، تشير التكهنات إلى أن غرينيل قد يتعامل مع ملفات أكثر تعقيدًا مثل الأزمة الإيرانية، أو النزاعات في سوريا واليمن، أو حتى قضايا أخرى في مناطق مثل السودان وهايتي.
وفي ظل الاهتمام الواضح من إدارة ترامب بتلك النقاط الساخنة، من المرجح أن يكون دور غرينيل جزءًا من استراتيجية أكبر تهدف إلى تعزيز وجود الولايات المتحدة في مناطق تشهد تحديات أمنية وسياسية بالغة التعقيد.
إذ يسعى ترامب إلى تعزيز تواجد أمريكا على الساحة الدولية، ولا سيما في تلك المناطق التي تشكل بؤر توترات قد يكون لها تأثير مباشر على الأمن العالمي.
تكهنات سابقة وحلول غامضة
قبل إعلان هذا التعيين، كانت التكهنات بشأن دور غرينيل في الإدارة الأمريكية الثانية قد أثارت الكثير من النقاشات.
فقد كانت هناك توقعات تشير إلى إمكانية تعيينه في مناصب رفيعة، مثل وزير الخارجية، خاصة بعد خسارته في السباق لهذا المنصب أمام السيناتور ماركو روبيو، وهو ما أثار خيبة أمل بين العديد من الأصوات في الدوائر السياسية اليمينية.
كما كانت هناك محاولات سابقة لتعيينه في منصب مدير الاستخبارات الوطنية، وهو الدور الذي رفضه غرينيل في وقت لاحق.
وبعد ذلك، بدأت تظهر تكهنات جديدة حول إمكانية تعيينه في منصب مبعوث خاص للملفات الساخنة، سواء في إيران أو الأزمة الروسية الأوكرانية أو في مناطق أخرى.
تأكيد ترامب على دور غرينيل في إدارته القادمة، وخصوصًا عبر منصته الخاصة، يظهر دعمًا كبيرًا لحليفه السياسي، حيث وصفه بـ "النجم" الذي سيشغل "مكانًا مهمًا" في الفريق. هذه الإشارات كانت تلميحًا قويًا إلى الدور الذي سيلعبه غرينيل في السياسة الخارجية الأمريكية.
صراع محتمل مع وزارة الخارجية
من المعروف أن منصب المبعوث الخاص يتطلب موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي، وهو ما قد يفتح الباب أمام بعض التحديات السياسية.
فقد يواجه غرينيل، المدافع الصريح عن سياسات ترامب، معارضة من بعض الأعضاء في الكونغرس، وخاصة أولئك الذين يتبنون سياسة أكثر توافقًا مع المجتمع الدولي، ويخشى البعض أن تؤدي تعيينات مثل هذه إلى تعميق الانقسامات السياسية داخل إدارة ترامب.
من جهة أخرى، قد يؤدي تعيين غرينيل إلى صراع مع وزارة الخارجية الأمريكية بقيادة السيناتور ماركو روبيو، حيث سيكون من غير الواضح كيف ستنسق مهام غرينيل مع أعمال الوزارة.
ووفقًا للقانون الأمريكي، يجب أن يحصل المبعوثون الخاصون على موافقة مجلس الشيوخ، ولكن إدارة بايدن قد تجاوزت هذا الإجراء في بعض الحالات بتعديل أوصاف الوظائف لتفادي تلك العقبات.
مهام غرينيل
مع تعيين غرينيل في هذا المنصب، فإن من المتوقع أن يلعب دورًا محوريًا في تشكيل السياسة الأمريكية في القضايا الدولية المعقدة.
ووفقًا للتركيز الواضح على نقاط الاشتعال العالمية، فإن إدارة ترامب قد تكون بصدد اتخاذ خطوات أكثر حسمًا في مواجهة الأزمات الإقليمية والدولية، وهي خطوة قد تعكس تحولًا في السياسات التي كانت تتبعها الإدارة السابقة.
من المحتمل أن يكون غرينيل، بفضل خلفيته السياسية والعلاقات الوثيقة التي تربطه بترامب، قادرًا على تنفيذ استراتيجيات معقدة تسعى إلى تحقيق أهداف أمريكا في هذه الأزمات.
ولكن في الوقت ذاته، قد يواجه تحديات كبيرة تتمثل في مقاومة من بعض الجهات الدولية والمحلية التي قد ترى في تعيينه تهديدًا للمصالح الأمريكية في بعض المناطق.