Advertisement
وعلى الرغم من المنشادات الدولية، وفي طليعتها تحذير منظمة اليونيسيف مرارا وتكرارا من تداعيات هذه الضربات الإجرامية، فإنّ عدّاد الشهداء، وخاصة الأطفال استمر في الارتفاع، إذ ما بين تحذير اليونيسيف الاوّل الذي تكلّمت من خلاله عن ارتفاع عدد الاطفال الذين قتلتهم إسرائيل في لبنان إلى أكثر من 100 وبين إعلان وزير الصحة الأخير هناك ما لا يزيد عن شهرين.. شهران كانت إسرائيل جاهزة فيهما لقتل قرابة 210 أطفال، بمعدل استشهاد 4 أطفال بشكلٍ يومي.
316 طفلا ليسوا مجرّد أرقام في تقرير حكومي أو خبر عابر في نشرات الأخبار، بل هم قصص مفقودة، أحلام ضاعت، وحياة لم تُعش. وفي كل طفل منهم كان مشروع مستقبل يختلج داخلهم، بات الآن ذكرى مُغلّفة بالألم.. هذه الأرقام لن تُمحى، لأنّها ليست سوى فصل جديد في كتاب الظلم الذي يدفع الاطفال ثمنه الأكبر، إذ إلى جانب 316 شهيدًا من الأطفال، هناك آلاف الجرحى الذين ينتظرهم مستقبل خطير جدًا. أطفال جرحى، مبتورو الأطراف، يتوجعون، ويحملون ندوبًا لن تكون فقط ندوبًا على الجسد، إنّما ندوبًا نفسية وعاطفية أيضا طُبعت في مخيلتهم، وهذا ما يتخوّف منه مصدرٌ طبيّ أكّد لـ"لبنان24" أنّ غرف المستشفيات كانت تحمل قصصا تدمي القلوب من أطفال فقدوا أعضاءً من أجسادهم، إلى آخرين لا يزالون إلى حدّ اليوم يسألون عن أهاليهم الذين قضوا تحت الركام.. والأبشع من ذلك كلّه هو من بات أسيرا لأصوات القذائف والصواريخ ورائحة البارود.. فكيف يمكن أن يمسح من ذاكرته مشاهد الدمار والدم والركام؟
أيّ جيلٍ سيحمله لبنان إلى المستقبل؟ أطفالٌ ترعرعوا على صوت الانفجارات، كبروا بين ركام البيوت ورائحة البارود، وحملوا على أكتافهم أعباء الحروب قبل أن يشتد عودهم. كيف يمكن لطائرٍ جناحه مكسور أن يحلّق؟ هؤلاء الأطفال، الذين حُرموا من أبسط حقوق الطفولة، هم اليوم مرآة أمةٍ مزّقتها الأزمات، ومستقبل وطنٍ يئن تحت وطأة الغضب والإهمال. لبنان الذي لطالما كان أرضًا للإبداع والإشعاع، يُخشى أن يغدو أرضًا لذكريات موجعة وأجيالٍ تغلي داخلها قنابل من الألم والخذلان. بين الألم الذي يسكن قلوبهم والغضب الذي يملأ عيونهم، تبقى الإجابة عن مصير هذا الجيل مرهونة بإرادة وطنٍ يُعيد الاعتبار لأطفاله، ويمنحهم الأمل بدلاً من الخوف، والأمان بدلاً من الضياع.