بعد مراحلة من التوتر والخلافات بين إثيوبيا والصومال، توصل البلدان إلى اتفاق تاريخي بوساطة تركية، يهدف إلى إنهاء النزاعات وتدشين مرحلة جديدة من التعاون والسلام.
شهدت العلاقات بين مقديشو وأديس أبابا عقبات عديدة، أبرزها الخلافات حول الحدود وقضايا الوصول إلى البحر، مما أثر سلبًا على الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي.
بداية الخلاف بين الصومال وإثيوبيا
الاتفاق الذي وُقّع في الأول من يناير يتيح لإثيوبيا استخدام موانئ أرض الصومال لتأمين وصولها إلى البحر الأحمر، وهو ما يُعد تحركًا استراتيجيًا من أديس أبابا التي لا تملك منافذ بحرية منذ انفصال إريتريا في عام 1993.
ورغم أن الاتفاق يُمثل مكسبًا لإثيوبيا، إلا أنه أثار حفيظة مقديشو التي تعتبر أرض الصومال جزءًا من أراضيها.
في تعليقها على الاتفاق، وصفت الحكومة الصومالية الخطوة بأنها تهديد لمصالحها الاستراتيجية، مؤكدة رفضها القاطع لأي ترتيبات من هذا النوع تتم دون موافقتها.
واعتبرت مقديشو أن الاتفاق يُسهم في تكريس الانقسام ويقوّض الجهود الرامية إلى إعادة توحيد البلاد.
اتفاق صومالي إثيوبي
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في أنقرة، عن التوصل إلى هذا الاتفاق بعد مفاوضات مكثفة استمرت ثماني ساعات.
وأعرب أردوغان عن أمله بأن يمثل الاتفاق خطوة أولى نحو تحقيق السلام والرخاء المشترك بين البلدين.
وفقًا لنص الاتفاق، اتفق الطرفان على "التخلي عن الخلافات والقضايا العالقة" والعمل على تعزيز التعاون الثنائي والتجاري.
كما نص الاتفاق على ضمان وصول إثيوبيا إلى البحر عبر الصومال بشكل "موثوق وآمن ومستدام" تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية.
لضمان تنفيذ الاتفاق، قرر البلدان الشروع في محادثات فنية قبل نهاية فبراير المقبل، تستمر لمدة أقصاها أربعة أشهر، بهدف تسوية القضايا العالقة من خلال الحوار، مع إمكانية دعم تركي إذا لزم الأمر.
تاريخ المفاوضات
كانت هذه الجولة الثالثة من المفاوضات التي تحتضنها أنقرة بعد جولتين سابقتين في يونيو وأغسطس الماضيين، لم تسفرا عن تقدم ملموس.
وتوسطت تركيا في القضية عبر جهود دبلوماسية مكثفة، حيث أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين الطرفين، لتقريب وجهات النظر وضمان الوصول إلى صيغة مرضية للطرفين.
تصريحات الزعماء
أعرب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد عن تقديره لجهود تركيا في التوسط، مشيرًا إلى أن الاتفاق يضمن لإثيوبيا الوصول الآمن والمستدام إلى المياه الدولية، مما سيعود بالنفع على كلا البلدين.
من جانبه، أكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أن الاتفاق يمثل نهاية للخلافات بين البلدين، مشددًا على استعداد بلاده للعمل مع السلطات الإثيوبية لتحقيق تعاون مثمر يعود بالفائدة على شعبي البلدين.
أهمية الاتفاق
يُعد هذا الاتفاق نقطة تحول في العلاقات بين إثيوبيا والصومال، حيث يفتح الباب أمام تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين. كما يعزز الاستقرار الإقليمي في منطقة القرن الإفريقي، التي تعد واحدة من أكثر المناطق حساسية واستراتيجية في العالم.
من جانبه رحب الاتحاد الإفريقي، الخميس، بالاتفاق "التاريخي" بين الصومال وإثيوبيا الموقع بوساطة تركيا في العاصمة أنقرة.